ارتفاعات قياسية بإصابات كورونا.. إندونيسيا تعود للإغلاق وتكثّف التطعيم

بعد مداولات دامت أياما، قررت الحكومة الإندونيسية العودة إلى إجراءات الإغلاق الجزئي بتقييد النشاط الاقتصادي والاجتماعي لعشرات الملايين من سكانها في أقاليم جزيرتي جاوا وبالي.

وعادت الحكومة إلى الإغلاق في ظل ارتفاعات غير مسبوقة في الإصابات بفيروس كورونا بجزيرتيها حيث يعيش 57% من السكان.

وتمتد إجراءات الإغلاق الجزئي حتى العشرين من الشهر الجاري، وقد تشمل مناطق أخرى خارج الجزيرتين، في ظل تحذيرات من تزايد مؤشر الإصابات والوفيات خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

مشاهد مأساوية

يأتي هذا الإغلاق بعد أسبوعين من تعمق الأزمة الصحية، إذ تواجه المشافي تحديات استثنائية بعد أن باتت إندونيسيا في مقدمة دول العالم من حيث عدد الإصابات الجديدة، والثانية بعد روسيا من حيث الوفيات اليومية، وسجلت السبت وحده نحو 28 ألف إصابة، و493 وفاة.

وتناقل مغردون إندونيسيون رسائل وداع من مصابين بفيروس كورونا لأهلهم، خاصة مع ارتفاع نسبة الوفيات الأيام الماضية.

وبسبب اكتظاظ المستشفيات لدرجة لم تشهدها إندونيسيا منذ عقود، لم يجد الكثير من المصابين أسرّة فارغة في عشرات المدن والمناطق، بحسب تحالف سجلات كوفيد الأهلي الذي يضم أطباء ومهنيين وصحفيين.

ووثّق التحالف وفاة 265 شخصا في منازلهم بسبب عدم القدرة على الحصول على رعاية طبية بالمشافي والمراكز الطبية خلال الشهر الأخير.

وتفاوتت نسبة إشغال المستشفيات بالعاصمة جاكرتا وأقاليم جاوا وخارجها بين 85% و100% خلال الأيام الماضية.

ولجأت بعض المستشفيات للإعلان عن وقف استقبال المرضى ليوم أو لعدة أيام مثل مستشفى جيمور ساري الإسلامي بمدينة سورابايا، الذي أعلن الأحد وقف استقبال المرضى ليومين.

وعبر تحالف كوفيد الأهلي عن أسفه لهذه الإجراءات، منتقدا نفي مسؤولة بوزارة الصحة إنهيار المنظومة الصحية في بلادها، وطالب المسؤولين بالشفافية وتوصيف الوضع على حقيقته، وذلك بعد أن أنكرت الوزارة توصيف ” الأزمة في المنظومة الصحية” الذي استخدمه التحالف الأهلي المختص بالوباء.

نفاد الأكسجين

وفي وقت بدأت فيه بعض المشافي تفقد مخزونها من الأُكسجين، يواجه ذوو المرضى صعوبة في شراء أسطواناته من السوق، حيث النقص الواضح في أعداد الأسطوانات المعروضة للبيع والاستبدال وبأسعار مرتفعة لا يقدر على تحمّلها الكثيرون.

وفي ظل اكتظاظها، حذّر ناشطون وأطباء من نفاد الأوكسجين في مستشفيات كساردجيتو بمدينة جوغجاكرتا، حيث توفي 63 مريضا خلال 24 ساعة بعد نفاد الأكسجين الذي بدأ بالتناقص منذ السبت وحتى صباح الأحد. وقد سجل إصابة 222 من العاملين بالمستشفى نفسه خلال شهر واحد.

تطعيم 10% بالجرعتين

وتسعى الحكومة إلى رفع عدد الحاصلين على لقاحات كورونا يوميا. وكان وزير الصحة بودي غونادي قد تحدث عن الوصول إلى أرقام قياسية في التطعيم بحقن مليون و300 ألف مواطن السبت الماضي.

ويعد إعطاء اللقاح تحديا كبيرا في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 270 مليون نسمة، ويعتبر رابع أكبر بلدان العالم سكانا.

وحسب وزارة الصحة، فإنها استطاعت سابقا الوصول إلى نحو 500 إلى 700 ألف جرعة يتم حقنها في يوم واحد، لكنها تخطت هذا الرقم.

وبدل سياسة إغلاق الأنشطة الاقتصادية، تسعى السلطات إلى تشجيع الناس على أخذ اللقاحات، لكن الأرقام الرسمية تشير إلى أن نحو 14 مليون مواطن فقط تلقوا جرعتي اللقاح. في حين ينتظر أكثر من 30 مليونا الحصول على الجرعة الثانية حتى الأحد.

وهذا يعني أن أقل من 10% حصلوا على الجرعتين من مجموع 181 مليون شخص تجاوزوا سن 18 من عمرهم، والذين يشكلون 70% من السكان. ويضاف إلى ذلك الملايين من الفئة العمرية 12-17 سنة.

وحسب وزارة الصحة، تحتاج البلاد إلى 426 مليون جرعة بزيادة شحنات احتياطية تقدر بنسبة 15% على عدد من يتم تطعيمهم مرتين حسب معايير منظمة الصحة العالمية.

ويعيد أستاذ علم الأوبئة بجامعة إندونيسيا باندو ريونو سبب ارتفاع الإصابات بالعاصمة إلى اجتماع سلالات الفيروس المختلفة من العالم، بما فيها الأولى وسلالة الدلتا الهندية وغيرهما.

وفيات الأطفال

ورغم الجدل الطبي بخصوص تطعيم الأطفال عالميا، قررت الحكومة تطعيم الفئة العمرية ( 12-17 سنة) بعد صدور إذن استخدام طارئ للقاح سينوفاك الصيني من قبل هيئة مراقبة الأغذية والأدوية الإندونيسية، وبعد إجراء المرحلة الأولى والثانية من الفحوص الطبية.

ومن جانبه قال الرئيس جوكو ويدودو “من الآمن البدء بإعطائهم هذا اللقاح ضمن حملة التطعيم في البلاد”.

وبدأت منذ بضعة أيام فعلا عمليات تطعيم تلاميذ المدارس من سن 12-17 سنة، في جاكرتا ومدن أخرى. وقد دعا حاكم العاصمة أنيس باسويدان أولياء الأمور لتشجيع أبنائهم على أخذ اللقاح بالمدارس، مشيرا إلى أن الموجة الحالية طالت بشكل واسع من هم دون 18.

وحسب بيانات وزارة الصحة فإنه من بين مليونين وربع المليون إصابة مثبتة مخبريا منذ بدء الوباء، سجل 10% منها بين من هم دون سن 18.

وكانت نقابة أطباء الأطفال قد حذرت مبكرا من أن نسبة الوفيات بين الأطفال المصابين بكورونا في البلاد هي الأعلى في العالم هذه الأيام، حيث تتراوح ما بين 3-5% من مجموع الوفيات.

وقال رئيس النقابة أمان بولونغان إن واحدا من كل 8 إصابات بالفيروس هي بين الأطفال والمراهقين، أي بنسبة 12.3% من مجموع الإصابات.

Exit mobile version