النمسا تضع عناوين وهواتف 600 مسجد على الإنترنت كي يستهدفها المتطرفون!

ضمن سياستها العنصرية للتضييق على المسلمين، أقدمت حكومة النمسا التي يقودها التيار اليميني المسيحي المتطرف، على نشر ما أسمته “الخارطة الوطنية للإسلام” على الإنترنت، وتتضمن معلومات عن المسلمين و600 مسجد بما يسمح للمتطرفين العنصريين باستهدافها.

وأدى إعلان وزيرة الاندماج المتطرفة سوزان راب عن موقع إلكتروني جديد اسمه “الخارطة الوطنية للإسلام” يكشف عن أسماء أكثر من 600 مسجد وجمعية وعناوينها وهويات مسؤوليها على الإنترنت لغضب شديد بين مسلمي النمسا الذين اتهموا الحكومة بتوجيه المتطرفين رسمياً لاستهدافهم بعدما جرت اعتداءات عنصرية على المسلمين مؤخراً.

وأعلنت وزيرة الاندماج أنه “يمكن الآن لعامة الناس العثور على أسماء أكثر من 600 مسجد وجمعية إسلاميه تتضمن عناوينها وهويات قادتها وعلاقاتهم المحتملة بالخارج”، زاعمة: “نعمل على فضح أيديولوجيات ما يدور في الفناء الخلفي للنمسا”!

وانتقد ذلك أيضاً أحزاب نمساوية مثل حزب الخضر الذي اعتبر هذه الخطوة تعرض المسلمين بشكل كبير للخطر، ويظهر نية الحكومة اليمينية المتطرف لوصمهم بالإرهاب وتحريض المتطرفين النازيين ضدهم.

ووفقاً للإحصاءات، يقدر عدد مسلمي النمسا بـ8% من السكان البالغ عددهم 8.9 مليون نسمة، أي قرابة مليون نسمة، وتعرضوا لحملة انتهاكات واعتداءات كبيرة في أعقاب هجوم قام به تنظيم “داعش” في فيينا أدى لمقتل 4 أشخاص في نوفمبر 2020م، رغم استنكار مسلمي النمسا له.

وندد مسلمو النمسا بالخارطة واعتبروها “دليلاً على نية واضحة لدى الحكومة لوصم كل المسلمين باعتبارهم يشكلون خطراً محتملاً”، مشيرين لوقوع 1402 هجوم إرهابي عنصري ضد المسلمين خلال عام 2020 فقط.

وفي نوفمبر 2020م، شنت السلطات النمساوية حملة على أكثر من 60 موقعًا قالت: إنه لمؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين و”حماس” في 4 مدن نمساوية، شملت منازل ومقرات ومنشآت تجارية، وقبضت على 30 شخصًا بزعم الاشتباه في انتمائهم، أو دعمهم ماليًا لحركة «حماس» الفلسطينية أو لجماعة الإخوان المسلمين.

ورغم أن السلطات نفت ارتباط هذه الحملة بالعملية الإرهابية التي حدثت في فيينا، في نوفمبر 2020م، وزعمت أن هذا التحرك يأتي نتاج تحقيقات حول أنشطة مسلمين في جمعيات تجمع أموال للمقاومة الفلسطينية، فإن النمسا تشهد حملة حكومية وشعبية عنصرية منذ ذلك الحين.

تأجيج العنصرية

وقد أصدر المجلس التمثيلي للمسلمين بالنمسا بياناً أكد فيه: “إن هذه الخارطة الجديدة لن تؤدي إلى شيء سوى تأجيج العنصرية التي تواصل ارتفاعها ضد المسلمين، المعرضين لمخاطر أمنية كبرى”.

وندد المجلس بـ”استغلال الإنترنت لنشر معلومات خاطئة جزئياً عن المسلمين وتعريضهم للخطر، لربطهم ضمناً بالإرهاب، مشيراً إلى تلقيه اتصالات من العديد من الأشخاص الذين وردت أسماؤهم على اللائحة ويخشون على حياتهم”.

وحاولت وزيرة الاندماج المتطرفة اليمينية سوزان راب تبرير ما فعلته بزعم أن الأمر لا يعني إطلاق «شبهة معممة على المسلمين» قائله: إن الغرض هو “البحث في الخلفيات عن أيديولوجيات تشكك في قيم الديموقراطية الليبرالية”!

