السفينة الجانحة.. تداعيات صادمة ضاعفت أزمة الاقتصاد العالمي

تابع العالم بأسره عن كثب أزمة السفينة الجانحة “إيفرغيفن” التي عطلت حركة الملاحة الدولية في قناة السويس المصرية، ونال الحدث اهتمامًا دوليًا على مدار الأسبوعين الماضي والجاري، نظراً للانعكاس المباشر على سلاسل التوريد وتوقف حركة التجارة العالمية والخسائر الصادمة التي طالت الجميع.

أهمية قناة السويس

القناة يمر بها 30% من حاويات الشحن ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية

تعتبر قناة السويس من أهم ممرات التجارة العالمية حيث يمر من القناة 30% من حاويات الشحن، ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية لجميع السلع، وتربط بين البحرين الأحمر والمتوسط وتمثل شرياناً حيوياً لمرور التجارة العالمية بين آسيا والشرق الأوسط وأوروبا.

ووفق البيانات الرسمية الصادرة عن هيئة قناة السويس، يعبر القناة قرابة 24% من إجمالي تجارة الحاويات العالمية، فيما تستوعب القناة نسبة 100% من تجارة الحاويات المارّة بين آسيا وأوروبا.

كما يعبر القناة حوالي 50 سفينة يومياً، ويتراوح معدل عدد السفن المارة فيها سنوياً بين 17 ألفاً و19 ألف سفينة، وتجاوز عدد السفن المارة فيها 21 ألفاً و400 سفينة في العام 2008، بإجمالي حمولة اقتربت من مليار طن.

ووفق البيانات، عبر القناة ما يزيد على 19 ألف سفينة في 2020، بإجمالي حمولة بلغت نحو 1.2 مليار طن، وذلك رغم تراجع التجارة العالمية جراء جائحة كورونا.

ومنذ افتتاحها عام 1869، شكلت قناة السويس بديلاً للطريق الملاحي القديم بين آسيا وأوروبا، الذي يلتف حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح، ما اختصر مسافة سير السفن بآلاف الكيلومترات، ووقتاً يتراوح ما بين 5-6 أيام.

القناة تستوعب نسبة 100% من تجارة الحاويات المارّة بين آسيا وأوروبا

بالإجمال، تختصر قناة السويس ما بين 25% (للصين واليابان) و80% (لمنطقة الخليج) من وقت وطول رحلات السفن بين الشرق والغرب، في حال سلكت السفن طريق رأس الرجاء الصالح.

ووفقاً لبيانات وكالة “بلومبرغ”، فإن 10% من تجارة النفط، و8% من تجارة الغاز المسال تمر عبر قناة السويس، بينها نحو ثلثي النفط الخام القادم من منطقة الخليج.

بداية الأزمة

صباح الثلاثاء 23 مارس، واجهت سفينة الحاويات “إيفرغيفن” طقساً عاصفاً أثناء سفرها شمالاً في قناة السويس من الصين إلى مدينة روتردام الهولندية؛ ما أدى إلى جنوحها، وسد الممر المائي العالمي.

وبعد عروض دولية من تركيا ودول أوربية وخليجية واستقدام شركات متخصصة دولية، أعلن مستشار الرئيس المصري لشؤون مشروعات قناة السويس والموانئ، مهاب مميش، أمس الإثنين 29 مارس، نجاح تعويم السفينة الجانحة في ممر قناة السويس، بـ”صورة كلية”، وتحركها صوب منطقة البحيرات الكبرى.

تعويم السفينة

عبر القناة ما يزيد على 19 ألف سفينة في عام 2020 بإجمالي حمولة بلغت نحو 1.2 مليار طن

وأفادت هيئة قناة السويس، في بيان صحفي، أمس الإثنين، أن حركة الملاحة عادت تدريجياً إلى طبيعتها، موضحة أن عبور السفن المنتظرة بسبب سفينة “إيفرغيفن” سيستغرق نحو 84 ساعة على وجه التقريب.

وجاء ذلك عقب الإعلان عن تعويم سفينة الحاويات البنمية العالقة، وتحركها صوب منطقة البحيرات الكبرى لأغراض الصيانة الفنية.

والسفينة مملوكة لشركة “شوي كيسن” اليابانية، ومسجلة في بنما، ومستأجرة من شركة “إيفرجرين” التايوانية، ويبلغ طولها 400 متر، وتحمل نحو 220 ألف طن من البضائع.

خسائر عالمية فادحة

لم تصدر أرقام رسمية عن الخسائر التي منيت بها الجهات المختلفة المتضررة من الأزمة لكن قدرت الخسائر العالمية لإغلاق القناة بمقدار 6 – 10 مليارات دولار أسبوعياً، حسب تقرير لشركة التأمين الألمانية “أليانز”.

وذكرت الشركة في تقرير نشر الأسبوع الماضي، أن التوقف يضاعف أسعار النقل والتأمين وتكاليف الإنتاج والوقود، مشيرة إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 6% بعد يومين من الحادثة.

من جهتها، قالت وكالة “فيتش” المالية في مذكرة بحثية، أمس الإثنين: إن إغلاق قناة السويس خسارة كبيرة حتى بالنسبة لشركات إعادة التأمين العالمية.

كما ستتعرض شركات النقل البحري لخسائر ضخمة بسبب رسوم مئات السفن، والتأخر في عمليات التسليم النهائية وتحمل لغرامات تأخير، إضافة إلى التكاليف الإضافية لتعديل المسار وسلوك طريق رأس الرجاء الصالح الذي يضيف 10 آلاف كيلومتر للرحلة الواحدة.

الخسائر العالمية لإغلاق القناة قدرت بـ6 – 10 مليارات دولار أسبوعيًا

و”رأس الرجاء الصالح” هو طريق بحري يقع جنوب غرب دولة جنوب أفريقيا، ويبعد 140 كيلومتراً عن مدينة كيب تاون و2.3 كيلومتر عن كيب بوينت.

خسائر 100 مليون دولار

وصدرت مؤشرات أولية حول الخسائر التي تكبدها النظام المصري حيث فقدت قناة السويس ما بين 12 مليون إلى 14 مليون دولار يوميًا في شكل إيرادات ورسوم عبور وفق حركة الملاحة البحرية، بحسب تصريحات، السبت 28 مارس، لرئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع.

ويعني هذا أن خسائر قناة السويس خلال الأسبوع قد تصل لنحو 100 مليون دولار، مما يؤثر على حصيلة القناة التي تعد أحد أهم روافد العملة الصعبة للاقتصاد المصري.

وخلال العام المالي 2019/ 2020، حققت القناة إيرادات بلغت نحو 5.6 مليار دولار، وفق بيانات هيئة القناة، بانخفاض حوالي 5% عن العام المالي 2018/ 2019.

تذبذب أسعار النفط عالميًا

علاوة على أزمتها المتواصلة قبل أزمة السفينة شهدت أسعار النفط تقلبات كبيرة خلال الأيام الماضية بسبب توقف الإمدادات المارة بالقناة، وتوقف مرور ما يتراوح بين 1.5 مليون إلى مليوني برميل يوميا، أي أن أكثر من 10 ملايين برميل متوقفة بمنطقة القناة.

وظلت أكثر من 370 سفينة تنقل حاويات أو سفن بضائع والناقلات المحملة بالنفط مكدسة على طرفي كلا الاتجاهين في القناة.

Exit mobile version