متعب العتيبي يرثي ولده “مشاري” يرحمه الله

متعب العتيبي

في كلمات إيماناً بقضاء الله وقدرة والتسليم بما أراد الله تعالى كتب الأستاذ متعب العتيبي، رئيس مجلس إدارة جمعية المعلمين السابق، كلمات تدمي القلب وتبكي العين رثاءً بابنه “مشاري” يرحمه الله الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى الأربعاء الماضي، وقال العتيبي:

جزى الله كل من شاركنا في فقيدنا الغالي    

وكل من كان حاضراً في الصلاة عليه أو اتصل وتواصل معنا..

والعذر لكل من منعته الظروف أو لم يعلم عن مصيبتنا في فقيدنا..

وشكراً لدعواتكم القلبية ومشاعركم النبيلة.

فلله ما أخذ ولله ما أعطى (وكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).   

فالأولاد نعمة من أجل النعم وهبة من أعظم الهبات على الإنسان لا يحس بها إلا من حُرم منها أو فقدها، فالولد ذكراً كان أو أنثى هبة إلهية ومنحة ربانية، قال عز من قائل: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ) (الشورى).

وإن فقد الولد مصيبة عظيمة لا تتحملها إلا نفس المؤمن الصابرة الراضية بقضاء الله تعالى وقدره، ونسأل الله أن نكون من المؤمنين الصادقين الصابرين الراضين بما قضى الله وقدر، وإن المؤمن يعلم أنه وكل ما حوله ملك لله، فالله الذي خلق من العدم، ووهب السمع والبصر، وأسبغ النِّعم، فإذا سلب شيئاً من تلك النِّعم، فإنما استرد صاحب المُلك بعض ما وهب.

وإن العبد مهما حزن أو جزع فلن يغير من قضاء الله وقدره، ولكنه بصبره على قضاء الله يستطيع أن ينال أعظم الأجر ويبلغ أعلى المراتب، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: “ما لعبدي المؤمن جزاءً إذا قبضت صَفَّيهُ من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة”.

وإن شاء الله أن يكون مشاري قد سبقنا إلى الجنة، وسنلتقي به في بيت الحمد الذي هيئ له ولوالديه.

قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ”.

عرفته شاباً نشأ في طاعة الله، وعسى أن يكون ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

وكان من نعمه عليه أنه معلم لكتاب الله، وعسى أن يكون ذلك شفيعاً له.

مشهود له بالخلق والناس شهود الله في أرضه.

مشهود له بالصلاح والدين وحب الناس ومن أحبه الناس أحبه الله.

توفي مبطوناً ونحتسبه عند الله شهيداً بإذن الله.

توفي وهو غير مدرك وغير متألم، وكان غائباً عن الوعي من فضل الله سبحانه، والحمد لله الذي لم يذقه مرارة الأدوية الكيمياوية والعلاجات المؤلمة ولم يذقه الخوف وانتظار الموت.

توفي طاهراً صالحاً مبتلى، ومن فضل ربي لم يتوف على معصية أو ذنبٍ يغضب الله.

ومن لطف الله أنه تدرج معنا بحالته الصحية، وكان لطيفاً مع والديه وإخوانه ومحبيه، وأجاره الله من موت الفجأة والغفلة وأجارنا من الصدمة والفاجعة.

توفي وأنا وأمه راضون عنه مرضياً.

وكان خبر وفاته يرحمه الله قد أحزن الناس جميعاً وفي كل بيت وقلب، وسخرهم الله للدعاء له والترحم عليه.

نغبطه والله على ما آل إليه حاله من فضل عظيم عند رب عظيم.

فالحمد لله دائماً وأبداً، والحمد لله على كل حال، وجعله شفيعاً وسابقاً لنا إلى بيت الحمد بالجنة.

عظّم الله أجرنا وأجركم وجبر على قلوبنا وقلوبكم.

فإن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا مشاري لمحزونون.

و”إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”.

وجزاكم الله خير الجزاء.

انتهى كلام الأستاذ متعب العتيبي، ونسأل الله لابنه مشاري الرحمة، وأن يربط على قلب والديه وأن يلهمهم الصبر والسلوان.

و”إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”.

Exit mobile version