هل أصبحت الأكاديمية السويدية لجائزة “نوبل” بيتاً سيئ السمعة؟

– عندما منحت الجائزة للفيلسوف الإنجليزي جورج برناردشو عام 1929 قال: “لست بحاجة إليها وهي لا تعنيني في شيء لأنني لست في حاجة إلى عوامة نجاة بعد أن وصلت إلى بر الأمان”

– عام 2001 منحت نوبل للآداب للكاتب العنصري التريندادي ن. إس نايبول وهو القائل في وصف الإسلام: “إنه أسوأ من الاستعمار لأنه يلغي ذات الفرد”

– جائزة نوبل للعلوم تذهب لـ”إسرائيل” عام 2002 في العلوم ثم تتكرر عدة مرات بعدما ذهبت في الآداب إلى تل أبيب للأديب الصهيوني شومائيل يوسف عجنون

– كل العرب الذين فازوا بجائزة نوبل تحيط بهم جميعًا علامات الاستفهام الكبرى

– د. أنيل محروموف رئيس جامعة باكو بأذربيجان يقول: “لم يحصل على نوبل في العلوم عالم مسلم واحد وهو يعيش على أرض وطنه أو يقدم خدماته وأبحاثه لبلاده

– حجب جائزة نوبل للآداب للعام الماضي لتورط أعضاء اللجنة في فضائح منافية للآداب ومخلة بالشرف

 

تبلغ عنصرية الجائزة مداها عندما نجد أن من بين 118 عامًا هي قرابة عمر الجائزة – أنشئت عام 1901م – لم يفز بها حتى الآن من الاتحاد السوفيتي القديم سوى عالم واحد.. . ومن المعلوم أن السلطات السوفيتية أجبرت الأديب الروسي الشهير “بوريس باسترناك” على رفض الجائزة حين أعلن فوزه بها عام 1958م.

ولذلك فقد كان هناك من هو أكبر منها ولم يَنَلْها، ومن هو أصغر منها ونالها، كما كان هناك من رفضها حين منحت له، مثل الشاعر الفيلسوف الإنجليزي “برنارد شو” الذي منحت له عام 1925م. وهو على ضفاف السبعين من عمره، فقال: إنني لست في حاجة إلى عوامة النجاة، لأنني قد وصلت إلى بر الأمان.

ولسنا هنا بصدد البحث في خلفيات ودوافع منح الجائزة لمن سبق من العرب والمسلمين، إلا أن العنوان العريض الذي عمل تحته كل واحد من هؤلاء، إنما كان يصب في حساب منجم الأفكار الغربي، ويسهم إلى حد كبير في إدارة ماكينة الآلة الغربية الجبارة، في ميادين العلم والأدب والسياسة، وسائر علوم الكون والحياة والإنسان.

ولعل الملابسات التي أحاطت بالأديب نجيب محفوظ، صاحب “أولاد حارتنا”.. هي التي أعلنت بكل وضوح أنها جائزة صهيونية، ولا تعدو أن تكون “نيشانًا مشبوهًا، يُمنح اشتراطيًا للنجاح في أداء الدور، أو الذهاب إلى مشوار النجاح -السابق الإعداد- بما يكمن وراءه من تغيرات محورية فاصلة.

ولعل ذهاب الجائزة إلى حوزة إسرائيل عدة مرات، يحمل الدليل الدامغ على ذلك، فقد ذهبت الجائزة إليها أول مرة عام 1966م حيث تم منحها للأديب الصهيوني “شموئيل يوسف عجنون” ثم اقتسمها مناحم بيجين مجرم الحرب الصهيوني مع السادات عام 1978م على خلفية “معسكر داود” المعروفة باتفاقية “كامب ديفيد”.

وفي عام م1994 تقاسمها “عرفات ورابين وشمعون بيريز” على خلفية اتفاقية “مدريد”، ورغم ذلك فقد اثير جدل واسع بشأن منح ثلث الجائزة لعرفات بدعوى أنه كان ينظر إليه في بعض الدوائر الغربية، على أن ماضيه لا يؤهله لذلك، لدرجة أن تقدم “كريستانسن ” العضو النرويجي في لجنة نوبل باستقالته من عضوية اللجنة عام 1994م احتجاجًا على وضع اسم عرفات من بين الفائزين بها.. وكأن الماضي الدموي والعنصري لبيريز ورابين هو الذي أهّلَهُم لنيل ذلك الشرف النوبلي العظيم.

ولا تزال العنصرية البغيضة ملازمة لهذه الجائزة رغم تكلف وتعسف كل أساليب الحياد.. فقد حصل عليها الكاتب الترينيدادي “ن. إس. نايبول” في الآداب عام 2001م، وهو القائل في وصف الإسلام: إنه أسوأ من الاستعمار، لأنه يلغي ذات الفرد”.

ومن المعروف أن “نايبول” لا يكف عن الإطلاق عن عدائه الموتور على الإسلام والمسلمين.. وكان من الأبجديات ألا تمنح الجائزة لمثل هذه الشخصية على الإطلاق.. ولكنها نوبل ذات الأسرار والأغوار!

