3 سنوات من المجازر.. مسلمو الروهنجيا ما زالوا ينزفون

– مسلمو آراكان يتعرضون لمجازر جيش ميانمار ومتطرفين بوذيين منذ أغسطس 2017 ما أسقط مئات القتلى

– مسؤولة أممية: نوثق جرائم مستمرة بحق الروهنجيا مثل ضربات جوية وقصف مناطق مدنية وتدمير وحرق قرى

– جوتيريش: ميانمار لم تحقق الشروط المطلوبة لعودة طوعية وآمنة وكريمة لـ900 ألف لاجئ إلى ديارهم في آراكان

 

مرت 3 سنوات على المجازر الدموية التي يرتكبها جيش ميانمار ومتطرفون بوذيون بحق المدنيين من مسلمي الروهنجيا في إقليم آراكان، منذ 25 أغسطس 2017، ولا تزال مأساة هؤلاء المسلمين مستمرة.

ويتعرض مسلمو آراكان، منذ سنوات، لاضطهاد ممنهج، وتكبدوا خسائر في الآونة الأخيرة؛ جراء اشتباكات بين الجيش وجماعات عرقية مسلحة في الإقليم.

وإضافة إلى النزاعات المسلحة يواجه مسلمو آراكان مشكلات اقتصادية وسياسية عديدة في مجالات الأمن والصحة وحقوق الإنسان.

وقالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليت، في يوليو الماضي: إن الوضع الإنساني لمسلمي آراكان (الروهنجيا) في ميانمار لا يزال سيئاً، ولا يوجد أي تطور في قضيتهم.

وخلال عرض تقرير خاص بوضع حقوق الإنسان لمسلمي آراكان، أمام الجلسة الـ44 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، أضافت باشليت أن “النزاعات مستمرة في آراكان وتؤثر سلباً على المجتمعات في المنطقة، ولا تزال قُرى مسلمي الروهنجيا تُحرق”.

وتابعت: “لا وجود هناك لظروف عودة آمنة ومستدامة للروهنجيا الذين لجؤوا إلى بنجلاديش”.

واستطردت: “لا تحسن يُذكر في وضع حقوق الإنسان، مكتبي يواصل توثيق جرائم يتعرض لها مسلمو الروهنجيا وانتهاك القانون الإنساني الدولي، مثل الضربات الجوية، وقصف المناطق المدنية، وتدمير وحرق القرى”.

ودعت باشليت جيش ميانمار إلى وقف فوري لإطلاق النار، والتوقف عن عملية “التطهير العرقي” وإنهاء الاشتباكات العنيفة.

بلا جنسية

منذ سبعينيات القرن الماضي، يتعرض مسلمو آراكان لاضطهاد وضغط ممنهج، ما أجبر غالبيتهم على الهجرة إلى بلدان أخرى في المنطقة.

وفقد مسلمو آراكان حقوق المواطنة في ميانمار عبر “قانون” صدر عام 1982، واعتبرهم “عديمي الجنسية”.

وتعتبر ميانمار أبناء الأقلية المسلمة، التي تعيش في آراكان قرب حدود بنجلاديش، “مهاجرين بنغال”.

وصنفت الأمم المتحدة مسلمي الروهنجيا كـ”أكثر الأقليات اضطهاداً في العالم”، حيث يتعرض أبناؤها للعنف والتمييز المُقنن والتمييز الاقتصادي والاجتماعي في ميانمار.

ويرفض المتطرفون البوذيون في ميانمار، التي تحتوي على 135 مجموعة عرقية معترف بها رسميًا، الاعتراف بمسلمي آراكان، ويدعون إلى طردهم من البلد الآسيوي.

مسؤولية ميانمار

كشفت اشتباكات بين بوذيين ومسلمين بآراكان، في يونيو 2012، عن حجم المأساة التي يتعرض لها مسلمو الولاية.

لقي العديد من المسلمين حتفهم في هجمات نفذتها جماعات بوذية متطرفة، ما اضطر آلاف الأشخاص إلى مغادرة المنطقة هرباً من العنف.

