9 نصائح تربوية للتعامل مع طفلك العنيد

حتى لا ييأس الوالدان من الوصول إلى نتيجة مرضية مع أطفالهما، أؤكد على أن حيرة الوالدين أمام تربية الأبناء والمعاناة التي يعيشانها مع معايشة نفسية كل طفل على حدة، والتوافق مع شخصيته؛ لصناعة الشخصية الصالحة والمعتدلة التي ينشدانها أمرٌ مسلم به وطبيعي جدًا.

إلا أن الأم والأب حينما يعودان بالذاكرة سنوات معدودةً –إلى الوقت الذي لم يكن لديهما فيه أطفال– لا بد أن يتذكرا الروتين القاتل والفراغ الموحش في حياتهما قبل أن ينيرها وجود طفل أو أكثر.

وحقيقة.. فإن هذا الأمر يمكن أن يجعلهما يرضيان بالأمر الواقع، مهما كان الأبناء مشاغبين، أو مشاكسين، أو عنيدين، أو يعانون من مشاكل نفسية وجسدية وعقلية أيضًا… فالطفل – أولًا وأخيرًا – نعمة يجب شكر الله تعالى عليها، ومن ثم التفكير بأن الطفل لم يكن الله ليرزقنا به فنكون سببًا في إتيانه إلى هذا العالم لنعاقبه، بل لنؤمّن له المرور الآمن في الحياة بعون الله.

سأتحدث في هذا المقال عن بضعة طرائق للتعامل مع طفلك المشاكس/ أو العنيد (كما لا أحب أن أصفه؛ ربما لأن مصطلح العناد يوازي ويرادف مصطلح الكفر في ديننا ولغتنا) حسب ما يوصي خبراء التربية والتعليم من أصحاب التجارب والخبرات والدراسات، وهو مقال موجه لكل مربية تعتزم تربية وتوجيه طفلها الصعب/ أو العنيد بطريقة لا تضره نفسيًا، وفي ذات الوقت لا تجهد نفسها فكريًا وعاطفيا بدون فائدة.

ولنتفق قبل الدخول في التفاصيل على أن الأمر سيتطلب كثيرًا من الصبر والطاقة والوقت، والهدوء والاستقرار… وأشياء كثيرة نحتاجها تظهر مع الوقت، وأن الابن نعمة وليس نقمة أو عقاب من الله، ولنتفق على أن التوبيخ الدائم والغضب الدائم والرفض الكثير، يصنع شخصية عدوانية أو يبرر للابن الهروب إلى الانحراف !

ليس سراً أن الأمر يتطلب طريقة ذكية وفاعلة، تحدد وتُدرسُ بها التوقعات الخاصة بالروتين اليومي للطفل؛ لكي توضع المهام اليومية القادمة في ضوئها قبل أن تُسلم إلى الأطفال، وتبدأ بفهم عقل الطفل من وجهة النظر التنموية والمزاجية مع التأكيد على وجود الكثير من اللحظات الصعبة في اليوم: مثل فترات الصباح، وأوقات تناول الوجبات وحل الواجبات والخلود إلى النوم… وكثير من اللحظات التي يرفض الأبناء فيها فعل ما يراه الأبوان صحيحًا.

إليك هذه النصائح التي أفادتني شخصيًا، وستفيدك إن شاء الله في تخطّي اللحظات الحرجة خلال التعامل مع الابن العنيد في جميع مراحله العمرية؛ لأن الأدوار لا تتغير مهما تغيرت المرحلة العمرية.

أولًا- امنح ابنك عدة خيارات:

الأبناء ذوو الطبيعة الصلدة، أو العنيدة يفضلون الاستقلالية وأن يكونوا مسؤولين عن أنفسهم ومسيطرين على حيواتهم؛ لذلك فإنني أنصح الوالدين بترك الدفة للأبناء لاتخاذ قرارات صغيرة وغير مصيرية، ودعمهم في اختيار الأشياء اليومية التي لا تؤثر على مستقبلهم ومستقبل العائلة، مثل ألوان ملابسهم، أنواع قرطاسيتهم واحتياجاتهم وأشكال أكوابهم وألعابهم… إلخ.

ثانيًا- تصرف بهدوء وحلم:

أحيانًا لا يكون العناد لدى الطفل جزءًا من شخصيته أو قناعته وإنما هو انفعال وقتي بسبب عدم إدراكه وفهمه لكل ما يحصل، أو لعدم قدرته على تنفيذ ما يؤمرُ به، والنصيحة هنا هي أن تأخذ نفسًا عميقًا –كونك المربي الإيجابي– وتستمع لوجهة نظر الابن وافهم منطقه واطرح الأسئلة التي تساعدك في معرفة أسباب سلوكه.

ثالثًا- افرض بعض القوانين وعاقب من يكسرها:

ببساطة شديدة، فإن وجود القواعد/ القوانين وتعلمها كجزء من الحياة في المنزل، سوف يساعد الطفل على العيش وسط مجتمع منظم بطريقة صحية.