حتى البرادعي الذي حصل عليها مشاطرة مع وكالته الذرية.. كان “عراب” الغزو الأمريكي للعراق، على خلفية الكشف عن السلاح النووي العراقي المتوهم، في الوقت الذي لم يشر فيه بكلمة واحدة إلى الترسانة النووية الإسرائيلية، واكتفى بأن يكون “غراب البين” على أرض الرافدين.. كذلك التركي “أورهان ياموك”.. فقد حظي بالجائزة على خلفية أرائه الصادمة بشأن مذابح الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، والأكراد في الثمانينات من القرن الماضي، واضعًا دماء مليون أرمني و35 ألف كردي في رقاب الأتراك، الذين أزعجوا الغرب والشرق بنهضتهم المعاصرة، فذهبت نوبل المشبوهة إلى واحد من بني جلدتها، يُلَوّح في وجه المسلمين الأتراك بهذه الورقة النكراء.

بل إن “باموك” يفاخر بطعن بلاده من الخلف قائلاً: “لا أحد غيري يجرؤ على قول ذلك”.

علمًا بأن “اورهان باموك” عضو بارز بالأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم والآداب، وأن دماء الثقافة والثروة والخدمة الأمريكية، تجري في عروقه وتتفاعل في خلاياه.

والدكتور عبد السلام، والدكتور زويل.. من ألطف الناس قولاً وفعلاً، ورأيًا، ورؤية للكيان الصهيوني، على خلفية أن العلم ليس له وطن، طالما يؤدي استحقاقه الغربي المتفق عليه سرًا وجهرًا، سابقًا أو لاحقًا.

بل إن “زويل” قد زار الكيان الصهيوني مرتين –في ظروف سياسية حساسة– حيث كرم بالكنيست الإسرائيلي، كما حضر مؤتمرًا علميًا مهمًا في “إسرائيل”، لحساب تطوير صناعة الصواريخ.

وغني عن البيان، ذهاب الجائزة الأولى إلى الكيان الصهيوني عام 2002م لينالها “دانائيل كهانمار” في الاقتصاد، ثم يقتسم الفوز بها عام 2004م عالما الكيمياء الإسرائيليان “أهارون تشيما نوفر” و”إبراهام هيرشكو” مع الأمريكي “أروين روز” لتتفوق بذلك إسرائيل على كل الدول العربية مجتمعة، في عدد الفائزين بهذه الجائزة التي تحيط بها كل علامات الاستفهام.. وتتبعها كل أدوات التعجب.. وتلاحقه كل أساليب الاستنكار.

ومؤخرًا.. صرح الدكتور “آنيل محروموف”(*) رئيس جامعة “باكو” بجمهورية أذربيجان أنه يوجد بالعالم الإسلامي أكثر من 150 ألف جامعة، إلا أنه لا يوجد سوى 20 ألف جامعة هي التي ينطبق عليها مواصفات الجامعة، علمًا بأن هناك 56 دولة مسلمة من بين 300 دولة على مستوى العالم.

وهناك علماء في العلوم الطبيعية حصلوا على جائزة نوبل، بلغوا 500 عالم ليس من بينهم سوى 3 علماء مسلمين فقط هم.. د. “أحمد زويل” المصري، و”د. عبد السلام” الباكستاني، والدكتور “سانجالو” التركي.

وأضاف الدكتور “محروموف”: أن زويل عاش عمره العلمي وأبحاثه بجامعة كاليفورنيا بأمريكا.. وقدّم كل أبحاثه من خلالها وباسمها وتحت مضمار العلم الحديث بالولايات المتحدة الأمريكية، والدكتور عبد السلام الباكستاني عاش عمره العلمي بين انجلترا وإيطاليا وقدّم أبحاثه وإنجازاته باسمهما أيضًا، والدكتور “سانجالو” التركي، حصل على الجائزة وهو مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية.. ولم يحصل عليها عالم مسلم واحد في العلوم وهو يعيش على أرض وطنه أو يقدم أبحاثه باسمه.

وأكد “محروموف” أن 185 يهوديًا قد حصلوا على جائزة نوبل بفروعها المختلفة في مقابل 8 من المسلمين رغم أن أغلبهم لا يقيم في إسرائيل.

ورغم أننا ضد استخدام معيار الدين كأساس للتقييم إلا أن هذا العنصر يبدو أنه الحاكم الأول والأخير لهذه الجائزة، ويبدو كذلك أن الخط الوهمي الذي نراه جميعًا – وإن كنا لا نراه – لهذه الجائزة، يتلخص في أن يكون الحاصل عليها متمتعًا بعلاقة حسنة جدًا مع الكيان الصيهوني، وأن يكون “سامري” قومه، الذي يجمع أوزارًا من زينتهم، ليتخذها لهم عجلاً جسدًا له خوار.

 

________________________________

 الهامش:

(*) جريدة أخبار اليوم، السبت، 9/12/2017م.

Exit mobile version