الدرس الأول: الانفتاح على الأدلة المخالفة

  نبدأ هنا في تناول الدرس الأول لبرنامج تربوي قرآني لدرس العقيدة لدى النشء، وعنوان هذا الدرس هو الانفتاح على الأدلة المخالفة؛ أي القيام بمرحلة التخلية، وذلك بوضع الأفكار المناهضة والمخالفة لدرس العقيدة موضع المناقشة والتفنيد والنقد، من خلال ميزان العقل، وهذا ما أرساه القرآن الكريم نفسه حينما عرض للعقيدة، وتناول أركانها المتعددة.

     إن انفتاح القرآن على الأدلة المخالفة في درس بناء العقيدة يسمى بـ”القول المنطقي”؛ أي البناء السلبي لدرس العقيدة، لأنه يقوم بالأساس على نقض كل ما يخالف العقيدة الحقة ويهدمه، أي أن تلك المرحلة هي مرحلة الهدم لكل الاعتقادات الفاسدة التي ظهرت لتشوش على الاعتقاد بالحق، فوجب هدمها (بالعقل والوجدان) كي تتهيأ النفس الإنسانية لمعاني الاعتقاد بالحق.

 ويسمى -أيضًا- درس الانفتاح على الأدلة المخالفة بالمعنى الصوفي “التخلية” أي التخلية من كل ما يمكن أن يصيب نقاء العقيدة، أو يؤثر في بنائها على الطريقة المثلى في النفس الإنسانية، وهي مرحلة ضرورية؛ فالتربية على الاعتقاد بالحق يشبه عمل الفلاح الذي يقوم بحراثة الأرض لتنقيتها (تخليتها) مما يوجد بها من آفات، وذلك قبل غرس البذور التي يريد، وحتى يضمن سلامة الغرس فإنه يجتهد في مرحلة التنقية وتخلية الأرض من الآفات بكل الطرق والوسائل الممكنة والصالحة لتلك العملية.

   كما يسمى درس الانفتاح على الأدلة المخالفة بالمعنى الفقهي بـ”الترك”؛ أي ما يجب على الإنسان أن يتركه في الاعتقاد كي يصح ذلك الاعتقاد؛ فأمر الترك واجب في شأن التربية على الاعتقاد، ويقابله الأخذ باليقين على الاعتقاد الحق، والذي يتحول بعد ذلك دينًا للإنسان يدين به ويخضع له ولأحكامه ومقرراته وقيمه.

    الأهمية التربوية

    إن البدء بهذا الأسلوب –أي الانفتاح على الأدلة المخالفة للاعتقاد الحق- تظهر أهميته في البناء الإيجابي للعقيدة الذي يهتم بغرس العناصر الإيجابية لعقيدة التوحيد في الخلق عند النشء المسلم، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق بصورة عقلية تجعله يستقر في النفس الإنسانية على أسس من الوضوح والاستدلال والفهم.

 ونشير إلى بعض من الأهمية التربوية لدرس الانفتاح على الأدلة المخالفة فيما يلي:

   موضوع الدرس

       نلاحظ من استقراء القرآن أن الأدلة المخالفة التي ذكرها المناهضة لعقيدة التوحيد، تتحدد في أربع مسائل رئيسة:

الأولى: مسألة الإشراك بالخالق أي تعددية الآلهة.

الثانية: مسألة وجود وسطاء في الخلق.

الثالث: وجود أبناء وذرية للخالق.

الرابع: طبعنة الخالق (تجسيده في أحد أشكال الطبيعة والخلق).

يتبع إن شاء الله.

Exit mobile version