عبدالحليم عويس.. والصحافة الإسلامية

 

ساهم في تحول “الاعتصام” إلى مجلة حديثة الشكل حية الموضوعات تناقش القضايا بجرأة 

أثناء وجوده بالسعودية واصل دوره الصحفي بالكتابة عن القضايا الإسلامية المعاصرة في مجلة “الدعوة” 

جامعة الإمام ابن سعود وجدت ضالتها فيه ففرغته بصورة شبه كاملة للعمل التحريري والتأليف 

بذل جهوداً كبيرة وحقق من خلال الصحافة فوائد عديدة بمجال التعريف بالإسلام والدفاع عنه 

اتخذ من احتلال الصليبيين للقدس دليلاً على الفارق بين المسلمين وسلوكهم الحضاري والصليبيين وسلوكهم الشائن 

قد يلجأ في ثنايا مقالته إلى السخرية ليتفاعل معه القارئ ومن ثم يتابع براهينه وأدلته لإقناعه 

مقالاته الإسلامية والتاريخية كانت أساساً لكثير من كتبه التي ظهرت تباعاً

 

في عام 1971م عرّفني الأستاذ أنور الجندي يرحمه الله على مجلة “الاعتصام”، بعد أن قدَّم لها مقالاً لي نشرتْه في صدر صفحاتها، كنت أيامها مشغولاً بالكتابات الأدبية، ومع بداية حكم الرئيس “السادات” وفتح نوافذ محدودة للتعبير عن الشأن العام، ازداد اهتمامي بالقضايا التي يعيشها الوطن وعلى رأسها قضية الحرية.

عرفت عبدالحليم عويس يرحمه الله في “الاعتصام”، كنا متقاربين في السن والمنشأ، فقد ولد عام 1943م بقرية سندسيس بالمحلة الكبرى، وهي بيئة ريفية تماماً، مع أن بها أكبر مصانع النسيج في العالم، وقد ولدت بعده بثلاث سنوات في البيئة الريفية ذاتها بمحافظة أخرى، وقد تخرجنا معاً في كلية عريقة هي دار العلوم، وكان في فترة دراسته بدار العلوم قد التحق بجريدة “الأهرام” للعمل مصححاً ومراجعاً، فاكتسب خبرة ملحوظة بالعمل الصحفي، ولعل ذلك كان من مسوغات عضويته بنقابة الصحفيين، واتخذ مساره في الدراسات العليا نحو التاريخ الإسلامي، أما أنا فقد اتجهت إلى النقد الأدبي، وكان -يرحمه الله- يحذرني أن بعض القوم لن يرحبوا بي لأن توجههم مخالف، وأن الفرصة أمامي أفضل للدراسة في التاريخ والشريعة والفلسفة والنحو وغيرها من مواد التفوق، ولكني أصررت أن أواصل في مجال النقد والبلاغة والأدب المقارن، وأذكر أني قلت له: إنني لن أهرب من المواجهة، ويجب على أمثالي أن يقتحموا كل المجالات، وأن يصبروا على المتاعب، وأن يضحوا، فمن الخطأ ترك المجال للمخالفين وحدهم.

 

الاعتصام.. والمصاعب
تحقق ما توقعه عبدالحليم، وعانيت بعض المصاعب، ولكنها على كل حال لم تكن قاتلة؛ فقد وجدت هناك من يتعاطف معي، حتى في مراحل الترقي التي تولاها نفر من اليساريين من خارج دار العلوم، كان بعض المحبين يساندونني في مواجهة تعسف لا مسوغ له وكراهية غير مفهومة، وانتصرت بفضل الله، وأنجزت إنتاجاً لا بأس به في مجال التخصص الذي يهرب منه كثيرون بسبب صعوبته.
كان مسار الاهتمام بالشأن العام يتبلور في “الاعتصام”، وقد تحولت المجلة من هيكل متواضع يهتم بالنقل عن التراث ومعالجة بعض القضايا العامة الهامشية في حدود المتاح آنئذ من حرية تعبير؛ إلى مجلة حديثة الشكل حية الموضوعات تناقش القضايا العامة بجرأة غير مسبوقة، وكانت تمثل المعارضة الحية الحقيقية الوحيدة، حتى انضمت إليها مجلة “الدعوة” التي كان يصدرها الإخوان المسلمون.

