الشطي: العمل الخيري الكويتي أثبت جدارته في مواجهة أزمة «كورونا»

Untitled-11-5.jpg

 بداية، هل يمكن أن نقول: لقد بدأ التحالف الخيري لمواجهة جائحة «كورونا»؟ وهل هو بداية للعمل الخيري المشترك؟ 

– عند الأزمات والمحن تأتي المنح، ففي عام 1987م، كانت هناك جائحة في بنجلاديش بسبب الفيضانات، وانطلقت الجمعيات الخيرية لإغاثتها، وطلب أمير القلوب الشيخ جابر رحمه الله حينها من الجمعيات الخيرية الكويتية التي تقوم بعمل الإغاثة في بنجلاديش أن تقوم بتنسيق جهودها، وبالفعل تم تشكيل وتأسيس اللجنة الكويتية المشتركة للإغاثة في العام نفسه (1987م)، واستمرت بعملها الإغاثي في بنجلاديش وفي كثير من الدول، والآن أصبحت جمعية خيرية، وهي الجمعية الكويتية للإغاثة، هذا ما يتعلق بالتنسيق الخارجي، وهو موجود على مستوى العمل الخيري الكويتي خارج دولة الكويت.

والآن مع جائحة “كورونا” في عام 2020م، انطلقت أيضاً مبادرة للتحالف الخيري الأهلي، برعاية وإشراف من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، اشتركت فيها الجمعيات والمبرات الخيرية، خصوصاً أن لدينا في الكويت نحو 50 جمعية خيرية، و80 مبرة خيرية، و160 جمعية أهلية، ولدينا أيضاً مؤسسات خيرية حكومية، مثل الأمانة العامة للأوقاف، ووزارة الأوقاف، وبيت الزكاة، ولدينا ما يقارب 300 فريق تطوعي.

هذا التحالف الخيري تم تسميته من خلال مجلس الوزراء الموقر “الحملة الوطنية للجمعيات الخيرية لحشد الجهود في مواجهة فيروس كورونا”، وهو بإذن الله تعالى بداية للتنسيق، وبالفعل تم تشكيل 5 منصات للدعم الإعلامي واللوجستي، ودعم الأسر والعمالة المتضررة، ودعم أهلنا وطلابنا في الخارج.

وحالياً نشهد تنسيقاً جيداً ومتميزاً بالنسبة للجمعيات الخيرية التي تعمل من خلال هذه المنصات الخمس، بكل فعالية، ولعل موافقة وزارة التجارة في أزمة “كورونا” للسماح للجمعيات الخيرية للاستيراد من خارج الكويت يعطينا أيضاً نوعاً من الاطلاع على التفاعل والتنسيق المشترك بين الجمعيات الخيرية؛ حيث تشكّلت لجنة من الجمعيات الخيرية لهذا الغرض، وهو التنسيق حول الاحتياجات من المواد الغذائية وغيرها، والعمل على شرائها من خارج الكويت، وبالفعل بدأت اللجنة بالعمل، وتم تحديد الاحتياجات، وعمل عروض أسعار، وسيتم جلب مواد، سواء أكانت طبية أو إغاثية أو غذائية من الخارج، بتشكيل لجنة مشتركة من الجمعيات الخيرية.

كيف أثبت العمل الخيري جدارته، خاصة في التفاعل مع أزمة «كورونا»؟

– نعم، لقد أثبت العمل الخيري جدارته، ومسؤوليته، وقدرته على التفاعل في أزمة «كورونا»، وسمو الأمير، حفظه الله ورعاه، أشاد بهذا الجهد الكبير، وفي كلمته التلفازية شكر المتطوعين والمؤسسات التطوعية، وأيضاً سمو رئيس مجلس الوزراء شكر الجمعيات الخيرية على جهودها، عند لقائه معهم، ووزيرة الشؤون الأخت مريم العقيل أشادت بجهود الجمعيات الخيرية، ووكيل وزارة الشؤون في أكثر من موطن وموقع أشاد بالجمعيات الخيرية، ومما قاله: «نحن فخورون بما تقوم به الجمعيات الخيرية في مكافحة فيروس كورونا»، وهناك إشادة من الأخت هناء الهاجري، وكيلة وزارة الشؤون، التي قالت: «يعجز اللسان عن شكر الجمعيات الخيرية لما تقوم به هذه الأيام من جهود في أزمة كورونا»، وهذا الشكر وذاك الثناء يحمّل الجمعيات الخيرية الأمانة على بذل المزيد من العطاء والتميز في خدمة المحتاجين والأسر المحتاجة.

ما ضرورة توثيق العمل الخيري الخاص بأزمة «كورونا»؟

– نحن نحتاج إلى توثيق هذه الأعمال الخيرية العظيمة، فالكويت اليوم متميزة ورائدة في مواجهة أزمة «كورونا»، سواء على المستوى الحكومي أو الأهلي والتطوعي والإنساني، وحالياً يفكر مركز «فنار» بعمل آلية لتوثيق الجمعيات الخيرية لأزمة «كورونا» وجهودها، وأيضاً سيتم إطلاق مسابقة محلية، تشارك فيها القطاعات الحكومية والأهلية والقطاع الخاص، والفرق التطوعية، والمبادرات الفردية، للتنافس حول أفضل توثيق للعمل الخيري.

