تصرفات شائعة تصنع مشكلات في العمل

يشكل النجاح بالعمل جزءاً مهماً من النجاح بالحياة، وكيف لا وهو يمنحنا الرضا عن النفس والفرح بالإنجاز ويساعدنا على النجاح بباقي تفاصيل الحياة؟ والعكس صحيح؛ فمشكلات العمل تؤثر علينا بالسلب وتقلل من صبرنا ومن قدرتنا وأحياناً رغبتنا بالتعامل بهدوء خارج العمل مما يعرضنا لمتاعب.

نكشف هنا عن تصرفات تتسبب في مشكلات بالعمل لنتجنبها ولنصبح أكثر فاعلية بالتعامل مع مشكلات العمل الأخرى.

لتنجح بعملك حافظ على مواعيدك بالذهاب وبمغادرة العمل، واهتم بأداء مهامك بالوقت المطلوب، ولا تجهد نفسك لتؤديها قبله؛ فسينظر إليك البعض على أنك مغرور يسعى لإثبات أنه أفضل من الجميع أو متسرع، وقد يضيفون إليك أعباء جديدة ترهقك أو يتوقعون منك الأداء السريع دوماً ولن تستطيعه.

يبالغ البعض بالتودد وبالمديح للرؤساء والزملاء بالعمل لكسب محبتهم وتجنب المشكلات، وهذا خطأ، فالمبالغة بكل شيء تفسده، والود المتصنع يفضح نفسه، ولا نرحب بالمعاملة الجافة؛ فخير الأمور الوسط.

يتوقع البعض أنه بسبب حسن تعامله مع الجميع لن تحدث له أي مشكلات، وهذا غير واقعي؛ فلا بد من وجود مشكلات بالعمل، ومن الخطأ التعامل معها وكأنها كارثة، ونوصي بمواجهتها بهدوء ومعرفة دورنا فيها؛ فالتنازل عن امتيازاتنا يصنع المشكلات ولا يمنعها، وكذلك التشدد بالمطالبة بها وعدم رؤية الواقع -كما هو- للفوز بالأفضل حالياً، ونتنبه للفوز بالباقي لاحقاً. 

ساعد نفسك 

يشكو البعض من عدم حب المدير أو المسؤول لهم، وهؤلاء نهديهم هذه الأسئلة ونود الإجابة عنها بأمانة تامة لمساعدة أنفسهم على إيجاد الحلول المناسبة:

إذا كان مديرك لا يحبك؛ فتوقف وراقب تصرفاتك معه:

هل تسيء معاملته أمام الزملاء؟

هل تتجاهل تعليماته بالعمل؟

هل تتكلم عنه بما يسيء إليه في غيابه؟

هل هناك من يفسد العلاقة بينك وبينه؟

هل لا يثق بك لأنك أفشيت -ولو دون تعمد- أسرار العمل أو كلاماً خصَّك به؟

هل تعتمد على طلب المساعدة من الزملاء ولا تحاول العمل وحدك مما سيدفعهم للشكوى منك كثيراً؟

هل تتعامل معه بتحدٍّ، أو كأنه ليس جديراً بمنصبه؟

وحتى لو كان كذلك، فهل تعتقد أن سوء معاملتك له سيدفع إلى تغييره وتعيين غيره بدلاً منه، أم فقط ستدفعه لإساءة معاملتك وربما لعقابك أيضاً؟

هل يستفيد زملاؤك بالالتحاق بالدورات وزيادة مهاراتهم وتكتفي أنت بما تعلمته سابقاً؟

هل أنت لا تختار الوقت المناسب لإخباره بالأخبار السيئة، أو الكلام معه بأمور مهمة؛ كأن يكون مشغولاً جداً أو مرهقاً أو إثر تلقيه مكالمة مزعجة أو بعد مشاجرة؟

هل تهاجمه عندما لا يلبي طلباً تراه من حقك وتتهمه بالظلم وتواجهه بعنف؟

هل تقوم بإحباطه عندما يتحدث عن خطط طموحه للعمل؟

هل تبدو أمامه بصورة الموظف المتكاسل الذي يحرص على أداء أقل ما يمكنه ليتفادى العقاب والمساءلة؟

هل تبالغ بتقدير أدائك وكأنه إنجاز غير مسبوق أو معجزة؟ من الجيد الدعاية لنفسك ولكن المبالغة تأتي بنتائج عكسية، وتدفعهم للتعامل معك على أنك مغرور ويتجنبونك حتى لو كنت مميزاً.

هل تغالي بالاعتزاز بالنفس وتقلل من احترامك لمديرك أو لزملائك؟ تذكر أن حسن علاقتك بزملائك يشكل جزءاً مهماً من نجاحك المهني ومن علاقتك الناجحة بمديرك ونجاحها بالتعاون معهم، عندما يطلبون ذلك، واحذر من فرض ذلك عليهم والحفاظ على مسافات بينك وبينهم للحفاظ على خصوصيات الجميع ومنع تطفلهم عليك بحزم وبلطف ولا تتطفل عليهم.

هل تكثر من طلب الإجازات كلما شعرت بتعب بسيط أو عند تعرض أحد أفراد أسرتك لأي مشكلة؟

هل ترى أن مديرك وزملاءك يجب أن يتحملوا مشكلاتك الخاصة وتقلبات مزاجك ويتسامحوا مع غضبك؟ وتتناسى أن الجميع لديهم مشكلاتهم وليسوا مسؤولين عن سعادتك وتحسين مزاجك؛ فأنت المسؤول الوحيد عن ذلك، وأن التعامل بحدة وعصبية بالعمل بسبب مشكلاتك الخاصة ستصنع لك مشكلات جديدة بالعمل تضاعف من متاعبك وتضعف قدرتك على التعامل مع مشكلاتك الخاصة؛ والأذكى تجنب صنع متاعب جديدة بالعمل، ولا تكن كالدولة التي تحارب مع عدة دول في الوقت نفسه، فمهما كانت قوتها فستتعرض للهزيمة ولو بعد حين مع الاستنزاف غير المبرر لطاقاتها.