كانت “الاعتصام” من قبل تُوزَّع أمام المساجد وفي فروع الجمعية الشرعية، ولكنها بعد التطوير صارت تُوزَّع مع الصحف السيارة عبر مؤسسات التوزيع الصحفي الكبرى مثل “الأهرام”، و”الأخبار”، وارتفع توزيعها من أعداد محدودة تطبعها مطابع الجمع اليدوي إلى توزيع عشرات الآلاف التي تطبعها المطابع الآلية في مطابع الأهرام التجارية على كورنيش النيل، ولأول مرة بدأت القوى السياسية وخاصة ما يطلق عليهم المثقفون يتابعونها ويعلقون عليها، ويتسع نطاق توزيعها في الخارج من الخليج إلى المحيط، وكل ذلك بفضل الله أولاً، ثم إمكانات محدودة ونفر قليل من المحررين يضم الحاج حسن عاشور، ود. محمد عاشور، ووالدهما الشيخ أحمد عيسى عاشور، والشيخ محمود عبدالوهاب فايد، والأستاذ محمد عبدالله السمان، والأستاذ أنور الجندي، والأستاذ محمد عطية خميس، والشيخ عز الدين فريد، وعبدالحليم عويس –رحمهم الله جميعاً– وكان كاتب هذه السطور واحداً ممن يشاركون بجهدهم المتواضع في التحرير، والرد على رسائل القراء بطريقة مبتكرة تركز على طرح القضايا التي يثيرها القراء وإدارة الحوار حولها، وانتخاب الكتابات المبشرة بكتّاب جدد وقد صار بعضهم كاتباً مرموقاً فيما بعد، ومن بينهم الشيخ د. محمد المسير رحمه الله، ود. إبراهيم البيومي غانم، بالإضافة لإعدادي الموضوعات للنشر فيما يعرف بـ”الديسك”.

تركنا عبدالحليم وذهب للعمل بالخارج، وحين عاد لبعض الوقت، ورأى باب البريد بصورته الجديدة؛ ضحك وقال: هذا بابي، قلت له: تفضل، ولكنه ما لبث أن غادرنا إلى السعودية للعمل هناك بعد حصوله على الدكتوراه في موضوع “ابن حزم الأندلسي مؤرخاً” عام 1978م، وكان قد حصل على الماجستير قبلها في موضوع “دولة بني حماد في الجزائر” عام 1973م، وقد استمر في السعودية فترة طالت إلى سبعة عشر عاماً، عمل فيها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكان مقرباً من مديرها د. عبدالله التركي؛ مما مكّنه من الإسهام بجهد كبير في خدمة كثير من قضايا الإسلام والمسلمين عبر المؤتمرات والندوات والكتابة في الصحف والمجلات المحلية هناك.

 

بين “الدعوة” المصرية.. و”الدعوة” السعودية
في أواسط السبعينيات من القرن الماضي، أعيد إصدار مجلة “الدعوة” الناطقة باسم الإخوان المسلمين، وقد شاركت فيها بالكتابة، وكان عبدالحليم يتردد على القاهرة كثيراً قادماً من الرياض أو في طريقه إلى بعض العواصم للمشاركة في مؤتمر أو ندوة، وقد أتاح له ذلك فرصة المشاركة بالكتابة في “الدعوة” المصرية، وكانت إمكاناتها المادية أفضل من إمكانات “الاعتصام”، بالإضافة إلى وجود هيئة تحرير معينة ومستقرة، فحققت فرصة الانتظام في الصدور أول كل شهر عربي، وحققت انتشاراً ملحوظاً أزعج السلطات، فقد شكلت مع “الاعتصام” رأس حربة للدفاع عن الشريعة والدعوة إلى تطبيقها، ورفض مبادرة “السادات” واتفاقيات “كامب ديفيد”، بالإضافة إلى تناول قضايا المجتمع وتبني حقوق الناس والدعوة الإسلامية بطريقة مباشرة.

أما في مجلة “الدعوة” السعودية، فقد وجد عبدالحليم فرصة مواصلة دوره الصحفي والكتابة عن القضايا الإسلامية المعاصرة في أثناء وجوده بالمملكة، وقد أسس “الدعوة” في الرياض الشيخ عبدالله بن إدريس، وهو من أبرز أعلام الأدب العربي الحديث في السعودية، كتب الشعر والنقد والدراسة الأدبية -وكان هواه مصرياً- بالإضافة إلى القضايا العامة وفي مقدمتها قضايا الإسلام، وكان مقر المجلة آنئذ في منطقة الثميري آخر شارع الوزير بمدينة الرياض، وقد صدرت على هيئة صحيفة أسبوعية أولاً ثم تحولت إلى مجلة، وتولى بعده الشيخ سعد الفريان، ثم الأستاذ عبدالعزيز العيسى الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وقد تنقّلتْ في أكثر من مكان بعد الثميري، حتى استقرت في مقر فخم شمال الرياض.

