طلب العلم

بسم الله (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (سورة العلق آيات 4-5)، القائل لرسوله: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (سورة طه آية 114)، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، القائل: “من سلك طريقًا يلتمس فيه علماً، سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة”(1)، والقائل أيضًا: “من يردِ الله به خيرًا يُفَقّههُ في الدين”(2)، وبعد:

اعلم أخي الداعية: أنّ طلب العلم فريضة على كل مسلم، إذْ لا عبادة صحيحة إلا بالعلم، أي: العلم الشرعي، وهو من أفضل العلوم التي يُتقرب بها إلى الله عز وجل، فبدونه يضل الإنسان عن الصراط المستقيم، لأنه نور يهدي إلى صراط الله المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فمن يطلب العلم يكن له نورًا في القلب يخرج على ملامح الوجه والحياة، واسمع إلى الإمام الشافعي حين ينشد وصية شيخه، فيقول:

وأَعْلَمَنِي بأنَّ العِلْمَ نورّ         ونورُ الله لا يُهدى لعاصي

فاحرص على طلب العلم الشرعي النافع، وتذكّر قول ابن القيم في فضل العلم الشرعي حيث يقول: “لا يعدل مداد العلماء إلا دم الشهداء”(3).

وهذه الأقوال تدلّنا وتحثّنا على أهمية طلب العلم وفضله، وإننا لنعجب في هذا الزمان من بعض الدعاة الذين يدعون إلى الله عز وجل، وعندما يُسألون عن مسألة بسيطة فإذا بهم لا يعرفونها أو قد جهلوا حكمها، فهذا تقصير من البعض نسأل الله العافية.

وإنني بهذه الكلمات لا أدعو إلى الانكباب على طلب العلم وترك الدعوة، بل هما جناحان للداعية ينبغي أن يوفّق بينهما، ممتثلًا قوله تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ) (سورة يوسف آية 108)

فالداعية قدوة، وأيّ عمل يعمله فإن الناس يقتدون به، فعليه حينئذ أن تكون أقواله وأفعاله موافقة للكتاب والسُّنة، فاحرص أشد الحرص على طلب العلم الشرعي النافع، فو الله إنه لنور في الحياة وفي الممات، وهو حرث الآخرة (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) (سورة الشورى آية 20).

وفي الختام، تذكر هذه الوصية:

فاعمل لدار غدًا رضوان خازنها              والجار أحمد والرحمن بانيها

نعم إنها الجنة تحتاج إلى علم وعمل، وقبلهما نية صالحة موافقة للكتاب والسُّنة.

فنسأل الله سبحانه أن يرزقنا العلم والعمل، وأن يفقهنا في الدين، هو وليَّ ذلك والقادر عليه.

والحمد لله رب العالمين.

 

_______

الهوامش

(1) رواه مسلم (رقم/ 6793).

(2) رواه البخاري (رقم / 71)، ومسلم (رقم/ 2386).

(3) الفروسية لابن القيم ص 157.

Exit mobile version