تستطيع تحسين ظروفك 

أخيراً، هل مديرك لا يحبك لمبالغتك بالشكوى له من رؤسائك السابقين وإفشائك أسرارهم وفضحهم أمامه؛ فيخاف أن تفعل ذلك به إذا اختلفت معه أو تركك للعمل؟ إذا كنت فعلت ذلك فأصلح الأمور، واذكر أي محاسن لمديرك السابق لتمحو الصورة السيئة التي كوَّنها عنك أو تقلل منها.

لا تتعامل مع عدم حبه لك كواقع لا يمكن تغيره؛ فدائماً تستطيع فتح ثغرة بأي جدار إن لم تتمكن من هدمه.

ولا تجعل هدفك أن يحبك مديرك أو أن يرضى عنك زملاؤك؛ فقد يدفعك ذلك -لا قدر الله- للتنازل عن مبادئك لإرضائهم أو مجاملتهم بالتخلي عما تراه مفيداً للعمل أو تملقهم وما يتبعه من خسائر دينية ودنيوية فادحة يجب النأي بنفسك عنها.

واهتم بأداء عملك جيداً، وتقليل الأخطاء ولن نقول منعها، فلا أحد معصوم من الخطأ، ومهم منع الاستكبار وحذفه من حياتك بالعمل وخارجه، فعندما تخطئ سارع بالاعتراف بهدوء وبأقل كلمات واعتذر بلا مبالغة؛ فالمبالغة بالاعتذار مرفوضة وتشجع ضعاف النفوس على النيل منك، والاعتذار بصلف أو بكلمات مثل: أعتذر لو كنت مخطئاً؛ تضايق الآخرين، وتحرضهم فيردون بالأسوأ.

وتعهد بعدم تكرار خطئك وتنبه لذلك؛ لتنجح بالالتزام به، وضاعف التركيز بالعمل وإلقاء نظرة مدققة ومتأنية قبل الدفع به لزميل أو لمدير؛ لتمنح نفسك فرصة اكتشاف أي أخطاء والمسارعة بتصحيحها، واجعل ذلك عادة وستصبح أخطاؤك نادرة، وستتحسن علاقتك بالجميع والعكس صحيح؛ عندما تتهاون بأداء عملك وتكرر الأخطاء وتتحجج بأن الجميع يخطئون، كما يقول البعض، والأفضل منع تكرار الأخطاء وتذكر أنك عرضة لأخطاء جديدة، فلماذا تزيد حمولتك بتكرار الأخطاء القديمة؟

إذا تعرض مديرك أو زميلك لمشكلة صحية أو أسرية؛ فلا تتجاهل عرض تقديم المساعدة، ولا تبالغ فتبدو كمن يريد انتهاز الفرصة للتقرب، ولا تحاول معرفة ما يريد إخفاءه، وإذا رفض المساعدة؛ فلا تتضايق ولا تعتبر ذلك رفضاً أو عدم ترحيب شخصي بك ولا تلحّ، واكتف بالقول بأنك مستعد للمساعدة في أي وقت يريده، وستدعو له بالخير وانصرف لشؤونك ولا تشكُه للزملاء؛ فما أكثر من ينقلون الكلام بسوء نية أو دون تعمد لحبهم للثرثرة وللقيل والقال فتجنب ذلك.

اصنع لنفسك هالة من الاحترام؛ وابدأها باحترام نفسك فلا تفعل ما يقلل من تقديرك ومن تقدير الآخرين لها، واحترمهم وكن وسطاً؛ فلا تتعالَ على أحد بسبب منصبك، ولا تغالِ بالتواضع وإن كنت في بداية حياتك العملية.

تذكر أهمية مجاملة مديرك وزملائك –أياً كانت علاقتك بهم- في مناسباتهم السارة أن تبدي لهم مشاعر جميلة وودودة، فحتى لو كانت علاقتك سيئة بالبعض وهنأته بصدق لترقية أو مناسبة شخصية، فستتحسن علاقتك به وسيقل توتر علاقتكما، والعكس صحيح، ولا تقل بأنه لا يحبني ولن يتقبل ما أفعله، أو ربما يراه تملقاً، وافعل الصواب –دون مبالغة- ولا تبدو متلهفاً لتغيير تصرفاتهم معك.

تذكر أن الكلمة الطيبة صدقة، وأن تبسمك في وجه أخيك صدقة، واحرص على ذلك بالعمل وخارجه؛ وستتسع حياتك وستقل مشكلاتك به وخارجه، وستفوز بادخار طاقاتك لبذلها فيما يفيدك، بينما التهجم والكلام المسيء يخصمان منك دينياً ودنيوياً؛ والأولى معروفة، والثانية ستصنع عداوات لا مبرر لها، ويتجهم البعض توهماً أن ذلك يجلب له الهيبة والمهابة، وهذا خطأ؛ فالواثق من نفسه وحده يتعامل بلطف وبحزم ولا يتصنع القوة بالتجهم وبالصوت العالي وبالحدة وبالكلام المسيء؛ فمن يفعل ذلك يخسر حب الناس وتقديرهم ويحرضهم على إيذائه بالقول وبالتصرف متى سنحت لهم الفرصة، وتجنب خطأ كثرة المزاح مع الزملاء، وضع مسافات بالكلام والتصرفات لا تسمح بتجاوزها لا أنت ولا هم؛ لتقلل مشكلاتك ولتضاعف نجاحك.

Exit mobile version