 

الجامعة.. والصحافة 
كان عبدالحليم يذهب إلى عمله في جامعة الإمام صباحاً، ثم يواظب على الدوام في “الدعوة” مساء، يساعد في تحريرها، ويكتب فيها مقالاته ما بين تناول موضوعات تاريخية تنتمي إلى مجال تخصصه وأخرى تتناول القضايا العامة الراهنة، وقد انضم إلى هيئة تحرير المجلة في تلك الفترة صديقنا الراحل د. محمد جاد البنا، الذي كان معاراً إلى وزارة المعارف، ثم انتقل إلى “الدعوة”، وكان رحمه الله دمث الخلق ودوداً، دعاني للكتابة في المجلة عندما ذهبت في إعارة للعمل بالتعليم العام أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، وقد سافرت لزيارة الرياض من منطقة جيزان، وزرت “الدعوة”، ولكني لم أتمكن من لقاء عبدالحليم فقد توسعت مهامه آنئذ، وكثرت مشاركاته في المؤتمرات الخارجية وارتباطاته مع د. عبدالله التركي الذي كان بدوره محوراً مهماً من محاور الحركة الإسلامية التي تتبناها المملكة العربية السعودية مع دول العالم في فتح آفاق الدعوة والمراكز الثقافية والتعليمية الإسلامية.

بالإضافة إلى ذلك، كانت لعبدالحليم مشاركات واضحة في المجلات الأكاديمية التي كانت تنشرها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأيضاً سلاسل الكتب التي كانت تصدر عنها بالتحرير والتأليف، وقد ترأس تحرير مجلة كلية العلوم الاجتماعية، التي كانت تصدرها الجامعة، ويبدو أن الإدارة الجامعية وجدت فيه ضالتها ففرغته بصورة شبه كاملة للعمل التحريري والتأليف.
وقد كتب عبدالحليم في معظم الدوريات الإسلامية التي كانت تصدر في العالم العربي والإسلامي، كما شارك بالكتابة في مجلة “الأدب الإسلامي” الفصلية، وأذكر بالمناسبة أنه بذل جهداً كبيراً في إنشاء فرع رابطة الأدب الإسلامي بالقاهرة الذي ظهر تحت اسم “جمعية الأدب الإسلامي بالقاهرة”، وكان لعلاقته بقيادات الأزهر دور كبير في تحقيق هذه الغاية.

ولا ريب أن الصحافة وسيلة مهمة من وسائل الخطاب الأكثر انتشاراً وتأثيراً، وفي هذا السياق، فقد بذل عبدالحليم جهوداً كبيرة، وحقق من خلال الصحافة فوائد عديدة في مجال التعريف بالإسلام والدفاع عنه، ورد كثير من الشبهات التي لحقت بالإسلام أو التاريخ الإسلامي، ويلاحظ أنه كان يحرص أن يفيد في مقالاته من كتب غير المسلمين لإثبات الوقائع التاريخية التي يربطها بالواقع المعاصر.

ويمكن أن نأخذ مثالاً في هذا المجال فيما كتبه ليكشف زيف اتهام المسلمين بالإرهاب والعنف، وقد اتخذ من احتلال الصليبيين للقدس الشريف دليلاً على الفارق بين المسلمين وسلوكهم الحضاري الذي تمثل في مواقف صلاح الدين الأيوبي، والصليبيين وسلوكهم الشائن انطلاقاً من رؤيته لضرورة أن المقارنات التاريخية بين سلوك المسلمين وسلوك النصارى عبر التاريخ مطلوبة الآن جداً؛ لا لنثبت أننا الأرحم والأرقى والأكثر تسامحاً واحتراماً لحقوق الإنسان فحسب، بل ليعرف إخواننا في عالم النصرانية أنهم عند الحساب الصحيح -بعيداً عن التضليل الإعلامي وتزييف التاريخ- سيخسرون كثيراً، وأنهم -أكثر من غيرهم- هم الذين ضاقت صدورهم بالآخرين، ورفضوا الاعتراف بحقوق الإنسان، وبقيم التسامح والرحمة، ولعلهم بالتالي -وهو الأهم- يعودون إلى الحوار بدل الصدام، ويفتحون صفحة جديدة مع المسلمين والإنسانية كلها، وليراجعوا سلوكهم معنا ومع غيرنا مثل الهنود الحمر في أمريكا، ومع بعضهم بعضاً من خلال ما يسمَّى بحروب المذاهب المسيحية، وما تولد عنها من محاكم التفتيش، ورمْي كل طائفة بالهرطقة واستباحة إبادتها بأرقى الطرق الوحشية.

