د. شفيق الغبرا: المقاومة الفلسطينية صنعت توازناً عسكرياً ووضعت الكيان الصهيوني في موقف صعب

 

هذا الحوار أجرته “المجتمع” مع د. شفيق الغبرا، يرحمه الله، في يونيو الماضي، بعد معركة “سيف القدس” بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية في غزة، وذلك عبر الهاتف من أمريكا أثناء فترة علاجه هناك، نعيد نشره الآن.

أكد أستاذ العلوم السياسية والمفكر الكويتي د. شفيق الغبرا أن بسالة المقاومة في كل فلسطين أعادت الروح للقضية الفلسطينية في كل مكان، وهذا يؤشر إلى بداية طريق جديد للنضال ضد الاحتلال الصهيوني، مشيراً إلى أن المقاومة استطاعت أن تحقق نوعاً من التوازن العسكري، وجعلت الكيان الصهيوني في موقف صعب.

وأضاف د. الغبرا، في حوار مع «المجتمع»، أن الولايات المتحدة لا تمتلك مشروعاً واضحاً تجاه القضية الفلسطينية، مؤكداً أن الإدارة الجديدة للرئيس «جو بايدن» وضعت القضية الفلسطينية على الرف إلى أن فوجئت بالأحداث.

وأرجع المحلل السياسي الكويتي التغير في الموقف المصري هذه المرة من العدوان على غزة إلى معرفة مصر بأن «إسرائيل» تعمل على تطويقها أفريقياً من خلال «سد النهضة».

أولاً، نرحب بكم دكتور في هذا الحوار، وبداية نريد أن نتعرف على نظرتكم للحراك الفلسطيني الذي جعل من المقاومة سداً منيعاً أمام محاولات الاحتلال الصهيوني اقتحام حي الشيخ جراح بالقدس.

صواريخ «حماس» التي وصلت “تل أبيب” والقدس الغربية وبقية فلسطين أنزلت كل «الإسرائيليين» إلى الملاجئ

– أهلاً ومرحباً بكم وبمجلة «المجتمع»، فرحة الشعب الفلسطيني بوقف إطلاق النار هي فرحة بتحقيق انتصار تجلى في توحيد الشارع الفلسطيني، ثم صمود غزة وقدرتها على الرد العسكري، والكشف عن عجز الكيان الصهيوني في التعامل مع نشطاء القدس وحراك مناطق عام 1948م والضفة الغربية. 

من خلال بسالة المقاومة في كل فلسطين، عادت الروح للقضية الفلسطينية في كل مكان، وهذا يؤشر إلى بداية طريق جديد للنضال ضد الاحتلال الصهيوني. 

وقد تجلى الموقف الفلسطيني أيضاً في الوحدة التي ظهرت في فلسطين من بحرها إلى نهرها.  

فعلياً، استطاعت المقاومة أن تحقق نوعاً من التوازن العسكري، وجعلت الكيان “الإسرائيلي” في موقف صعب، الصواريخ التي أطلقتها “حماس” وفصائل المقاومة ووصلت إلى تل أبيب والقدس الغربية وبقية فلسطين أنزلت كل “الإسرائيليين” إلى الملاجئ.

ما أهم ما يميز هذه المرحلة من وجهة نظركم؟

– ما يميز هذه المرحلة في فلسطين هو انكشاف التطرف الصهيوني بجنونه وأساطيره أمام الرأي العام العالمي، وأمام قطاع ليس صغيراً من الشبان اليهود في الولايات المتحدة. 

حالة الانكشاف لحجم التطرف الصهيوني فتحت الباب للوعي وللتضامن مع غزة والشيخ جراح والأقصى والقدس وغزة وفلسطين؛ ففي هذه المواجهة مع دولة الاحتلال بدأت الأساطير الصهيونية تهتز، فلا هم ابتاعوا فلسطين، ولا الفلسطينيون هجروا أنفسهم بأنفسهم، ولا السلام مع العرب له عمق أو استمرارية بدون الفلسطينيين، ولا الصهيونية عاقلة بينما الفلسطينيون متطرفون، كشفت الأحداث كم انحرفت “إسرائيل” نحو التيارات الدينية اليهودية، فما تقوم به دولة الاحتلال في الأقصى والشيخ جراح فيه أكوام من التعصب الديني و”الداعشي” اليهودي، هذا الكيان لم يعد مكوناً من طرف واحد، بل من يمين ويمين أشد منه يمينية، ومن متطرفين مغالين يريدون إقامة مملكة خيالية فوق المسجد الأقصى.

لقد وصلت “إسرائيل” لمرحلة اعتقدت أنه بالإمكان بناء السلام مع العرب مع الاستمرار في الحصار والاستيطان والاضطهاد، واستباحة القدس وحصار غزة والإمعان في “الأبارتهايد”، هذا الاعتقاد الذي شجعه الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترمب” اهتز من جذوره بسبب حراك النشطاء في كل فلسطين من البحر للنهر، وبسبب صمود غزة ودورها.

