مستهلكو النفط متعطشون لإمدادات أوسع .. قناعة في الأسواق بالاتجاه الصعودي للأسعار

واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها بعد توقف قصير وبقي خام برنت فوق 85 دولارا للبرميل، حيث يسجل أعلى مستوى في ثلاثة أعوام، بينما يسجل الخام الأمريكي أعلى مستوى في سبعة أعوام، بسبب تسارع وتيرة الطلب العالمي على النفط الخام والوقود في مقابل توقعات اتساع عجز المعروض النفطي.

وتعود المكاسب إلى نمو وتيرة إحلال النفط الخام بديلا للغاز الطبيعي بعد الارتفاع الكبير في أسعار الأخير وشح الإمدادات، إضافة إلى استمرار تحالف المنتجين في “أوبك +” في فرض قيود على المعروض وإجراء زيادة شهرية محدودة في الإمدادات، بينما يتعطش المستهلكون إلى إمدادات أوسع لتخفيف وتيرة الأسعار المرتفعة.

ويقول مختصون ومحللون نفطيون: إن العقود الآجلة للنفط الخام تراجعت أكثر من أعلى مستوياتها في عدة أعوام مع تأثر المعنويات بسبب سلسلة من التقارير التي تشير إلى أن التعافي الاقتصادي العالمي يتباطأ.

وأشار المختصون إلى أن تقلبات سعرية حدثت في وقت سابق بسبب بيانات تشير إلى انخفاض الإنتاج الصناعي الأمريكي في أيلول (سبتمبر) ما أثر في معنويات السوق وذلك جنبا إلى جنب مع أرقام الناتج المحلي الإجمالي الأضعف في الصين.

وفي هذا الإطار، قال سيفين شيميل مدير شركة في جي إندستري الألمانية، إن أسعار النفط الخام عادت إلى المكاسب بعد توقف قصير بسبب غلبة العوامل الإيجابية الداعمة لمكاسب الأسعار مشيرا إلى قناعة معظم المحللين أن التوقعات على المدى القريب لأسعار النفط الخام لا تزال صعودية.

وأضاف “بينما تتحفظ مجموعة المنتجين في أوبك + على زيادة المعروض النفطي بسبب صعوبات زيادة الإنتاج في بعض الدول نتيجة نقص الاستثمار، نجد في المقابل تغيرا في موقف الإنتاج الأمريكي، وهناك إشارات جديدة إلى أن الإنتاج الأمريكي بدأ في الارتفاع، حيث يستجيب المنتجون للارتفاع السريع في الأسعار خلال العام الجاري”.

من جانبه، ذكر  روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن الإنتاج الأمريكي ظل حذرا من إجراء زيادات جديدة لعدم تكرار سيناريو تهاوي الأسعار الذي حدث في العام الماضي في ذروة جائحة كورونا، ولكن مع استمرار قفزات الأسعار زادت جاذبية العودة إلى زيادة الإنتاج.

وأشار إلى أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية رصدت في تقريرها الشهري عن إنتاجية الحفر، أن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة من المتوقع أن يقفز بمقدار 76 ألف برميل يوميا إلى 8.2 مليون برميل يوميا في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وذلك في أكبر مكسب شهري خلال عام.

ولفت إلى أن توقعات جديدة تشير إلى احتمالية أن يكون فصل الشتاء أكثر دفئا من التوقعات السابقة خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا وتحديدا في الشهر الجاري، وهو الأمر الذي يقلص من توقعات نمو الطلب على النفط الخام مع بقاء توقعات برودة الشتاء الأشد في شهور لاحقة.

بدوره، أوضح ماركوس كروج كبير محللي شركة إيه كنترول لأبحاث النفط والغاز، أن أسعار النفط واصلت تقدمها السريع لتحقق أعلى مستوى إغلاق في سبعة أعوام، ويعود ذلك إلى عدد من العوامل المتداخلة وواسعة التأثير في السوق ولعل من أهمها في المرحلة الراهنة انخفاض الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسة الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط الخام، إضافة إلى قيام المستثمرين بتقييم أزمة الطاقة الراهنة خاصة في قطاع الغاز الطبيعي التي تعصف بالفعل بالأسواق العالمية.