 

نموذج من “يوم المأتم”
وقد يلجأ في ثنايا مقالته إلى السخرية ليتفاعل معه القارئ، ويتابع براهينه وأدلته كما نرى في حديثه عن يوم المأتم ودموية الصليبيين:
كان يوم الجمعة الموافق 15 يونيو 1099م (492هـ)، يوماً من الأيام السوداء في تاريخ القدس، كان يوم المأتم بحقّ، أو بتعبيرنا المصري القديم يوم “الجنائز الجماعية”، إنه اليوم الذي كان كل شيء قبله قد انتهى..

فلعدة أيام سابقة كانت جيوش الصليبيين (الباسلة) التي كانت امتداداً لما عرف بحملة الأمراء (لاحظ “الأمراء” فكيف لو كانوا غوغاء؟!) قد اقتحمت أسوار القدس، ودخلتها وقتلت معظم من فيها من السكان، لدرجة أنهم في ساحة المسجد الأقصى قتلوا أكثر من سبعين ألفاً (كما يذكر المؤرخ المسلم ابن الأثير)! وذلك في يوم الجمعة 15 يونيو 1099م (492هـ).

لكن ربما كان ابن الأثير -المسلم- مبالغاً، فلنترك الحديث للمؤرخ الصليبي “وليم الصوري”، يقول “الصوري”: “لقد اندفعوا -أي جيوش الصليبيين- خلال شوارع المدينة مستلّين سيوفهم، وقتلوا جميع من صادفوا من الأعداء، بصرف النظر عن العمر أو الحالة ودون تمييز.. وقد انتشرت المذابح المخيفة في كل مكان، وتكدست الرؤوس المقطوعة في كل ناحية، بحيث تعذَّر الانتقال إلاّ على جثث المقتولين”!

ويقول “الصوري”: “وكان القادة -أي الأمراء!- قد شقوا في وقت سابق طريقاً لهم، وأحدثوا عندما تقدموا قتلاً لا يوصف.. وتبع موكبَهم حشدٌ من الناس؛ متعطش للدماء، ومصمِّم على الإبادة”.
(طبعاً لا بد أن يكون الغوغاء على دين أمرائهم!).

ويضيف “الصوري” -لا فُضَّ فوه، حاكياً المزيد من الأمجاد الأوروبية المتأمركة حديثاً- قائلاً: “لقد كانت المجزرة التي ارتكبت في كل مكان من المدينة مخيفة جداً، وكان سفك الدماء رهيباً جداً، لدرجة عانى فيها حتى المنتصرون من أحاسيس الرعب والاشمئزاز”!

ويقول: “وعَلِم القادة الآخرون بعد أن كانوا قد قتلوا من واجهوا في الأجزاء المختلفة من المدينة، أن الكثير قد هربوا للالتجاء في الأروقة المقدسة للهيكل؛ ولذلك اندفعوا بالإجماع إلى هناك، ودخلت مجموعة كبيرة من الفرسان والرَّجَّالة قتلتْ جميع الذين كانوا قد التجؤوا إلى هناك، ولم تظهر أي شفقة لأي واحد منهم، وغمر المكان كله بدم الضحايا”.

ويكمل “وليم الصوري” الملحمة، قائلاً: “وطاف بقية الجنود خلال المدينة بحثاً عن التعساء الباقين على قيد الحياة، والذين يمكن أن يكونوا مختبئين في مداخل ضيّقة وطرق فرعية للنجاة من الموت، وسُحب هؤلاء على مرأى الجميع وذُبحوا كالأغنام، وتشكل البعض في زُمَرٍ واقتحموا المنازل، حتى قبضوا على أرباب الأسر وزوجاتهم وأطفالهم، وجميع أسرهم وقُتلت هذه الضحايا، أو قُذفت من مكان مرتفع حيث هلكت بشكل مأساوي، وادَّعى كل واحد من المغيرين ملكية دائمة للمنزل الذي كان قد اقتحمه، وذلك إضافةً إلى تملُّك كل ما كان موجوداً فيه”!