 ونحن في مركز “فنار” نقوم بتوثيق العمل الخيري عبر تاريخ الكويت، ولنا مجموعة إصدارات وكتب وبرامج إذاعية وتلفازية، ومكتبة إلكترونية، وموقع إلكتروني، سيتم تدشينه هذه الأيام بإذن الله عز وجل، وأيضاً عبر مجلة “فنار” التي تقوم بتوثيق العمل الخيري، سواء قديماً أو حديثاً. 

هناك كلام وأقاويل على وسائل التواصل تشكك في العمل الخيري الكويتي؛ فما تعليقكم على هذا الأمر؟

– العمل الخيري الكويتي عمل رائد، ومتميز، وشفاف، وأصيل، والأمم المتحدة اليوم تُطلق على الكويت «مركز العمل الإنساني»، ومنظمات الأمم المتحدة تشيد بالعمل الخيري الكويتي، وحتى الجهات القانونية والرقابية؛ سواء الدولية أو المحلية أو الإقليمية، تشيد بالعمل الخيري الكويتي، وأنه بعيد كل البعد عن الإرهاب ودعمه، وبعيد كل البعد عن العمل الإداري غير الجيد، وهناك شهادات كثيرة أخرى، وجوائز كثيرة مُنحت للمؤسسات الخيرية الكويتية؛ لعملها المنظم، فيما يتعلق بالجودة الإدارية (الآيزو)، والحوكمة، والشفافية، والعمل المتقن، وهناك رقابة شرعية، ومالية، ومحاسبية، وإدارية، وداخل المؤسسات الخيرية تجد رقابة شرعية ورإدارية، ومجالس إدارات، ولجان تدقيق، ومكاتب تدقيق، وهذا هو الذي أهَّل العمل الخيري الكويتي لأنْ يكون أمام الأمم المتحدة أن الكويت هي «مركز العمل الإنساني».

والجميع على مستوى العالم يشيد بنزاهة وشفافية ومصداقية العمل الخيري الكويتي، والدليل على ذلك أن تبرعات أهل الكويت كبيرة جداً للعمل الخيري، والمتبرع، ورجل الأعمال، والقطاع الخاص، لا يتبرعون إلا إذا كان هناك مصدر ثقة لمن يُتبرع له؛ فكونك تجمع أكثر من 200 ألف متبرع في يوم واحد، وحصيلتها 9 ملايين دينار، للجمعيات الخيرية في الكويت، هذا يعطيك دليلاً على مصداقية وشفافية وثقة المجتمع الكويتي في العمل الخيري الكويتي.

وبالنسبة لحملة جمع التبرعات “فزعة للكويت” لمواجهة جائحة “كورونا”، اتفقت 41 جمعية خيرية كويتية على التنازل عن النسبة الإدارية التي تؤخذ قانوناً وشرعاً، من أجل تقديم المساعدات للأسر المتضررة، والعمالة المتضررة داخل الكويت، هذا هو الأمر الأول.

أما الثاني، فهناك الكثير ممن يشكك في العمل الخيري الكويتي أو ينتقده، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، من غير بيِّنة أو تدقيق.

ونحن لا ننزِّه العمل الخيري، وهو ليس عملاً ملائكياً، بل هو عمل بشري، والعمل البشري فيه الخطأ، وفيه الاجتهاد، لكن الجمعيات الخيرية دائماً تحاول تقويم العمل وترشيده، وتصحيح الأخطاء إن كانت موجودة؛ لذا نجد اليوم الجمعيات الخيرية الكويتية قد وضعت رابطاً لاستقبال التبرعات، ونشكر وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي قامت بتدشين هذا الرابط، الذي يضم أكثر من 51 جمعية ومبرة خيرية شاركت فيه، وكل من يريد أن يقدم على طلب مساعدة يستطيع أن يقدم من خلال هذا الرابط، وسيتم دراسة الظروف المادية للأسر، وتقديم المساعدات المناسبة لها، والآن بعض الجمعيات الخيرية بالفعل، بكل شفافية، استقبلت الأسر من خلال الرابط الإلكتروني، وقامت بدراسة الحالات، وقدّمت المساعدات وهي تعلن عن عدد الأسر التي استفادت، والمبالغ التي تم تقديمها لها، وهذا يعطي شفافية للعمل الخيري.

ولكن أريد القول: إن المبالغ التي في حوزة الجمعيات الخيرية الآن، وهي تقدر بـ9 ملايين دينار، لا تكفي لسد كل الاحتياجات، في ظل الظروف الحالية؛ مع وجود الأزمة، وإغلاق المحلات التجارية، وحظر التجول الجزئي، والتزام الناس في البيوت، وتعطيل الكثير من أعمال المؤسسات التجارية؛ وهو ما سبّب خسائر كبيرة لكثير من الناس، وتراكم الديون عليهم، في ظل عدم وجود إيرادات، وعليهم التزامات وسداد إيجارات.