وأشار إلى أن روسيا التي تواجه عقوبات أوروبية وتعاني رغبة دائمة في تحجيم إمداداتها، أصبحت بالفعل هي المتحكم الأوحد في إمدادات الغاز إلى أوروبا، بينما هناك في قطاع النفط الخام التزام واسع من مجموعة المنتجين في “أوبك +” بالتمهل والحذر في زيادة الإمدادات النفطية التي تتطلع إليها السوق والتمسك باتفاق قيود الإنتاج على الرغم من انتعاش الطلب بشكل واسعة، ما أسهم – نوعا ما – بدوره في تفاقم أزمة الإمدادات الحالية في أسواق الطاقة.

من ناحيتها، ذكرت  مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة أجركرافت الدولية، أن انخفاض المخزونات النفطية بشكل لافت يزيد من تشديد السوق المتوقع خلال الربع الرابع من العام الجاري، كما أن ارتفاع أسعار الطاقة يضر بالإنتاج الصناعي في أوروبا وآسيا.

وأشارت إلى تزامن أزمة الطاقة – التي نجمت عن نقص الغاز الطبيعي والفحم – مع انتعاش في الطلب في الاقتصادات الرئيسة في أعقاب انحسار المخاوف من تداعيات أزمة جائحة كورونا العالمية.

ونوهت إلى أنه بحسب عديد من التقارير، فإنه من المتوقع أن تظل أسعار النفط الخام عند مستويات مرتفعة للفترة المتبقية من العام الجاري، لافتة إلى بيانات تؤكد أن مصافي النفط في آسيا تعمل على رفع معدلات التشغيل ويرجع ذلك جزئيا إلى زيادة الطلب من قطاع الطاقة على المنتجات البترولية مثل زيت الغاز وزيت الوقود.

ولفتت إلى امتصاص الطلب المحلي معظم زيادات الإنتاج، كما أنه لا يوجد أي مؤشر على أن روسيا تخطط لزيادة الشحنات إلى أوروبا، وبالتالي ستبقى أزمة الطاقة – على الأرجح – ممتدة في أوروبا والولايات المتحدة.

من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط بالسوق الأوروبية أمس لتستأنف مكاسبها التي توقفت الإثنين عند أعلى مستوى في عدة أعوام، حيث يوشك الخام الأمريكي على ملامسة أعلى مستوى في سبعة أعوام، وخام برنت أعلى مستوى في ثلاثة أعوام، حيث لا تزال التوقعات تشير إلى حدوث اتساع في عجز المعروض خلال الربع الأخير من هذا العام في ظل تسارع وتيرة الطلب العالمي على الوقود.

وارتفع الخام الأمريكي بنسبة 1.5 في المائة إلى مستوى 83.52 دولار، من مستوى الافتتاح عند 82.28 دولار، وسجل أدنى مستوى عند 82.08 دولار، وصعد خام برنت نحو 1.1 في المائة إلى مستوى 85.08 دولار للبرميل، من مستوى الافتتاح عند 84.22 دولار، وسجل أدنى مستوى عند 83.86 دولار.

وعند تسوية الأسعار الإثنين، فقد الخام الأمريكي نسبة 0.25 في المائة، في أول خسارة في غضون الأيام الأربعة الأخيرة، بفعل عمليات تصحيح وجني أرباح، بعدما سجل الخام في وقت سابق من التعاملات أعلى مستوى في سبعة أعوام عند 83.85 دولار للبرميل. وانخفض خام برنت بأكثر من 0.9 في المائة، بعدما سجل في وقت سابق من التعاملات مستوى 86.02 دولار للبرميل الأعلى منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2018.

وارتفعت أسعار النفط على نطاق واسع بالفترة الأخيرة، بفعل تصاعد مخاوف نقص المعروض واتساع العجز في السوق، خاصة بعد قرار تحالف “أوبك +” الأخير، الاحتفاظ بسياسة الإنتاج الحالية دون إقرار أي زيادات جديدة في الإمدادات.

وفي الوقت نفسه، تتسارع مستويات الطلب العالمي على النفط، خاصة مع تزايد وتيرة تحول استخدامات الوقود من الغاز إلى النفط، عقب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي لمستويات قياسية جديدة.

Exit mobile version