ويواصل عبدالحليم مقالته على هذا المنوال ويستشهد بمؤرخ أجنبي آخر هو “أنتوني برج”، ويستعرض مواقف القوى الإسلامية آنئذ، ويستخلص دروس المقارنة التي تفيد المسلمين المعاصرين وخاصة بعد تحرير القدس وخاصة مواقف صلاح الدين الإنسانية المناقضة لمواقف الصليبيين المتوحشة!

 

بين الفقه والتاريخ
استطاع عبدالحليم أن يوظف دراسته في الأزهر ودار العلوم للكتابة الصحفية، فقد ساعدته دراسته الأزهرية على أن يقدم في جريدة “الشرق الأوسط” ما سماه بـ”الملف الفقهي” على حلقات منتظمة، تم جمعها فيما بعد في مجلدات (13 مجلداً) تتناول قضايا الفقه الإسلامي بأسلوب سهل ميسر يضم ما يتعلق بالعبادات والمعاملات والأحوال الشخصية وفقاً للمذاهب الفقهية المشهورة.

أما دراسته في دار العلوم، فقد جعلته يهتم بالتاريخ الإسلامي عموماً وخاصة فترة التاريخ الوسيط التي اقتربت من تخصصه الدقيق، ويقدم مجموعة كبيرة من المقالات ذات الصبغة التاريخية التي تفيد المعاصرين من خلال الدروس والعبر المستخلصة، ومن هذه المقالات:
– “إمبابة والقرامطة”، يربط فيه بين أحداث إمبابة وأفعال الخوارج والقرامطة وأهداف مثيري فتنة إمبابة.
– “وسقط ملوك الطوائف”، ويتناول أهم أسباب سقوط الأندلس.
– “هوامش على دفتر النصر والتغيير”، يقدم بعض الدروس والدلالات من وحي ثورة مصر 2011م.
– “الوثيقة العمرية في فتح بيت المقدس”، وسر ذيوعها وانتشارها.
– “طارق بن زياد فاتح الأندلس”، يشرح كيف أسلم على يد موسى بن نصير وحسن إسلامه، وكيف تم له فتح الأندلس وتفاصيل المعارك التي خاضها
– “نور الدين.. بطل موقعة حارم الرمضانية”، يتناول كيف انتصر نور الدين محمود على الصليبيين في موقعة حارم سنة 559هـ، مع إشارة إلى نشأته وحبه للعلماء وزهده وجهاده.
– “محمد الفاتح فاتح القسطنطينية”، يوضح كيف استطاع محمد الفاتح السلطان العثماني أحد أكبر قادة الدولة العثمانية فتح القسطنطينية، بعد أن أخذ بالأسباب المؤدية إلى النصر.
– “أسباب سقوط الدولة الأموية”، ويأتي على رأسها قيام الدولة على التوريث منذ نشأتها.
– “من عوامل سقوط العباسيين”، وأخطر العوامل التي أسقطت خلافة العباسيين هو إهمالهم للجهاد.
– “المسجد الأقصى ودرس السيرة النبوية”، ويوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرط قيد شبر في أي من مبادئ وقيم الإسلام، ومن هنا لا يجوز التفريط في المسجد الأقصى.
– “وطوى اليهود آخر صفحاتنا المشرقة”، ويكشف كيف كان رفض السلطان العثماني العظيم‏ ‏عبدالحميد‏ تهويد فلسطين لطمة لم ينس اليهود أن يردوها للخلافة رداً سخياً.

 

أهم كتبه:
وقد كانت مقالاته الإسلامية والتاريخية أساساً لكثير من كتبه التي ظهرت تباعاً سواء من خلال دار النشر التي أنشأها في القاهرة وسماها دار الصحوة الإسلامية، أو من خلال دور النشر الأخرى التي تعامل معها.
ومن هذه الكتب التي قاربت السبعين: “بنو أمية بين الضربات الخارجية والانهيار الداخلي”، “التأصيل الإسلامي لنظريات ابن خلدون”، “دحض لمحاولات مركسة أو علمنة أفكار ابن خلدون”، “المدخل إلى الحضارة الإسلامية”، “قضية إحراق طارق بن زياد للسفن بين الأسطورة والتاريخ”، “الفكر اليهودي بين تأجيج الصراعات وتدمير الحضارات”، “صفحات من جهود المسلمين في الحضارة الهندية”، “التكاثر المادي وأثره في سقوط الأندلس”، “40 سبباً لسقوط الأندلس”، “الأزمة الحضارية الراهنة ودرس الأندلس”، “العصبية القومية وأثرها في سقوط الأندلس”، “شخصية الرسول أمام المقاييس الإنسانية”، “بيت المقدس في ضوء الحق والتاريخ”، “دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية”، “ثقافة المسلم في وجه التيارات المعاصرة”، “العقل المسلم في مرحلة الغزو الفكري”، “صور وبطولات من حضارتنا”.

