ضلال ادّعاء النبوّة بعد محمد صلى الله عليه وسلم

 

 

البهائيون يرفعون زعيمهم فوق كل الرسل وأن الله يظهر من خلال رسله!

القاديانية تعتقد أن النبوّة لم تُختَم بمحمد صلى الله عليه وسلم وغلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعاً!

ابن تيمية: العالم لا يخلو من آثار نبي من لدن آدم إلى زماننا والناس يفرقون بين الرسل وغيرهم

الأزهر: البهائية فرقة مرتدة عن الإسلام لا يجوز الإيمان بها ولا السماح لها بإنشاء مؤسسات

 

 

 

ادّعاء النبوة قد يكون بأن يدّعي شخص النبوة لنفسه كذباً وافتراءً؛ إما استقلالاً، أو شركة مع نبي آخر، وقد يكون بتصديق من ادّعاها، أو القول بإيجازها بعد ختمها بمحمد صلى الله عليه وسلم، أو زعم أنه يمكن اكتسابها، أو ادّعى أنه يوحَى إليه، أو ينكر ختم النبوّة بمحمد صلى الله عليه وسلم، فكل هذه الصور من نواقض الإيمان في النبوات.

روى الشيخانِ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم السَّاعة حتى يُبْعَثَ دجَّالون كذَّابون قريبٌ من ثلاثين، كلُّهم يزعم أنه رسول الله»، ولم يفارق النبيُّ صلى الله عليه وسلم هذه الدنيا حتى صَدق الله رسولَه ما أوحى إليه، فظهر نَفَرٌ من هؤلاء الدجَّالين الذين ادَّعوا النُّبوَّة، والتقت وساوسهم في أثناء مرضه الأخير صلوات الله وسلامه عليه، منهم مُسَيلمةُ الكذَّاب صاحب اليمامة، والأسودُ العَنْسي صاحب صنعاء اليمن، ثم ظهر بعد العهد النبوي كذَّابون دجَّالون متنبِّئون؛ منهم: المختار بن أبي عُبَيد الثقفي، ثم الحارث بن سعيد الدمشقي، الذي ظهر في أيام عبدالملك بن مروان، ومثل إسحاق الأخرس الذي ظهر في خلافة أبي العباس.

وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم» (رواه مسلم).

لكن ما يحدث في العصر الحديث من طائفتين لهما أتباع في كل أنحاء العالم هو الضلال بعينه، خاصة بعد انتشار العلم ووقوع الحجة.

البهائية:

نشأت «البهائية» في إيران عام 1844م، ودعمها الاستعمار البريطاني، وكانت من ورائها اليهودية، وما زالت، ولها وجود في إيران والعراق وفلسطين، وفي كثير من البلدان، وأسس هذه الفرقة رجل يسمى علي محمد رضا الشيرازي، وأعلن عن نفسه أنه «الباب»، ولما مات قام بالأمر من بعده الميرزا حسين علي، الملقب بـ»البهاء»، وسمى أتباعه بالبهائيين نسبة له، وله كتاب اسمه «الأقدس»، وتوفي البهاء عام 1892م.

ويعتقد البهائيون أن «الباب» هو الذي خلق كل شيء بكلمته، وهو المبدأ الذي ظهرت عنه جميع الأشياء! ويقولون: إنه حل واتحد وذاب جسمه في جميع المخلوقات! ويقولون بتناسخ الأرواح، ويقدسون رقم (19)، قبلتهم وحجهم إلى البهجة بعكا حيث دفن بهاء الله، وفي عام 1963م تولى تسعة من البهائيين شؤون البهائية بتأسيس بيت العدالة الدولي (في حيفا) ينتخب كل خمس سنوات.

وعقيدة البهائية في الرسل والأنبياء تنضح بتقديس البهاء؛ إذ يرفعونه فوق كل الرسل والأنبياء، فيزعمون أن كل الرسل جاءت لتبشر به، وأن الله يظهر لعباده من خلال رسله، والبهاء هو أكمل الهياكل التي يظهر فيها الله (تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً)، ويزعمون أن باب الرسالة مفتوح لم يغلق، وأن كل دورة لها رسول، والدورة ألفا عام، وأن هذه دورة البهاء.

القاديانية:

تعتقد القاديانية بأن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم، بل هي جارية، والله يرسل الرسول حسب الضرورة، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعاً! ولهم كتاب يسمى «المبين»، وهو غير القرآن الكريم.

كان ميرزا غلام أحمد القادياني، نسبة لمولده في قرية قاديان (عندهم أفضل من الحرمين، وهي قبلتهم وإليها حجهم)، من بنجاب الهند (1839 – 1908م)، أداة التنفيذ الأساسية لإيجاد القاديانية، وكان ينتمي إلى أسرة اشتهرت بخيانة الدين والوطن، وهكذا نشأ غلام أحمد وفياً للاستعمار، مطيعاً له في كل حال، فاختير لدور المتنبئ؛ حتى يلتف حوله المسلمون، وينشغلوا به عن جهادهم للاستعمار الإنجليزي، وكان للحكومة البريطانية إحسانات كثيرة عليهم، فأظهروا الولاء لها، وكان غلام أحمد معروفاً عند أتباعه باختلال المزاج وكثرة الأمراض وإدمان المخدرات، إمامهم الحالي يسمونه «خليفة المسيح الخامس»، ميرزا مسرور أحمد.

