ضاعف مكاسبك.. وأتقن مهارات الحديث

– عطاء الحب أوسع وأدوم من عطاء الواجب مع الحزم والحرص على التزام الجميع بمسؤولياته

– بعض الناس إذا سكت يترك ملامح وجهه تعترض وربما تسخر ويوصل رسائل أسوأ لمحدثه من مقاطعته

– عندما تشعر بالرغبة بالحديث تنبه حتى لا تقول ما تندم عليه فالبعض يجيد الاستماع للفضول وأحياناً للاستدراج

– راقب عيون من تحدثه فإذا لاحظت عدم اهتمامه أو انصرافه عنك بالعبث بهاتفه فلا تواصل الكلام

 

نحب زيادة مكاسبنا النفسية والاجتماعية والمادية، ونخسر كثيراً لعدم امتلاكنا مهارات الحديث؛ ولذا نقدمها لك لتغلق أبواب الخسائر وتضاعف مكاسبك كما ندعو لك.

أخبرني خبير بالإعلانات أنه كان بحاجة شديدة للمال، فتوجه لأهم ممول لديه، ولاحظ أنه قابله بابتسامة مفتعلة -على غير عادته- وأنه بدأ مجهداً.

سأله عما به، فرد أنه بخير، وعاود السؤال ولم يتركه حتى فضفض واستمع له جيداً وواساه، ثم غادر ولم يطلب منه شيئاً.

وبعدها بأيام هاتفه للاطمئنان.

وصبر حتى تحسنت أحواله؛ ثم عرض عليه حملة إعلانية ووافق فوراً.

أكد الخبير: علمتني الحياة قراءة وجوه الناس وحسن اختيار وقت الحديث وإشعار محدثي باهتمامي به دون تزلف.

كفى خسائر

نحتاج جميعاً تعلم ذلك؛ فنؤجل الحديث عندما نلمح عدم استعداد محدثنا للكلام لأي سبب؛ ولا نفعل مثل بعض الأزواج والأولاد -من الجنسين- الذين يقذفون كلامهم على شركاء الحياة والأهل وكأنهم يتخلصون من عبء يحملونه، ويحصدون نتائج سيئة- يمكنهم تجنبها- لو اختاروا الوقت الجيد للكلام.

لننتبه لأسلوب الكلام مع الأهل وشركاء الحياة وبالعمل والدراسة والأصدقاء؛ فعندما نبدأ الكلام بالتهكم أو باللوم أو بالاتهامات أو بجمل مثل: لقد نفد صبري، لم أعد قادرًا على التحمل، نصنع مشاجرة وليس حديثًا..

نرفض الحديث بجمل استعطاف مثل: لا أستحق منكم ذلك؛ فهي وإن نجحت أحياناً ولكن خسائرها فادحة، ونوصي بالاعتزاز بالنفس.

وتجنب الحدة والصوت العالي ولغة الأوامر حتى مع من يصغروننا بالسن بالعمل أو البيت؛ فعطاء الحب أوسع وأدوم وأفضل من عطاء الواجب مع الحزم والحرص على التزام الجميع بمسؤولياته.

لنتذكر حكمة صينية رائعة؛ مفادها لو استطاع كل إنسان إخراج لسانه ووضعه بالسكر ثم إعادته لفمه فليفعل.

والمقصود تعلم الكلام الحلو وتجنب إلإساءات بلا مبالغة؛ فالسكر يجب استخدامه بمقدار؛ فبعض الوجبات يفسدها السكر، وبعض المواقف يجب تجنب المجاملات والكلام اللطيف حتى لا تبدو ضعيفًا مثل عند احتدام المشكلات أو التعرض لإساءة.

ليس صراعًا

لا لمقاطعة من يتكلم لإضافة معلومة أو لتصحيح ما ذكره ويكون هذا الخطأ مضاعفاً إذا كان كبيراً بالسن أو أمام الآخرين؛ فما أكثر ما يتسبب ذلك في الضغينة والوجع أيضاً.