وأسهل طريقة لفرض القوانين هي أن تحدد روتينا يوميًا بدءًا بأداء الواجب المدرسي وتحديد وقت النوم والاستيقاظ، ثم إشراك الأبناء في تحديد القواعد المفروضة مع تقدمهم في السن .

رابعًا- كن قدوة:

الأطفال يقلّدون أكثر مما يستمعون، ويستفيدون من التعامل المتزن أكثر ما يستفيدون من الدروس التي قد يقدمها الوالدان شفاهة، ولذلك يفضل أن تمارس كل ما تود أن يتعلمه طفلك، لا أن تلقنه إياه.

ولكن يمكنك أن تدربه حقيقة على التنفس العميق قبل الانفعال، أن تدربه على الهدوء والتفهّم قبل الرد، وأن تدربه على التعرف على حقيقة مشاعره، بالسؤال عنها وتوضيح حقيقتها له، وتذكر أن التعزيز الإيجابي للطفل -مثل العناق، الابتسامة، أو توجيه كلمات الثناء- يمكن أن يساعدك في قطع شوط طويل .

خامسًا- اسمح لابنك أن يخوض معركته بنفسه:

بقدر محاولة الأب منع طفله عن شيء فإن الابن سيرغب به بشدة، ولذلك فمن الأفضل السماح له بخوض المعركة مبكرًا قبل أن يلجأ إلى تعريض نفس لخطر حقيقي!

سادسًا- ادعم الروتين اليومي بوسائل بصرية:

لأن أدمغة الأطفال تنشغل بالاستكشاف، فلا يستطيعون حفظ قوائم المهام وجداول الأعمال بقدر ما يحفزهم ملصق صغير في مكتبه أو فوق سريره أو الثلاجة، مكتوب فيه/ وقت الاستيقاظ أو جملة تحفيزية للرياضة أو تنبيه ملون لنوع ومكونات الفطور… إلخ. فهذا يزيد من كفاءة ترتيب الطفل لحياته.

سابعًا- امنح وقتًا للاستعداد:

نحن البالغين نرى الانتقال من نشاط لآخر أو من الملعب إلى الحصة أمرًا عاديًا سهلاً، بينما يراه الطفل مهمة ثقيلة يصعب تنفيذها مباشرة فيعاند؛ لأنه لم يستوعب الأمر المباشر بالانتقال، والنصيحة هنا أن يعطي المربي لمحة أو إشارة إلى أن الوقت ينفد، وعلى الابن الاستعداد للانتقال إلى المرحلة اللاحقة بعد خمس دقائق مثلًا.

ثامنًا- أعط تعليمات محددة:

حين تكون تعليماتك أو طلباتك من الطفل عامة فإنه لا يستوعب كيف وبم يبدأ وما الذي سينجزه بالتحديد، لذلك ينصح المربي بأن يكون محددا في طلباته، فلا يطلب من الطفل أن ينظف غرفته؛ لأنه لن يستوعب أن تنظيف الغرفة يشمل كل ما يخطر ببال المربي؛ بل يجب أن يعطى الطفل أمراً محددا فيقال: اجمع ألعابك، أو: رتب ملابسك، أو: اجمع المهملات عن الأرض… إلخ.

تاسعًا- اسمح لابنك بالاختيار:

يحتاج الطفل أن يشعر بنفسه قويًا ومستقلًا؛ ولذلك سيواجه المربي صراعات السلطة طوال الوقت، ويحل ذلك بطريقة توجيه الخطاب للابن؛ فبدلًا من أن نأمر: “حان وقت استحمامك/ حان وقت نومك/ اذهب للتمرين… إلخ” يمكن أن تكون لطيفة فيها مساحة للاختيار والحب حين تقول: “هل يناسبك اصطحاب ألعابك أم كتبك خلال الاستحمام أو التمرين/ أو: هل ستنتهي في خمس دقائق؛ لأن الساعة تقترب من ساعة نومك” وجه الابن بشكل غير مباشر واترك له الاختيار بأن يقود مهماته!

أخيرًا

الطفل العنيد، طفل صلدٌ، راسخ، حازم، حاسم، عازم، وعاطفي… وتلك صفات جميلة جدًا، قد يكون الموقف الصارم للطفل نوعًا من التحدي وإثبات الذات، ولذلك فإن واجب المربي أن يكتشف الابن بالصبر والاتساق ويساعده ليصبح كائنًا مرنًا، ومستقلًا وحر التفكير!

لا تعجز أمام طفلك العنيد؛ لأنه يمكنك بحكمتك أن تحوله إلى شخصية ممتازة ذات سمات عظيمة تلهم الآخرين !

——-

* المصدر: بصائر تربوية (بتصرف يسير).

Exit mobile version