والجمعيات الخيرية تحاول قدر المستطاع أن تقدم أكبر عدد ممكن من المساعدات للأسر، وبمبالغ كبيرة، وهذا يحتاج مزيداً من الدعم، والميزانيات؛ لذا أطلب من وزارة المالية أن تقوم بتخصيص ميزانيات للجمعيات الخيرية، لكي تسد الحاجة بشكل أكبر وأشمل للأسر المحتاجة، والعمالة المتضررة داخل دولة الكويت.

وأعتقد أن الصندوق الوطني، الذي أسسه مجلس الوزراء وتبرعت فيه الشركات والبنوك ورجال الأعمال، يتم تخصيص جزء كبير منه للحملة الوطنية، وهي تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبيت الزكاة، والهلال الأحمر الكويتي، وهي مؤسسات رسمية، وهناك تدقيق عليها من ديوان المحاسبة، يمكن أن يوكل لها هذا الأمر لمزيد من الشفافية، رغم تأكدنا أن العمل الخيري الكويتي شفاف، والجمعيات الخيرية تعمل وفق الأطر والنُّظم والقوانين الخاصة بوزارة الشؤون، وهي تقدّم تقارير دورية مالية وإدارية لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

ما مدى تعاون وزارة الشؤون مع الجمعيات الخيرية؟

– في الحقيقة، نشكر وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على جهودها الكبيرة، كونها الآن مظلة الحملة الوطنية للجمعيات والمبرات الخيرية، والتنسيق يتم من خلالها، وهي حالياً في الصف الأمامي، فيما يتعلق بالعمل الأهلي، وهناك متابعات يومية مع الجمعيات الخيرية، ووزارة الشؤون موجودة في اللجان الخمس، في الحملة الوطنية، من وكيلة الوزارة المساعدة، ومديرة إدارة الجمعيات الخيرية، وكل المشاريع التي يتم تنفيذها الآن يتم اعتمادها من وزارة الشؤون، مثل مشروع السلال الغذائية، ومشروع سلة رمضان، وأي مشروع خيري داخل الكويت اليوم يتم بعد أخذ موافقة من وزارة الشؤون، وتأتي الموافقة خلال يوم أو يومين.

وبالنسبة لحملة جمع التبرعات، التي نفذتها الجمعيات الخيرية، كانت أيضاً تحت رعاية وزارة الشؤون، ووزارة الشؤون أعطت الموافقة بشكل سريع للجمعيات الخيرية التي رغبت بالدخول في هذا التحالف، وهذه الحملة، وتم دخول 41 جمعية ومبرة خيرية، أعطتهم وزارة الشؤون الموافقة على جمع التبرعات، في يوم 28/ 3/ 2020م؛ فجهود وزارة الشؤون ممتازة فيما يتعلق بالتنسيق مع الجمعيات والمبرات الخيرية، وهي الآن تقوم بالإشراف على كل ما يتعلق بالعمل الخيري داخل الكويت، وهي التي تدقق وتنظم وتنسق الجهود.

ما مدى شفافية العمل الخيري الكويتي؟

– العمل الخيري شفاف ومتقن، ولا يخلو من اجتهادات أو أخطاء، وهذا أمر طبيعي بشري، لكنها تحاول قدر المستطاع أن تحصل على الشفافية؛ فعندنا اليوم نحو 10 جمعيات خيرية كويتية حاصلة على شهادة «الآيزو» في الجودة الإدارية، وقد أصدرنا في مركز «فنار» كتاباً عن الجهات الخيرية التي حصلت على شهادة «الآيزو»، كذلك الجمعيات الخيرية فيها مكاتب تدقيق، وتقوم بتقديم تقاريرها المالية سنوياً إلى وزارة الشؤون، والجمعيات الخيرية كما أسلفنا لديها رقابة شرعية، ومحاسبية، وإدارية، والجمعيات الخيرية تحرص كل الحرص على الشفافية، وهناك كثير من المشاريع التي نفذتها الجمعيات الخيرية، وكانت تعلن عن مشاريعها وإنجازاتها وأرقام التبرعات، لكي تعطي المتبرعين الشفافية؛ فعلى سبيل المثال مشروع الألف بئر، الذي نفذته جمعية العون المباشر في رمضان قبل الماضي، كانت هناك تقارير دورية حوله لمزيد من الشفافية.

واليوم فيما يتعلق بأزمة “كورونا”، وحملة جمع التبرعات، سيكون هناك إن شاء الله تقارير دورية يتم إصدارها، وكل يوم سبت يتم إصدار تقرير بالإنجازات والمبالغ التي تم جمعها والأرقام والإحصائيات التي تنفذها الجمعيات الخيرية في حملة “فزعة للكويت”.

Exit mobile version