وعقب أعمال العنف، احتجز المسؤولون الحكوميون أعدادًا كبيرة من الأشخاص، ومنعوا تقديم المساعدة للمسلمين، الذين اضطروا إلى الفرار من منازلهم.

وألقت دول في المنطقة باللوم على حكومة ميانمار في مأساة المهاجرين، ومعظمهم من مسلمي آراكان.

وفي 23 أكتوبر 2012، أضرم بوذيون النار في أحياء مسلمة و9 مناطق يسكنها مسلمون في ميانمار، فيما اكتفت قوات الأمن بمراقبة العنف ضد المسلمين من دون أن تحاول منعه.

كما تعرض مسلمو آراكان لعنف وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في عمليات شنها جيش ميانمار عقب هجمات تعرضت لها نقاط تفتيش تابعة للشرطة في آراكان، اعتباراً من أكتوبر 2016.

وخلال عمليات الجيش تلك، قُتل ما لا يقل عن 93 شخصاً، هم 17 عسكريًا و76 آخرون متهمون بأنهم “معتدون”، واعتُقل 575 من مسلمي الروهنجيا.

أثارت الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان بحق مسلمي الروهنجيا ردود فعل ضد وزيرة خارجية ميانمار، وزيرة الدولة لرئاسة الجمهورية، أونغ سان سو تشي، وحكومتها.

وفي ديسمبر 2016، أفادت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية، بأن ميانمار عمدت إلى تدمير قرى الروهنجيا في منطقة مونغداو بآراكان.

ونشرت المنظمة صورًا التقطتها أقمار صناعية تثبت أن قوات الأمن أحرقت 1500 منزل في آراكان.

مأساة المهاجرين

يغادر مسلمو آراكان، الذين يعتبرون “عديمي الجنسية” في ميانمار، البلاد هرباً من المجازر والقيود والتمييز بحقهم، وخلال بحثهم عن عمل في دول المنطقة، يقعون فريسة بأيدي مهربي البشر.

وأنقذ خفر السواحل البنغالي، في نوفمبر الماضي، 119 مهاجراً غير نظامي من مسلمي آراكان، منهم 58 امرأة و14 طفلاً، بينما كانوا على متن قارب خشبي أوشك على الغرق وهم يحاولون العبور إلى ماليزيا من خلال الحدود الجنوبية للبلاد.

وأطلق جيش ميانمار ومليشيات بوذية متطرفة، منذ 25 أغسطس 2017، موجة جديدة مستمرة من الجرائم بحق الروهنجيا، وصفتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة بأنها “تطهير عرقي”، وأسفرت عن مقتل الآلاف من الروهنجيا، بحسب مصادر محلية ودولية متطابقة.

ووفقاً للأمم المتحدة، بلغ عدد من فروا إلى بنجلاديش من القمع والاضطهاد في آراكان بميانمار، منذ ذلك التاريخ، 900 ألف شخص.

وأعلنت المنظمة الدولية في 12 مايو الماضي، أنها مددت، حتى يونيو 2021، مذكرة التفاهم مع ميانمار، الخاصة بعودة اللاجئين الروهنجيا إلى ديارهم في آراكان.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة، ستيفان دوجاريك: إن “المذكرة تهدف إلى السماح بالعودة الطوعية والآمنة والكريمة والمستدامة للاجئي الروهنجيا من بنجلاديش”.

وأضاف أن “المذكرة تدعم التنمية التي تفيد جميع المجتمعات التي تعيش في البلدات الشمالية في راخين (أراكان)”.

ووقعت كل من حكومة ميانمار والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في 6 يونيو 2018، مذكرة تفاهم بشأن دعم الأمم المتحدة تهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين الروهنجيا طوعاً وبشكل آمن من بنجلاديش وإعادة دمجهم في آراكان.

ورغم توقيع المذكرة، فإن أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو وغوتيريش، وكبار مساعديه أعلنوا في أكثر من مناسبة أن ميانمار لم تحقق بعد الشروط المطلوبة لعودة طوعية وآمنة وكريمة للاجئي الروهنجيا.

Exit mobile version