مسلمو ميانمار يشاركون في الحراك الرافض للانقلاب

في ظل الحراك المناهض للانقلاب في ميانمار، أعلن مثقفون وطلبة وقيادات جمعيات ومنظمات مسلمة في ميانمار وفي المنفى تشكيل “الهيئة الاستشارية متعددة الإثنيات لمسلمي ميانمار”.

نحو 50 مسلماً على الأقل قضوا من بين 840 مدنياً من المتظاهرين قتلوا خلال 4 أشهر مضت إثر الانقلاب العسكري في ميانمار، حسب مصادر إعلامية لمسلمي ميانمار، فضلاً عن عدد غير محدد من المعتقلين من بين 5529 شخصاً اعتقلهم الجيش أو الشرطة، 4404 منهم ما زالوا رهن الاعتقال.

في واجهة الأحداث

وتشير مصادر المسلمين في ميانمار إلى أنهم لم يكونوا بعيدين عن الحراك المناهض للانقلاب الذي بدأ يتوسع ويأخذ أشكالاً مختلفة، ولأن المسلمين منتشرون في كثير من قرى وبلدات ميانمار، ويتركزون في أحياء وسط المدن حيث متاجرهم ومساجدهم، فإن هذا جعلهم في واجهة الأحداث سواء أشاؤوا المشاركة في الحراك أم ظلوا في منازلهم، كحالة الطفلة المسلمة التي قتلت في حضن والدها داخل منزلها في مدينة مندلاي وسط البلاد.

وقد انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي صور لكثير من القتلى بصفوف الشباب المسلمين خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة مع غيرهم من المدنيين من البوذيين والمسيحيين.

فالحراك المناهض للانقلاب ولّد حالة من الشعور الوطني الواحد سعياً للإصلاح والتغيير السياسي، بل إن كثيراً من المثقفين والناشطين والطلبة وعامة الشباب ممن هم دون سن الـ30 بدؤوا يدركون ما كان يتحدث عنه المسلمون قبل الانقلاب الأخير من تمييز عنصري وسياسات مجحفة بحق المسلمين في مختلف الأصعدة الرسمية ومناحي الحياة العامة.

ومن بين الشباب المسلم الذي قاد حركة الاحتجاجات على العسكر واي مو ناينغ الذي كان رئيساً لاتحاد شبابي في منطقة شينجيانغ، وتحديداً في مدينة مونيوا التجارية المعروفة وسط البلاد، وبعد انتشار صوره وخطاباته وسط المحتجين اعتقله الجيش، في 15 أبريل الماضي.

ثم بث “تلفزيون ميانمار” الرسمي قائمة للتهم التي يحاكم بها الشاب البالغ من العمر 25 عاماً، وقد التقى محاميه الأسبوع الماضي أول مرة بعد شهر ونصف الشهر من اعتقاله، ويحاكمه القضاء بـ10 تهم منها القتل والتحريض والتجمع غير القانوني.

هيئة استشارية عليا لمسلمي ميانمار

وفي ظل الحراك الرافض للانقلاب، أعلن مثقفون وطلبة وقيادات جمعيات ومنظمات مسلمة في ميانمار وفي المنفى تشكيل “الهيئة الاستشارية متعددة الإثنيات لمسلمي ميانمار”، في مسعى لإيجاد تنسيق بين مختلف الهيئات الإسلامية والأقليات الإثنية المختلفة للأقلية المسلمة في ميانمار.

وجاء تأسيس الهيئة لتعزيز إسهام المسلمين -كما قال بيان إعلان هذه الهيئة- في مواجهة الحكم الدكتاتوري العسكري وإزالته جنباً إلى جنب مع مكونات المجتمع الميانماري المتعدد الأعراق والأديان، والسعي لإصلاح سياسي وتحقيق العدالة لكل المسلمين في ميانمار”، ومن ذلك استعادة الحقوق المدنية والسياسية لأقلية الروهنجيا الأكثر عرضة للاضطهاد على يد حكومات متعاقبة للعسكر وواجهاته الحزبية منذ عقود.

ويقصد بمنح الهيئة صفة “متعددة الإثنيات” أن تكون هيئة تنسيقية واستشارية عليا للمسلمين من كل القوميات والإثنيات، لأنهم ليسوا من الروهنجيا فحسب، فهناك مسلمون من أصول هندية يسمون بالباتي، ومن أصول صينية يسمون بمسلمي البانتي، ومن قومية البيشو والكيمين، وهناك أبناء زواج مختلط من أكثر من قومية أو إثنية من قوميات المون والشان والكارين، فضلاً عن المسلمين من قومية البامار الذين يسمون بالزيربداي.

وقد بدأت هذه الهيئة بالتواصل مع العالم الخارجي ومع حكومة الوحدة الوطنية التي أسستها المعارضة الميانمارية الرافضة لحكم العسكر بغرض استيضاح السياسات المستقبلية للمعارضة وقواها المدنية والقومية المختلفة، وكيف سيكون موقفها تجاه الأقلية المسلمة على اختلاف الإثنيات التي تضمها، وذلك بعد تجربة إبعاد المسلمين عن الترشح والمشاركة السياسية في انتخابات عامي 2015 و2020، بما في ذلك من قبل حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بزعامة مستشارة الدولة أونغ سان سوتشي، كما لم يسمح لأحزاب مسلمة أخرى صغيرة بالنشاط انتخابياً.

التفاهم بين قوى المعارضة

وتسعى الهيئة لتنسيق الجهود بين الناشطين المسلمين وغيرهم في المنافي في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة والعالم العربي، ليعملوا معاً على الإسهام مع غيرهم من الميانماريين على اختلاف إثنياتهم ودياناتهم من أجل تغيير سياسي وإيجاد نظام ديمقراطي اتحادي في ميانمار، يتحقق فيه تعديل المواد القانونية والدستورية التي وضعها العسكر وانتزعت كثيراً من الحقوق المدنية والسياسية للمسلمين وغيرهم، كقانون الجنسية عام 1982، وتطمح الهيئة إلى التفاهم بين قوى المعارضة على سنّ قانون جنسية عادل يحفظ للجميع حقوقهم، بعد أن فقد مسلمو ميانمار وبمستويات مختلفة كثيراً من حقوقهم، وعانوا مضايقات في معاملاتهم الرسمية والتجارية والتعليمية المختلفة.

Exit mobile version