قراءة في كتاب “قيم الإيمان والعلم ومشاكل المحيط”

 

صدر عن دار الطباعة والنشر بتونس كتاب “قيم الإيمان والعلم ومشاكل المحيط” للدكتور محمد الهاشمي حمزة، في 288 صفحة من الحجم المتوسط، وهو كتاب متعدد البحوث، ويتكون من تقديم لمفتي تونس الأسبق محمد مختار السلامي، ومقدمة و6 أبواب.

تحدث في الباب الأول عن الإيمان بالله تعالى، وفي الباب الثاني عن الإعجاز العلمي في القرآن، وفي الباب الثالث عن قيم العلم والإيمان، وفي الباب الرابع عن معنى الحياة، والمراحل الخمس لتطور البشرية، والباب الخامس في التعريف بالمحيط الطبيعي، من الناحيتين البيولوجية والإسلامية، وفي الباب السادس، حول سلامة المحيط والمخاطر التي تهدد الطبيعة ومن ثم الإنسانية.

أهمية الكتاب

تتجلى أهمية الكتاب في الظرف الزمني الذي أعد فيه، وهو خطر التلوث البيئي، وارتفاع درجة حرارة الأرض، واتساع ثقب الأوزون، وتأكد الجميع بأن الأرض في خطر بسبب انبعاث ثاني أكسيد الكربون، والجفاف، والأوبئة وغيرها من المظاهر التي تحتاج جهوداً دولية ناصبة.

وقد وصفه مفتي تونس الأسبق محمد مختار السلامي في تقديمه بأنه كتاب “يشرح صدرك ويقوي إيمانك ويدمجك في الكون الذي تحيا فيه”.

يبدأ المؤلف مقدمته بالإجابة عن سؤال حول ماهية المدرسة الإسلامية ونظرياتها وأهدافها؟ وهل المسلمون قادرون على المساهمة في تقدم الحضارة وازدهارها وتحقيق السلم في العالم؟

ويؤكد الكاتب في المقدمة أن حل الأزمة البيئية واستنزاف الثروات أو استخراجها بوسائل مدمرة للبيئة وللصحة في العالم يتطلب الرجوع إلى القيم الروحية التي تدعو إلى عدم الإفساد في الأرض، التي قرنها المولى بمحاربة الله ورسوله، وإلى مقاصد الشريعة الإسلامية، ومنها حفظ الدين والنفس والنسل والعرض والمال، فكل ما يضر هذه العناصر يجب تجنبه من أجل حياة بعيدة عن الضنك المادي والمعنوي والحياتي عموماً.

الإيمان بالله تعالى

في الباب الأول، أجاب المؤلف عن العديد من الأسئلة، مثل كيف نعلم بوجود الله سبحانه، وهل يستطيع الإنسان أن يرى الله تعالى جهرة؟ ولماذا لا يراه؟ وكيف نرد على أنصار الصدفة، والهمجية في تصور خلق الكون والكائنات الحية؟

ويؤكد بأن الله تعالى ليس في حاجة لإيماننا به، بل إن البشرية في حاجة للإيمان بالله سبحانه إذا أرادت السعادة في الدنيا وفي الآخرة، وهي المطالبة بالاجتهاد في كتاب الكون للحصول على الإيمان بالله تعالى بدل إحالتها على الصدفة، أو قوانين ميكانيكية يرفض العقل السليم أن يتجاهلها ويقف عند كيف ولا يتجاوزها إلى لماذا.

ويستعرض شعور الملحدين الذين تحولوا إلى الإيمان وكيف شعروا بالفارق بين حياتهم في ظل الإلحاد وحياتهم في ظل الإيمان، فضلاً عن حياة المؤمنين الحقيقيين الذين قرؤوا الكون على ضوء القرآن الكريم والعكس صحيح.

ويستشهد بالعديد من شهادات العلماء وبعضهم من الحاصلين على جوائز “نوبل” في العلوم المختلفة.

الإعجاز العلمي في القرآن

في الباب الثاني، يجيب الكاتب عن العديد من الأسئلة، منها: كيف تتغيّر عقلية الإنسان حسب الأبعاد الثلاثة؛ الطول والعرض والارتفاع؟ وهل يستطيع الإنسان أن يخرق البعد الرابع وهو الزمان ويسيطر عليه؟

وما الرموز أو الرسوم السبعة التي تعرّف بكل فرد من البشر وتضبط خاصياته؟ وقد نقل عن عالم الفيزياء الكبير د. البشير التركي، وكتابه “لله العلم” الكثير من الحقائق العلمية البيئية، إلى جانب علماء آخرين، كما ساعدته ملكاته اللغوية وإجادته للغات الأخرى على جمع مصار غنية في الموضوع.

القيم الكونية والروحية الخالدة

أسئلة هذا الباب تمحورت حول المصدر الأول للقيم الكونية والأخلاقية الخالدة في القرآن الكريم؟ وكيف نحترم الحياة؟ وما معنى الأمانة التي حملها الإنسان، ومنها الحفاظ على البيئة؟ وكيف وجدنا توافقاً بين القيم الكونية الخمس وأركان الإسلام، ومقاصده الخمسة الأولى؟

المراحل الخمسة لتطور البشرية عبر التاريخ

يستخدم المؤلف أسلوب السؤال والجواب في مباحث الكتاب، وهو أسلوب مهم إذ يعرض الأسئلة الرائجة في الموضوع، حتى وإن كانت من موقف استنكاري، منها كيف بدأ خلق الكون والحياة؟ وما هو الإنسان؟ وما معنى الحياة؟ وكيف بدأ تلوّث الطبيعة وفسادها في المرحلة الخامسة؟ وهي المرحلة الصناعية التي بدأت في القرنين الثامن والتاسع عشر وتكثّفت في القرنين العشرين والحادي والعشرين.

الطبيعة والمحيط

في الباب الخامس، يسهب الكاتب في الحديث عن تصور المحيط في نطاق علوم الحياة والبيئة وتعاليم القرآن الكريم، ويوضّح الكاتب من خلال الصور والرسوم البيانية والهندسية (تخصصه) عناصر الطبيعة والمحيط من أرض وماء وهواء ونبات وحيوان وعلاقة ذلك بالسماء الدنيا والكواكب والغلاف الجوي وتأثيراتها على الأرض، كما يتحدث عن التجمعات السكانية، والمنشآت الصناعية التي أحدثها، وعلاقتها بتلك العناصر والتأثير المتبادل بينها، وكيفية الحفاظ على البيئة أو تلوثها.

سلامة الطبيعة والمحيط

يتحدث الكاتب في الباب السادس والأخير عن المشكلات الرئيسة التي تهدد سلامة الطبيعة والمحيط، وكيف شخّص تلك المشكلات في أربع قنابل عظمى، كما وصفها، وهي الانفجار السكاني أو العمراني، على حد وصفه، والاستهلاك المتزايد والأمراض والأوبئة والأخبار الكاذبة والمضللة أو ما يطلق عليه “التلوث السمعي والبصري”، التي عدها الكاتب من الأضرار التي تصيب الطبيعة والمحيط ولا تختلف عن أضرار الإشعاعات وغيرها، بل جعل الخمر والمخدرات والزنى من أسوأ أشكال التلوّث التي تصيب الطبيعة إلى جانب الأشكال التقليدية الأخرى.

وإن كان من ملاحظة، فهي عدم اتساع التعريف بالكتاب لذكر أمثلته، علاوة على عنوان الكتاب الذي وددت لو كان تحت عنوان “الإسلام ومشكلات البيئة في عصرنا”.

Exit mobile version