ولنتحكم بالنفس عندئذ وبتعابير الوجه؛ فبعض الناس إذا سكت يترك ملامح وجهه تعترض وربما تسخر ويوصل رسائل أسوأ لمحدثه من المقاطعة.

وبعد انتهاء المتحدث من الكلام لا نتسرع بإثبات أنه مخطئ وكأننا في مبارزة وسنقضي عليه، بل نفتش عن شيء قاله ونثني عليه ثم نتطرق بلطف للخطأ ولا نقول: كيف تقول ذلك؟ وأنا أرى كذا؛ فنصنع صراعًا شخصيًا.

نقول بأقل كلمات: ما رأيك أن هناك من يقول كذا دون الطعن في رأيه والتقليل من شأنه، وأن الأمر يمكن التفكير فيه.

ونغير موضوع الكلام بلطف، وإذا أصر نتركه لشأنه فلسنا بمجال السيطرة على عقول الناس وعلى أفكارهم؛ أما إذا كان الأمر يتعلق بأمر ديني أو خطأ بالصحة فيمكن إنهاء الحديث بإمكانية الرجوع لمصدر موثوق مع عدم متابعته، ومنحه الفرصة للتراجع والاحتفاظ بماء وجهه، وعدم الانشغال به والتركيز على شؤوننا؛ وهذه ليست سلبية ولكنها احترام لأولوياتنا بالحياة.

أما الأولاد وشركاء الحياة وصلة الرحم، فلنتابعهم بود واحترام.

وصاية وإحراج

من أخطاء الحديث الشائعة الإسراف بالحديث عن النفس وكأننا محور الحياة، وعدم منح الآخرين الفرصة والوقت الكافي لعرض أفكارهم بلا تدخل منا وبلا وصاية؛ فقد يرتبك أحدهم أثناء الحديث، ولا يليق القول بأنه يقصد كذا ونلغي تواجده وكأنه لا يصلح للتعبير، ولا يليق السخرية من ارتباكه أو التعليق غير المقبول مثل: لقد توقعنا ذلك، ولنتفادَ النظر إليه ولا نتسبب بإحراجه ونتشاغل عنه حتى يتماسك ويعاود الحديث وعندئذ ننصت باحترام.

ومن أسوأ أخطاء الحديث ألا نهتم بانفعال من يتكلم، وألا نحترم ذلك ونقول: الأمر لا يستحق الانفعال، ولو كنا مكانه لما اهتممنا، ويفعل الكثير ذلك بحسن نية ظناً منهم أن ذلك سيهدئ المتحدث، والمؤكد أنه يشعل غضبه؛ لأننا نوصل له رسالة مؤداها: أنت لست ناضجاً ونحن أفضل منك، ونوصي بألا نزيد غضبه ونسمعه باحترام، وعندما ينتهي نترك له فرصة ليهدأ ثم نخبره بما نريد بلطف مع تجنب ذكر كلمة مخطئ؛ فلا أحد يحب سماع ذلك خاصة عند انفعاله، ولا نخدعه بالموافقة على أخطائه، ونقول: لو كنت مكانك ربما فعلت مثلك ولكن ما رأيك لو فعلت كذا.

صراخ ومشكلات

من أخطاء الحديث الصراخ بوجه من تتكلم معه؛ لأننا نشعر بالتعب أو بالإجهاد النفسي أو لأن يومنا كان سيئاً، والأسوأ توقع أن يتحملنا الناس لأننا طيبون أو لأنهم يحبوننا ويعرفون أننا نحبهم.

وكأننا نعاقبهم لقربهم منا؛ والصواب تجنب الحديث عندما نحس بالإجهاد النفسي أو الجسدي فسنضايقهم وتزيد مشكلاتنا.

ولننفرد بأنفسنا ونغسل الوجه بالماء للتهدئة وشرب المياه وتحاشي الحلوى لأنها تزيد العصبية، وإن استطعنا إغماض العينين مع إغلاق الفم والنفس بهدوء من الأنف، وهذا التمرين يمكن أداؤه بأي وقت وأي مكان –دون إغماض العينين- ويمكن وضع راحتي اليدين على الرجلين مع إرخاء الكتفين وإعادتهما للخلف قليلاً لتهدئة الأعصاب سريعاً.

