كيف اتبعت الصين سياسة تحديد النسل عند أقلية “الأويجور”؟

كشف تحقيق أجرته وكالة “أسوسيتد برس” للأنباء أن السلطات الصينية تقوم بحملة عنيفة في منطقة “شينجيانغ” حيث تحث الأقليات، من بينها أقلية “الأويجور” المسلمة على تحديد النسل. ويشمل هذا المشروع الصيني الذي يعتمد أساسا على تعقيم النساء وإخضاعهن للإجهاض واختبارات الحمل، نحو 25 مليون نسمة.

ويرى مختصون أنه بالإمكان تصنيف الإجراءات التي اتخذتها السلطات الصينية إزاء أقلية “الأويجور” بـ”الإبادة الديموغرافية” وفقا لبعض الإحصائيات التي كشفت عنها الحكومة الصينية وبعض الوثائق الرسمية والمعلومات التي أفادت بها بعض السجينات السابقات من أقلية “الأويجور”.

وتشير هذه المعلومات إلى أن الصين قد أخضعت بعض النساء من أقلية “الأويجور” إلى اختبارات الحمل وأرغمت بعضهن على وضع لولب في الرحم لمنع الإنجاب فضلا عن القيام بعمليات الإجهاض والتعقيم الجنسي.

هذا وأشارت وكالة “أسوسيتد برس” أن عمليات التعقيم انخفضت على المستوى الوطني بينما ارتفعت في منطقة “شينجيانغ”.

“يريدون تدمير شعبنا”

وكشف صحافيون من وكالة “أسوسيتد برس” أن “العائلة التي تتكون من عدد كبير من الأطفال تتعرض للسجن في معسكرات اعتقال”، فيما يتم فصل العائلات التي فيها ثلاثة أطفال أو أكثر عن بعضها البعض في حال لا تستطيع دفع غرامة مالية مرتفعة.

وهذا ما حدث لغولنار أوميزاخ وهي امرأة من “الأويجور” ولدت في الصين، فقد أرغمتها الحكومة على وضع لولب رحمي بعد أن أنجبت ثلاثة أطفال.

وبعد مرور سنتين، أي في يناير 2018، جاء إلى منزلها ثلاثة ممثلين من الحكومة الصينية وطالبوها بدفع غرامة مالية قدرها 2685 دولار بحجة أنها أنجبت أكثر من طفلين. فيما أنذروها أنه في حال لم تدفع هذه الغرامة سيتم إرسالها إلى مراكز الاعتقال حيث زوجها.

وتشير جمعيات مدافعة عن حقوق الإنسان إلى وجود قرابة مليون مسلم معتقل في ما تسميه بـ”مراكز إعادة التأهيل السياسي”.

وقالت غولنار أوميزاخ التي هربت إلى كازاخستان “منع الناس من إنجاب أطفال ليس أمرا جيدا. هم يريدون تدمير شعبنا”.

وتشير الإحصائيات التي نشرتها سلطات منطقتي “هوتان” و”كاشغار” اللتان تقطنها غالبية “الأويجور” إلى تراجع نسبة الولادات فيها بنسبة 60 بالمئة بين عامي 2015 و2018، فيما نجحت الملايين من الدولارات التي وظفتها الحكومة الصينية، في جعل منطقة “شينجيانغ” الأقل نموا من الناحية الديموغرافية بعدما كانت نسبة الولادة فيها مرتفعة في السابق.

ويرى أدريان وانز وهو أستاذ جامعي ومختص في شؤون منطقتي “شيتجيانج” و”التبت” أن كل التقنيات والإجراءات التي تقوم بها السلطات الصينية تهدف إلى استعباد وإخضاع “الأويجور“.

ولم تستجب وزارة الشؤون الخارجية الصينية وحكومة “شينجيانج” إلى طلب وكالة “أسوسيتد برس”  لكن بكين صرحت بأن “هذه الإجراءات هي إجراءات عادلة لأنها تسمح لأقلية “هان” التي تشكل الأغلبية في الصين وأقليات أخرى بأن يكون لها نفس العدد من الأطفال.

وكانت الصين قد اعتمدت لغاية 2015 على سياسة الطفل الواحد، وذلك عبر إرغام النساء على تحديد النسل والإجهاض خاصة عند أقلية “هان”.

فرض تحديد النسل

مع وصول الرئيس شي جينبينغ إلى السلطة في 2013، سمح لأقلية “هان” أن يكون لها طفلان أو ثلاثة مثل الأقليات الأخرى.

لكن في الحقيقة عائلات “هان” لا تتعرض للمضايقات ولا لعمليات التعقيم والإجهاض أو الاعتقال في حال أنجبت عددا كبيرا من الأطفال مقارنة بأقلية “شينجيانج”. فبعض العائلات المسلمة تعرضت لمضايقات عنيفة بالرغم من أن القانون يسمح لها هي الأخرى بأن يكون لها ثلاثة أطفال.

وقال نحو 15 من سكان “الأويجور” و”الكازاخ” لوكالة “أسوسيتد برس” بأنهم يعرفون أشخاصا تم اعتقالهم لأن عائلاتهم تتكون من عدد  كبير من الأطفال.

وقد وضع البعض منهم في السجون لمدة سنوات. أما النساء في المعتقلات فلقد فرض عليهن وضع لولب رحمي أو إجراءات لتحديد النسل.

وهذا ما أكدته امرأة من أقلية “الأويجور” في حوار أجرته مع فرانس24 في العام 2019. وقالت “فهمنا بسرعة بعد خضوعنا لعمليات الحقن، أننا أصبحنا غير قادرات على الإنجاب وتوقفت لدينا العادة الشهرية”.

وفي 2014، وضعت أكثر من 200 ألف امرأة لولبا في الرحم في منطقة “شينجيانج” فيما ارتفع هذا العدد بعد ست سنوات إلى 330 ألف، بينما انخفض في مناطق أخرى من الصين.

نفس الشأن بالنسبة لعمليات التعقيم التي قامت السلطات الصينية بفرضها بشكل واسع على نساء “الأويجور” حسب إحصائيات الحكومة.

وروت امرأة من “الأويجور” تدعى زمرة داووت، وهي أم لثلاثة أطفال بعد أن أطلق سراحها من المعتقل في 2018 أن السلطات الصينية أرغمتها على الخضوع إلى عملية التعقيم وإلا سيتم سجنها من جديد. وقالت “كنت غاضبة جدا لأنني كنت أود أن أنجب طفلا آخر”.

وقد أطلقت السلطات الصينية حملة لمراقبة عدد الولادات لأنها تخشى من عودة الفقر في حال ارتفعت نسبة سكان منطقة ” شينجيانج”.

ويقول دارين بيلر، متخصص في شؤون “الأويجور” في جامعة كولورادو “الهدف ليس القضاء كليا على سكان “الأويجور” بل التخفيض بشكل كبير من تكاثرهم ليتسنى إدماجهم في المجتمع الصيني بشكل أسهل”.

لكن مختصين آخرين مثل جوهان سميث فينلي من جامعة “نيوكاسل” اعتبروا أن ما يحدث لأقلية “الأويجور” هو “إبادة جماعية وليس شيئا آخر”.

وقالت: “إنها ليست عملية قتل جماعية ومفجعة وسريعة بل إبادة جماعية طويلة الأمد ومؤلمة”.

Exit mobile version