خاتم النبيين

وقد روى البخاري ومسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضوع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضع هذه اللبنة؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين»، وفي رواية مسلم: «فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء»، وروى الشيخان، واللفظ للترمذي، قوله صلى الله عليه وسلم: «إن لي أسماءً أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي».

قال الإمام ابن كثير في تفسيره في قول الله تعالى: (وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) (الأحزاب: 40) بعد ما ذكر هذه الأحاديث الدالة على ختم الرسالة برسول الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم: «وقد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في السُّنة المتواترة عنه، أنه لا نبي بعده، ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذَّاب وأفاك دجال ضال مضل».

قال ابن منظور في لسان العرب: «خِتامُ القَوْم وخاتِمُهُم وخاتَمُهُم آخرُهم، وخاتم النبيين آخرهم»، وبهذا المعنى فسر المفسرون الآية.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره نقلاً عن ابن عطية في تفسير الخاتم بالآخِر، قال: «هذه الألفاظ عند جماعة علماء الأمة خلفاً وسلفاً متلقاة على العموم التام، مقتضية نصاً أن لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم»، ثم رد على تفسير الخاتم بالحلية بقوله: «وهذا إلحاد عندي، وتطرق خبيث إلى تشويش عقيدة المسلمين في ختم محمد صلى الله عليه وسلم النبوة، فالحذر الحذر منه، والله الهادي لرحمته».

ظلم وإجرام

ويقول ابن تيمية: «والنبوة مشتملة على علوم وأعمال لا بد أن يتصف الرسول بها، وهي أشرف العلوم وأشرف الأعمال؛ فكيف يشتبه الصادق فيها بالكاذب، ولا يتبين صدق الصادق، وكذب الكاذب، من وجوهٍ كثيرة، لا سيما والعالم لا يخلو من آثار نبي من لدن آدم إلى زماننا، وقد علم جنس ما جاءت به الأنبياء والمرسلون وما كانوا يدعون إليه، ويأمرون به، ولم تزل آثار المرسلين في الأرض، ولم يزل عند الناس من آثار الرسل ما يعرفون به جنس ما جاءت به الرسل، ويفرقون بين الرسل وغير الرسل».

ويذكر ابن كثير الفرق الشاسع بين النبي الصادق والمتنبئ الكذاب، عند تفسيره لقوله تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) (يونس: 17)، فيقول: «يقول تعالى: لا أحد أظلم، ولا أعتى، ولا أشد إجراماً ممن افترى على الله كذباً وتقوّل على الله، وزعم أن الله أرسله، ولم يكن كذلك، فليس أحد أكبر جرماً، ولا أعظم ظلماً من هذا، ومثل هذا لا يخفى أمره على الأغبياء، فكيف يشتبه حال هذا بالأنبياء؟ فإن من قال هذه المقالة صادقاً، أو كاذباً، فلا بد أن الله ينصب عليه من الأدلة على بره أو فجوره ما هو أظهر من الشمس، فإن الفرق بين محمد صلى الله عليه وسلم، ومسيلمة الكذاب لمن شاهدهما، أظهر من الفرق بين وقت الضحى، ونصف الليل في حِندس الظلام».

وقد توعد الله تعالى من ادعى النبوة بالعذاب المهين، وكما قال ابن تيمية: «ولم يجئ إعداد العذاب المهين في القرآن إلا في حق الكفار»، وأيضاً: «قد نُفي الفلاح عن هذا الصنف»، وقال الشنقيطي: «الفلاح لا يُنفى بالكلية نفياً عاماً إلا عمن لا خير فيه، وهو الكافر».

فتاوى

أصدرت دار الإفتاء التابعة للأزهر الشريف فتوى تؤكد أن البهائية فكر منحرف ومعتنقها مرتد: «فالبهائية فرقة مرتدة عن الإسلام، لا يجوز الإيمان بها، ولا الاشتراك فيها، ولا السماح لها بإنشاء جمعيات أو مؤسسات، وذلك لأنها تقوم على عقيدة الحلول، وتشريع غير ما أنزل الله، وادعاء النبوة، بل والألوهية»، وهذا ما أفتى به مجمع البحوث الإسلامية في عهد الشيخ جاد الحق، حيث قال: «والبابية أو البهائية فكر خليط من فلسفات وأديان متعددة، ليس فيها جديد تحتاجه الأمة الإسلامية لإصلاح شأنها وجمع شملها، بل وضُح أنها تعمل لخدمة الصهيونية والاستعمار، فهي سليلة أفكار ونِحَل ابتليت بها الأمة الإسلامية حرباً على الإسلام وباسم الدين».

وفي مؤتمر رابطة العالم الإسلامي عام 1974م أعلن كفر القاديانية وخروجها عن الإسلام.

المرجع:

الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة الرياض 1418هـ.

Exit mobile version