المواطنة والمشاركة في الانتخابات الألمانية 2021

                      

إن الدين الإسلامي الحنيف القائم على الدستور الإلهي والرحمة الربانية جاء ليسند الفطرة الموجودة في نفوس البشرية (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) (الروم جزء من الآية 30)

 ومن خصال هذه الفطرة حب الأوطان، وهذا الأمر يشترك فيه كثير من الكائنات فالطير مثلا يحن لمكانه وعشه والأسد لعرينة وكل مخلوق إلى مخدعه ومأواه وتلك حكمة الله في خلقه وفطرته…

ونحن في بلاد المهجر لكل منا اليوم موطنان.

الأول: موطنه الذي ولد فيه فهو كما يقال مسقط رأسه وذكريات طفولته ومراحل دراسته ومنهل ثقافته وماضي آبائه وأجداده.

الموطن الثاني: هو الموطن الذي نعيش فيه ويجد الإنسان فيه كرامته ودواءه وغذاءه وأمنه ومستقبل أولاده.

وهذه الحالة التي نعيشها قد عاشها أفضل الخلق وأكرمهم على الله وهو النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان له موطنان، الأول مكة التي ولد وترعرع فيها وتعلم الحياة والفتوة وعاش فيها أغلب عمره وكان لها أبلغ التأثير في حياته فحين هاجر منها كان يحن إليها ويسأل عنها ولما سمع أصيل يصف مكة لعائشة قال: يا أصيل دع القلوب تقر.

والموطن الثاني المدينة المنورة فقد تعامل معها على أنها موطنه الذي يعيش فيه كما لو لم يكن له موطن قبلها فلم يتنكر لها أو يحيد بل حرص على بناء موطنه الجديد والاهتمام به والدعاء له والحرص عليه ومات فيه صلى الله عليه وسلم …

لذلك يجب علينا أن نشعر ونستشعر انتمائنا لهذا الوطن الذي نعيش فيه وأننا جزء لا يتجزأ منه…

 ومن الواجبات على المسلم نحو موطنه الثاني الجديد ونحن في ألمانيا يعتبر موطننا الثاني:

أولاً: الحفاظ على ديننا وهُويتنا وثقافتنا ولغتنا ودين أبنائنا

فكل مسلم يعتبر هنا دعوة ورسالة قدوة وأمانة سماوية

ثانياً: الحفاظ على هذا الوطن والاهتمام به والدعاء له فهو البلد الذي يحميك ويحفظ كرامتك فحافظ عليه وبالغ بذلك فهو من صلب ديننا يقول تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ) (الرحمن 60).

احرص أخي المسلم أن تكون مثل يوسف محسناً لوطنك ومجتمعك الذي تعيش فيه حتى لمن أساء اليك اعكس النظرة الطيبة في سلوكك وأخلاقك كن صادقاً في عهدك ووفياً بوعدك

قال تعالى على لسان إخوة يوسف؛ (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف جزء من آية 36)، أظهر احسانك بحبك لإخوانك وجيرانك وباحترامك لزملاء عملك.

ثالثاً: أن تمارس حقك السياسي والديمقراطي في رسم صورة ومستقبل البلد الذي تعيش فيه وفي صناعته فقد يتغير مستقبل مدينة أو ولاية إلى أحسن مما هي عليه بإرادة الناخبين هناك من يسعى للتعايش واحترام الآخر وهناك من يسعى للعنصرية والتفرقة …

ونحن مقدمون على انتخابات، شارك بجدية وأخص ـ حملة الجنسيات ـ وكن جزء من هذا المجتمع ولا تستهين بصوتك وصوت عائلتك لأن له أثر لا تقف الموقف السلبي موقف المتفرج والمشاهد عن بعد فأنت جزء من المجتمع كن إيجابي بممارسة حقك الانتخابي.

أدعوا الجميع للمشاركة في الانتخابات وتفعيل دورهم في المجتمع.

فإلى كل من غادر وطنه… أحسن إلى الوطن الذي احتضنك فلعل فيه قبرك، ومنه يكون مبعثك، وعلى ترابه تتناسل ذريتك ويبقى اسمك..

وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــ

إمام وخطيب مسجد السلام بمدينة مونستر ـ ألمانيا

المشرف على مسابقة المانيا الدولية للقرآن الكريم.

Exit mobile version