ومن كتبه أيضاً: “في ظلال الرسول”، “الشيخ محمد الغزالي: تاريخه، وجهوده، وآراؤه”، “المسلمون في معركة البقاء”، “الدولة الحديثة في المحيط الإسلامي بين الحقيقة والتزييف”، “الشباب المسلم بين تجربة الماضي وآفاق المستقبل”، “كتابات على بوابة المستقبل الإسلامي”، “ثوابت ضرورية في فقه الصحوة الإسلامية”، “بديع الزمان سعيد النورسي: رجل الإيمان والتجديد في مواجهة الإلحاد والتقليد”، “عقيدتنا الإسلامية”، “أخلاق المسلم”، “مواقف إسلامية رائعة”، “سيرة الرسول”، “علي بن أبي طالب الخليفة المفترى عليه”، “المسلمون من التبعية والفتنة إلى القيادة والتمكين”، “رجل القرآن وصناعة الإنسان (دراسة عن بديع الزمان النورسي)”، “الغارة المعاصرة على المسلمين.. منطلقاتها وغاياتها”، “الوحي والعقل والعدل في ميزان الإسلام”، “الفكر السياسي بين ابن حزم وأبي حامد الغزالي” (بالاشتراك)، “قاموس كلمات القرآن للأطفال”، “دعاة لكن أدباء”، “مشكلة التقدم بين السنن الكونية والسنن القرآنية”، “المجرمون المائة.. أولهم قابيل وآخرهم مبارك”.

 

مجلة للأطفال
كانت هناك محاولة في أوائل الثمانينيات فيما أذكر لإنشاء مجلة للأطفال تنطلق من التصور الإسلامي وتتجاوز السلبيات التي تنشرها مجلات الأطفال العربية نقلاً عن الغرب والتصورات الغربية، على أن يقوم عبدالحليم بمشاركتي في تحريرها، وأذكر أننا سميناها “الأشبال”، لتصدر عن “دار الاعتصام”، وقد تم إعداد الماكيت (التصميم) الخاص بها بعد الاتفاق مع الرسامين والفنيين، وأصدرنا العدد التجريبي بالفعل، ولكن يبدو أن الإمكانات المالية وصعوبة الترخيص؛ كانت من وراء تأجيل المشروع، ثم نسيانه بفعل تلاحق الأحداث والتطورات التي انتهت بإغلاق مجلة “الاعتصام” ذاتها، وحربي الخليج الأولى والثانية، وأحداث الجزائر والبوسنة والهرسك وغيرها من أمور شغلت أطراف المشروع أو أثرت عليهم بطريقة وأخرى، ولم يتحقق مشروع المجلة الإسلامية للأطفال، وإن كانت هناك مشروعات متواضعة تم تنفيذها بوساطة آخرين على استحياء بسبب ضعف الإمكانات بصورة عامة.

 

صدور “التبيان”
عقب إغلاق “الاعتصام” وحصار دار النشر اقتصادياً من خلال الضرائب والديون، ومرض الحاج حسن عاشور الذي كان يدير الدار، ظهرت فكرة إنشاء مجلة إسلامية جديدة تصدر عن الجمعية الشرعية، وبالفعل أخذ الحاج حسن وهو مريض في سنواته الأخيرة يؤسس لإصدار كتاب غير دوري على هيئة مجلة باسم “التبيان” يتولى تحريره بنفسه على غرار “الاعتصام”، واستطاعت الجمعية الشرعية أن تحصل بعد عناء شديد على الترخيص وموافقة جهات الأمن، وصدرت “التبيان” مجلة شهرية، وتولى رئاسة تحريرها عبدالحليم عويس بحكم أنه عضو بنقابة الصحفيين، وهي العضوية التي حصل عليها من قبل بحكم عمله في “الأهرام” مصححاً ومراجعاً، وعمله في “الاعتصام” محرراً وكاتباً، وظل رئيساً لتحريرها حوالي ثلاث سنوات، حتى وافته المنية ليلة العاشر من ديسمبر 2011م، رحمه الله.

Exit mobile version