وقالت: إن هذه الخارطة هي نتيجة تعاون بين جامعة فيينا ومركز التوثيق حول الإسلام السياسي، وهو هيئة أنشأها العام الماضي تحالف بين المحافظين المتطرفين وحزب الخضر، والأخير فضل لاحقاً النأي بنفسه عن هذه المبادرة.

وقالت فائقة النغاشي، من حزب الخضر: “لم يتم إشراك أو إبلاغ أي وزير أو نائب من حزب الخضر بهذه الخريطة للمسلمين”، وأضافت: “هذا المشروع الذي يخلط بين المسلمين والإسلاميين (المتطرفين) معاكس لما يجب أن تبدو عليه سياسة الاندماج”.

1402 هجوم في عام واحد!

وزاد عدد الهجمات اللفظية أو الجسدية التي تستهدف المسلمين في هذا البلد الواقع في وسط أوروبا، بحسب جمعية مكلفة بجمع تقارير عن العنصرية ضد المسلمين.

وفي عام 2020م فقط جرى إحصاء 1402 هجوم على المسلمين، غالبيتها العظمى على الإنترنت بخلاف هجمات على مساجد وأشخاص، وهو رقم ارتفع بنسبة 33% عن عام 2019م.

وقد انتقد طرفة بغجاتي، ممثل إحدى المنظمات الإسلامية في النمسا، الخارطة وقال: “هل تتخيلون ماذا يمكن أن يحدث لو تم إنتاج مثل هذه الخارطة لليهودية أو المسيحية في النمسا؟”، منتقداً الخلط بين الإرهاب والدين ووصم 8% من سكان البلاد بالإرهاب.

وقال: “هذا أمر مقلق ولقد خاب أملي من هذه الحكومة التي تستعيد برنامج اليمين المتطرف”، منتقداً المستشار النمساوي اليميني المتطرف سيباستيان كورتز الذي يتهم باستمرار ما يسميه “الإسلام السياسي” بالمسؤولية عن العنف في البلاد.

حملة ضد الإسلام لا الإخوان

ورغم إعلان حكومة النمسا المتطرفة أنها تستهدف أفراداً وجمعيات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين وحركة “حماس” الفلسطينية في النمسا بدعوى جمعهم أموالاً للمقاومة في غزة حينئذ، فإن الحملة شملت غالبية المسلمين وزادت من معدل العداء للإسلام (الإسلاموفوبيا).

حيث داهمت الشرطة النمساوية (9 نوفمبر 2020م) أكثر من 60 موقعاً في أربع مناطق مختلفة، قالت: إنه “يٌشتبه بأنها على صلة بجماعة الإخوان المسلمين وحركة “حماس” الفلسطينية”.

وانتهت هذه المداهمات لغلق عدد من الجمعيات الإسلامية والمساجد والمحلات التجارية وتفتيش منازل، وتجميد حسابات بنكية لعدد من المؤسسات والشخصيات ما أدى لصعوبات مالية للأسر المسلمة بسبب نهب الشرطة لأموالها بدعوى أنها أموال ستذهب لـ”حماس”!

وأكد عدد من الحقوقيين أن المداهمات أسفرت عن اعتقال 30 بين أكاديميين ونشطاء بارزين، وإطلاق سراح آخرين.

وروى ناشط مصري نمساوي ما جرى له قائلاً: إنه استيقظ من نومه على رشاشات مصوبة فوق رأسه بعد أن اقتحمت الشرطة منزله في الصباح الباكر.

وتابع: “كان يكفي إرسال رسالة أو الطرق على باب منزلي إذا كانت الشرطة ترغب فقط في استجوابي، لكنهم عاملونا كإرهابيين”.

ويبدو أن اليمين الأوروبي يستغل خطاب العداء للمسلمين والأجانب لتمرير أجندته السياسية.

فقد صرح المستشار المحافظ النمساوي سيباستيان كورتس، عقب هجوم فيينا في نوفمبر 2020م، بأنه “يعتزم محاربة الإسلام السياسي”، الذي يمثل، على حد تعبيره، “عقيدة تشكل خطراً على النموذج الأوروبي للحياة”.

تزامناً مع ذلك الخطاب العدائي، تكشف الإحصائيات عن ارتفاع نسبة حوادث “الإسلاموفوبيا” في النمسا، فقد ارتفعت من 309 اعتداءات عام 2017م، إلى 1051 عام 2019م وفقاً لمنظمة “Dokustelle”.

Exit mobile version