«فقه التيسير في الشريعة الإسلامية».. تأصيلاً وتطبيقاً

يمثل كتاب «فقه التيسير في الشريعة الإسلامية» للدكتور عبدالرقيب صالح الشامي قيمة علمية ونقلة نوعية في تقريب مفاهيم وقواعد وأصول فقه التيسير في الشريعة الإسلامية، بلغة سهلة بسيطة وميسرة يفهمها الجمهور العام من المسلمين، المتخصص منهم وغير المتخصص، وتكمن أهميته وقيمته العلمية في الجانب التأصيلي للقاعدة الشرعية الأصولية الكبرى، عن طريق جمع واستقراء النصوص والأدلة الصريحة والمباشرة، بالإضافة إلى الجانب التأصيلي من الموروث الفقهي والأصولي والمقاصدي، كما يضم الكتاب جملة من العلوم، التي تشرح القاعدة في منحى ومسلك أصولي مقاصدي فقهي.

وتكتسب الدراسة أهمية مثلى في ظّل التراجع العلمي والجمود الفقهي بالأمة في عصرنا، وما تعاني من ظاهرتي الإفراط والتفريط بالتشدَّد والتساهل، وفي وضع تواجه الشريعة الإسلامية هجمة شرسة واستهدافاً من قبل الأعداء والخصوم.

وتكتسب الدراسة أهمية من حيث المحتوى العملي والتطبيقي، في أهم جوانب الشريعة الإسلامية؛ وهي العبادات التي يحتاج المسلم إلى فهمها ودرايتها بصورة مرتبة في الجانب العام والخاص.

الفكرة والمنهج:

تدور الفكرة الرئيسة للكتاب في دراسة وبيان أصل كلي ومقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، هو فقه التيسير في الحالتين الاختيارية والاضطرارية، وتفصيل ذلك، وتأصيله وبيان مستنداته وقواعده وصوره وأمثلته في الجانب النظري والتطبيق العملي على السواء.

واستخدم الباحث المنهج الاستقرائي من خلال تتبع نصوص القرآن الكريم والسُّنة النبوية وأفعال الصحابة والتابعين، والقواعد والأصول الضابطة، ومحاولة قراءة أنواعها وصورها وتحليلها للوصول إلى استنتاجات تحقق مقصود القاعدة.

والمتأمل في نصوص الفقه الإسلامي ومقاصد الشريعة الإسلامية يجد أن التيسير يعد أحد المبادئ الكبرى التي قامت عليها شريعتنا الغرّاء؛ فالشريعة يُسْر كلها، لا عُسر فيها بوجه من الوجوه، ولم يرد وصفها بالمشقة أو العسر، ولا بالتوسُّط بين اليُسر والشدة.

ولمّا كانت الشريعة الإسلامية آخر شريعة سماوية، كان لا بد أن تكون مميزة بخصائص ومميزات تجعلها قابلة للثبات والاستمرار، ومواكِبة لحياة الإنسان مهما كان، وفي أي عصر ومكان كان.

ومن أهم هذه المميزات «رفع الحرج عن المكلّفين والتيسير عليهم»، وهي ميزة ميّزت شريعتنا عن غيرها من الشرائع الأخرى السابقة التي ضمَّنها الله عز وجل من الأعمال الشاقة ما يتناسب وأحوال وأوضاع تلك الأمم التي جاءت لها تلك الشرائع.

التيسير المنضبط

ويعد موضوع الدراسة من المواضيع المهمة والحيوية التي يجب أن تبرز في كل عصر، وفي عصرنا الحاضر بصورة أشد، والأمر يتعلق هنا بإحياء وبث روح الشريعة الإسلامية بصورة تستدعي من عموم المسلمين وخاصتهم، التبشير بمحاسنها وإظهارها حتى يقبل الناس عليها أفواجاً ويعملوا بها؛ لأن من غير الممكن أن يقبل الناس أمراً فيه شدة وحرج ومشقة.

وقد جاءت هذه الدراسة –كما يقول الباحث- لكسر حدّة ما انتشر من بعض الأفكار والتصورات الخاطئة، المتسمة بالتشدد والتطرف والغلو الذي قتل روح الشريعة الإسلامية في المسلمين قبل غيرهم، كما تسد حاجة مُلحة للمسلم المعاصر، وتعالج مشكلة أسلوبية في تبسيط مفاهيم وأصول وقواعد التيسير في الشريعة الإسلامية، بعيداً عن ذلك المنحى والتوجه التخصصي الذي درج عليه علماء الأصول والفقه والمقاصد في دور ومراكز التعليم، التي لا تتناسب مع جمهور الأمة وعامتهم.

ولأن التيسير قد يستخدم في غير مقصوده؛ فقد عمل الباحث على تقييده بـ«الفقه»، وذلك بأن يكون الأمر على مراد الشارع وليس أهواء الناس وأمزجتهم.>

د. عبدالرقيب صالح الشامي في سطور

 من طليعة الباحثين الشرعيين القلائل الذين برعوا في تقديم وتبسيط علوم الشريعة وفق قواعد الأصول والمقاصد بلغة سهلة بسيطة وميسرة.

 صدرت له العديد من الكتب والمؤلفات، والدراسات والأبحاث المطبوعة، يأتي في صدارتها: «القواعد الأصولية عند الإمام مالك من خلال المدونة الكبرى»، و«الحكم الشرعي بين النظرية والتطبيق.. دراسة أصولية على ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية»، وكتاب «فقه الدين والتدين»، و«فقه مراتب الأعمال».

Exit mobile version