الأمير الراحل: حافظوا على سفينة الكويت

وفاء لسمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، نود الإشارة إلى أن “المجتمع” تعيد نشر كلمات سموه بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك حتى عام 2018، أعدها الكاتب الإعلامي د. عصام الفليج في كتاب ضمن سلسلة “مآثر صباح الخير” (5).

الكلمة الثالثة لعام 1429هـ/ 2008م:

بسم الله الرحمن الرحيم..

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه الغُرِ الميامين..

أهلي وأبناء وطني..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

هذا هو شهرُ الصومِ، شهرُ رمضانَ المبارك، الذي أُنزل فيه القرآنَ، يوشكُ أن يودعنا، شاكرين للمولى تعالى أن وفقنا لصيامهِ وقيامه امتثالاً لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) صدق الله العظيم.

ندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا الشهرَ المبارك، شهرَ خيرٍ وأمانٍ وسلامٍ على أُمتنا الإسلاميةِ في مشارقِ الأرض ومغاربها.

إخواني..

أبدأ حديثي بالحمدِ والشكرِ لله جلت قدرتهُ، أن أمَدَّ في أعمارنـا وأنعم علينا بصيام هذا الشهر المبارك، إيماناً واحتـسابـاً لوجهـه الكريم.

إخواني وأبنائي..

جرياً على السُّنة الحميدة لأميرنا الراحل الشيخ جـابر الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، أتحدثُ إليكم في العشر الأواخرِ من شهر رمضان الكريم، مغتنماً هذه الأيامِ المباركةِ، لأُعَبِرَ عمـا يجـولُ في نفسي من مشاعرَ أحبُ دائماً أن أتبادلها معكم، بحديث ينبع من قلـب محب لأهله وإخوانه، فتطلُعاتنا وهمومنا واحدة.

إخواني وأبنائي..

إن نِعم اللهِ تعالى علينا لا تُعد ولا تُحصى، فقد أفاد المولى علينا بالخيراتَ الوفيرة، وحبانا نعمةً من أهم النعمِ هـي نعمـة المحبةِ والتراحم والتكافل بين أهل الكويت، وعلينا أن نستشعر هذه النعم دائماً، وأن نرسخ معانيها في نفوس أبنائنا وأحفادنا.

إن وحدةَ صفنا هي ذلك الخيطُ الأبيضُ الوضَّاء، الذي يربط بين قلوبنا، وهي التي حمى الله بها الكويـت العزيـزة في الماضـي، وسيحفظُها دائماً بفضله، ويُمَكنها من تجاوزِ أية مخاطر تواجههـا لا قدر الله.

إخواني وأبنائي..

لا يغيبُ عنا أبداً أن المسؤوليةَ، ورعايتها في كل لحظة، وفي كل موقف وفي شتى صورها، هي تلك التي عناها رسولُ الله صلـى الله عليه وسلم في الحديث الشريف بقوله: “كُلكُم راعٍ وكُلكُم مسؤولٍ عن رعيته”.

إنها المسؤوليةَ التي تجعل من العمل عبادة، مثلما تجعـلُ من العبادة عملاً، إن هذا الشعور بالمسؤولية عند كل فرد أمام ربه، وأمام مجتمعه وأهله هي الركيزة الأساسية، وهي النبع الأصيل الذي يُشيع في مجتمعنا معنى المحبة والمساواة بـين النـاس على اختلاف مواقعهـم، وهو الذي يغرسُ في الفردِ مبدأ التسامح وقبول الآخر ويجعلُ المجتمع قادراً على نبذ الخلافـات، وتجنب الصراعات وإشعال الفتنة.

إخواني وأبنائي..

إنني أدعوكم جميعاً بأن تكونوا الأبناء البررة للكويت، متمثلـين في أخلاقِ ديننا السمح، وعراقـةِ تقاليد الآبـاء والأجداد، وأن تحافظوا على سفينة الكويت فنحن جميعاً نرى العواصف من حولها، ولا عاصمَ لها بعد الله تعالى من ذلك، إلا بالولاء والإخلاص والتفاني في خدمة الوطن، والشعور بالمسؤولية من قبل كل فرد منا.

إنها مناسبةً طيبةً لدعوة إخواني في الـسلطتين التشريعية والتنفيذية إلى التآزر والتعاون وتوحيد الرؤى لتحقيق كل ما يتطلع إليه الوطنُ من تنمية شاملة، تلبي طموحات وآمال الوطن والمواطنين، والحرص على عدم المساس بالعلاقات الطيبة التي تربط دولة الكويت بالدول الشقيقة والصديقة، مجددين ثقتنا في وسائل الإعلام الكويتية، وخاصـة صـحافتنا المحلية، ودعوتها إلى ضرورة الحفاظ على وحدة الصف، وتعزيز الروح الوطنية، وإشاعة روح المحبة والتواد، ونبذ الفرقة والتشاحن بين أبناء الوطن، وطرح القضايا التي تهم الوطن والمواطنين بـروح المسؤولية الهادفة، وإبراز تطلعات وطموحات المجتمع دونما تهويل أو إثارة، وأن تُراعي مصَلحة الكويت العليا، وتضعُها فوق كل اعتبار لدى تناولها للقضايا الإقليمية والدولية.

إخواني وأبنائي..

أدعو الله تعالى في هذه العشر الأواخر المباركة أن يوحد قلوبنا وأهدافنا وغاياتنا، ويطهر نفوسنا، ويُبعد عنهـا الحسـدَ الكراهيـةَ والبغضاءَ، لنعيش على هذه الأرض الطيبة إخواناً متحابين، نعملُ من أجلها، ونصُونها بأنفسنا وأرواحنا، ونحفظُها لأبنائنا وأحفادنا ليفخروا بها، كما حفظها لنا الآباء والأجداد فأصبحت مفخرة لنا.

كما نرفع أكفَ الدعاءِ إلى المولى جلت قدرته أن يتغمد برحمته ورضوانه أميرنا الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصـباح، وأميرنا الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصـباح، طيب الله ثراهما، وأن يسبغ عليهما واسع مغفرته، ويسكنهما فسيح جناته، وأن يمن علـى أخينا سمو الشيخ سالم العلي الصباح، رئيس الحرس الوطني، بالشفاء وموفور الصحة والعافية، ويعيده إلى أرض الوطن ليواصل عطاءه المعهود في خدمة الوطن العزيز، وأن يرحم شهداءنا الأبرار وينزلهم منازل الشهداء، ويعلي درجاتهم في جنات النعيم بفضله وكرمه، وأن يوفقنا جميعاً لكل ما يحبه ويرضاه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

Exit mobile version