وإذا أصر أحد على الحديث معنا ونحن مجهدون فلنعتذر بأننا بحالة لا تسمح للحديث، أو أننا بعجلة من أمرنا ونؤجله لمنع المشاحنات.

ومن خسائر الحديث ألا نهتم بالإنصات الجيد، وهو ما يكشفه تعابير الوجه وعدم التجاوب بما يكفي مع الكلام، ومقاطعة من يحكي ذكريات أو موقف أو رأي ما لتقول له: وأنا أيضاً حدث لي ذلك؛ انتظر حتى ينتهي تماماً من كلامه ثم قل ما تشاء.

إذا شكا أحد من مرض أو أزمة فلا تقل: هذا أمر فظيع لتبدو متعاطفاً، فتؤذيه دون قصد، ولا تقلل مما يعاني ظناً أنك تساعده، ولا تقل أموراً أسوأ مما ذكرها لتهون عليه؛ فقط، انصت باحترام وود ثم أخبره أنك تثق أنه سيكون أفضل بأقرب وقت، وأنك ستدعو له وترحب بمساعدته عندما يرغب.

تنبه وراقب

لا تكثر من الكلام عن معلوماتك؛ فتبدو بصورة المتفاخر، وعندما تتكلم وتشعر بالرغبة بالحديث؛ تنبه، حتى لا تقول ما تندم عليه؛ فالبعض يجيد الاستماع بغية الفضول وأحياناً للاستدراج فلا تمنحهم ذلك.

عندما يخبرك أحد بمعلومة تعرفها فلا تقاطعه وتقول: أعرفها؛ حتى لا تضايقه ودعه يكمل ما يريد فلستما بمنافسة؛ أيكما يعرف أكثر، انتظر حتى ينتهي ثم قل: أتفق معك، وإذا كانت لديك إضافة قلها.

إذا أطال محدثك الكلام وأردت الانصراف، فهذا حقك، قل بلطف: أود مواصلة الاستماع، ولكنني مضطر للانصراف، وآمل لقاءك قريباً، فهذا أفضل من الاستماع بضجر وإضاعة وقتك؛ فسيلاحظ محدثك ضجرك –مهما أخفيته- ولن يعرف أنك تضحي بوقتك.

راقب عيون من تحدث، فإذا لاحظت عدم اهتمامه أو انصرافه عنك بالعبث بهاتفه فلا تواصل، وكذلك لا تتكلم مع أحد وأنت تنظر بهاتفك، فهذا يسيء إليك كثيراً.

لا تسأل أحداً عن عمره، وزنه، وثمن مشترياته، وأي أمور خاصة، ولا ترد على من يسألك عنها واحتفظ بخصوصيتك، ولا تتكلم بصوت عال ولا بسرعة وكن وسطاً.

لا تنظر للأرض وأنت تتكلم ولا بوجه محدثك بجرأة زائدة وكن وسطاً، لا تقاطع من يتكلم كلاماً لا يعجبك وتقول: أنا لا أحب ذلك أو أعترض، بإمكانك الصمت أو الانسحاب بلطف دون جلب الضغينة، أو سؤاله عن أمور يحبها.

عند الحديث بالهاتف اسأل: هل وقت الحديث مناسب؟ وبعد انتهاء الكلام؛ لا تقل: أعتذر للإزعاج، وقل: شكراً على وقتك.

ولا تتصل بأحد بالهاتف بالصباح المبكر أو وقت تناول الغذاء أو بوقت متأخر ليلاً، ولا بالإجازات؛ وتنبه ولا تطل الكلام فترهق من يتكلم معك أو يتعامل معك وكأنك تعاني الفراغ وتريد ملأه بالكلام معه.

أخيراً؛ اجعل كلامك مصدراً لنجاحك وسعادتك ولا تتراجع أبداً.

Exit mobile version