حفظ اللسان

بسم الله العزيز الحميد القائل: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ {18}) (ق)، وأصلي وأسلم على رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم القائل: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت(1)، وعندما سُئِلَ عن أفضل المسلمين قال: “من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده”(2).

وبعد:

اعلم أخي الداعية أنّ في جسمك عضلة إن أحسنت استخدامها ساقتك إلى الجنان، وإن أسأت استخدامها أردتك في النيران، ألا وهي “اللسان”، كما قال الشاعر:

احفظ لسانك أيها الإنسان                   لا يلدغنك إنه ثعبان

كم في المقابر من قتيل لسانه              كانت تهاب لقاءه الشجعان

فعليك أخي الداعية أن تحفظ هذا اللسان، وتعرف ما يخرج منه، ولا تتكلم ولا تنطق إلا بما فيه خير، كما قال الله تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {36}) (الإسراء)، وتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: “إنَّ العبدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكلمة ما يَتَبَيَّنُ فيها، يَزِلُّ بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب(3)، فتبصر في كلامك وتفكّر، فرضي الله عن أبي بكر الصديق إذْ كان يقول، بما معناه: “وددتُ أني أضع حجرًا على لساني، حتى إذا ما أردت أن أتكلم تفكرت في ما سأنطق به، هل هو خير فأمضي فيه أو شر فأقف عنده”.

فالشخص الذي تراه دائماً يكثر الكلام بغير فائدة، غالبًا ما يكون ضعيف العلم والحكمة، فهو يتكلم بكلام كثير ربما لا يفقه منه إلا قليلًا ولا تكتسب منه فائدة أبدًا، وهذا النمط من الشخصيات كثير ما يقع في حبائل الشيطان من الغيبة والنميمة والكذب والبهتان، فاحذر يا أخي الداعية من الوقوع في حبائل الشيطان ومكائده، وتفكر في كل كلمة قبل أن تنطق بها، هل سترفعك درجة إلى الجنان أو تهوي بك إلى النيران؟

وفي الختام:

نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من الذين يحفظون ألسنتهم عن الحرام، ويكفّونها عن الغيبة والبهتان، وأذكرك بوصية الإمام حسن البنا رحمه الله، حيث قال في وصاياه: “تجنب غيبة الأشخاص وتجريح الهيئات، ولا تتكلم إلا بخير”.

والحمد لله رب العالمين.

 

________

الهوامش

(1) رواه البخاري (رقم/ 6019)، ومسلم (رقم/ 172).

(2) رواه البخاري (رقم/ 11)، ومسلم (رقم/ 160).

(3) رواه البخاري (رقم/ 6477)، ومسلم (رقم/ 5304).

Exit mobile version