نتنياهو” خاض المعركة على أمل تحسين صورته أمام ناخبيه لكن ما حدث ارتد عليه وجعل موقفه أصعب”

هل تعتقد أن موقف رئيس الوزراء الصهيوني “نتنياهو” قد اهتز في الداخل؟

– نعم بكل تأكيد، أجد موقف «نتنياهو» قد اهتز لطبيعة الانفجار الذي حدث والمعركة التي خاضتها المقاومة بكل بسالة والتي لم يكن «نتنياهو» يتوقعها، خاصة في ظل الدعم الأمريكي؛ لذا سيجد «نتنياهو» صعوبة في بناء نفسه مرة أخرى بالداخل، فقد خاض المعركة على أمل تحسين صورته أمام ناخبيه، لكن ما حدث ارتد عليه مرة أخرى، بل وجعل موقفه أصعب من السابق.

برأيك، كيف ترى الموقف الأمريكي من هذه الأحداث؟

– الموقف الأمريكي نتاج رد الفعل العالمي لشعوب العالم، فهناك في العالم حراك كبير يخرج ليعبر عن التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته، وهناك قناعة أصبحت مترسخة بأن «نتنياهو» والمستوطنين لا يريدون السلام، وإنما يريدون كل الأرض من غير سكان، وبالتالي أصبح هناك وعي لدى شعوب العالم بمدى الظلم الصهيوني، وقد وصل هذا الوعي لقطاعات من شبان وشابات الحزب الديمقراطي، كما ازداد هذا الوعي لدى أعداد من اليهود صغار السن في الولايات المتحدة، هناك شيء جديد في الأجواء ويجب أن نلتقط أبعاده.

من جهة أخرى، لا أرى أي مبادرة أمريكية جادة خارج مجال تثبيت وقف إطلاق النار، وربما السعي لطرح إعادة البناء في غزة.

الولايات المتحدة لا تمتلك مشروعاً واضحاً تجاه القضية الفلسطينية، لنتذكر أن الإدارة الجديدة للرئيس “جو بايدن” وضعت القضية الفلسطينية على الرف إلى أن فوجئت بالأحداث.

نعم، “نتنياهو” من الممكن أن يكون عبئاً على الإدارة الأمريكية، لكن السؤال: ما المشروع الأمريكي للتعامل مع الأحداث خلال الفترة القادمة إذا ما شكل عبئاً عليها؟ في النهاية لا بد من الاستمرار في الحراك الوطني الفلسطيني.

وفي رأيي ستكون الإدارة الأمريكية آخر المنضمين إلى طريق الحق والعدالة في فلسطين.

الموقف الكويتي مشرف وهو مرتبط بموقف الحكومة الذي يعبر عن تضامنه الدائم مع القضية الفلسطينية

كيف ترى موقف الدول العربية في هذه الأحداث؟

– أجد أن هناك بعض الدول العربية التي عبرت عن موقف صريح ومساند للمقاومة الفلسطينية، كما أن عدة دول عربية منها مصر وقطر والكويت تحركت بهدف الضغط على الإدارة الأمريكية لفرض وقف إطلاق نار.

التحرك المصري كان مختلفاً هذه المرة عن عام 2014م عندما ضربت “إسرائيل” غزة، وهذا يعود لمعرفة مصر بأن “إسرائيل” تعمل على تطويقها أفريقياً من خلال “سد النهضة”.

لكن اللافت للنظر في الوقت نفسه ليس الدول، بل الشعوب العربية، فالحراك العربي المتضامن الذي انطلق من شوارع عدة، في مقدمتها الشارع الكويتي والشارع المغربي وغيرهما وبلا استثناء كل العرب شعروا بروح ونموذج جديد ينبثق أمامهم بسبب مدرسة النضال والمقاومة التي تجلت في فلسطين.

وجاء التضامن من كل مكان حتى من الدول التي طبّعت مؤخراً مع الكيان الصهيوني، فالشعوب العربية ما زالت حية.

برأيك، كيف ترى الموقف الكويتي من القضية الفلسطينية؟

– الموقف الكويتي دائماً مشرّف، وهذا هو لسان حال الشعب الكويتي الذي خرجت جموعه إلى «ساحة الإرادة»، منددين بما يقوم به الاحتلال الصهيوني، ورافضين للتطبيع مع حكومة الاحتلال، وهو موقف أيضاً مرتبط بموقف الحكومة الكويتية الذي يعبر عن تضامنه الدائم مع القضية الفلسطينية، وهذا الموقف ليس بجديد؛ فعندما دعيت الكويت إلى مؤتمر البحرين الذي يدعو إلى التطبيع رفضت المشاركة، وكان هناك العديد من الساسة الكويتيين الذين رفضوا حضور ممثلي الاحتلال في الكثير من المنتديات والمؤتمرات الدولية.

Exit mobile version