مليون صيني في منازل المسلمين للتجسس!

تواصل السلطات الصينية حملات انتهاك جماعية وممنهجة لحقوق الإنسان ضد المسلمين الأويجور في منطقة شينجيانج (تركستان الشرقية) الواقعة غربي البلاد.

آخر فصول هذه الحملات عقوبة الإعدام بحق رجل أعمال مسلم يدعى عبدالجبار عبدالرسول من أقلية الأويجور، واستندت السلطات الصينية في قرار الإعدام إلى تهمة قيامه بزيارة مقدسة للحج دون أخذ تصريح حكومي، ويأتي هذا الحكم في سياق مسلسل من الانتهاكات الحقوقية وحملة الاضطهاد الممنهجة ضد أقلية الأويجور المسلمة في إقليم شينجيانج المتمتع بحكم ذاتي تحت إدارة الدولة الصينية.

كشفت صحيفة “إندبندنت” البريطانية أن أكثر من مليون صيني من عِرق “هان”، المُسيطر في البلاد، قد انتقلوا -من دون موعِد أو دعوة مُسبقة- للعيش في منازل العائلات المُسلمة من الأويجور لإبلاغ السلطات عمّا إذا كان مُضيفوهم يُبدون مُعتقدات إسلامية أو غير وطنية. 

وبحسب ما نقلته الصحيفة البريطانية، في 24 نوفمبر 2018م، قال عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي “دارين بايلر”: إن الصينيين الذين أرسلتهم الحكومة إلى إقليم شينجيانج كانوا مُكلَّفين بمراقبة الإشارات التي قد تدلّ على أن المسلمين الأويجور متطرفون أم لا. 

وقالت الصحيفة البريطانية، بحسب ترجمة لموقع “عربي بوست”: إن أولئك المُخبِرين الذين يصفون أنفسهم بأنهم «أقارب» للعائلات التي يُقيمون لديها، يتلقّون تعليمات مُحددة حول كيفية المراقبة.

معركة ضد الحلال

ولأن المسلمين المُتديّنين يرفضون تدخين السجائر وتناول الكحوليات، تُعدّ هذه إحدى الطرق التي يُكتشف بها ما إذا كانوا مُتطرّفين، من وجهة نظر الحكومة الصينية.

ويُشير “بايلر”، في بحث نشره مركز آسيا للعلاقات الصينية الأمريكية، إلى أن هناك ملاحظات رئيسة يُدوّنها المُخبرون، حيث يسأل: «هل ألقى المضيف على أحد الجيران التحيّة بالكلمات العربية (السلام عليكم)؟ إن حدث هذا فيجب تدوينه».

ويسأل أيضاً: «هل كانت هناك نُسخة من القرآن في المنزل؟ هل يُصلّي أحدٌ يوم الجمعة، أو يصوم خلال رمضان؟ هل بالأسرة إحدى الأخوات الصغيرات ترتدي ثياباً أطول من اللازم، أو أخٌ ذو لحية مُريبة؟»!

وطالبت السلطات الصينية جميع المسلمين القائمين في إقليم شينجيانج (تركستان الشرقية) الذين يتبعون نهج القرآن الكريم في حياتهم، ويحرّمون شرب الخمر، أو التدخين، أو مشاهدة الرقص؛ بتسليم أنفسهم للسلطات لمحاكمتهم، ووعدت بتخفيف العقوبة عن المتقدمين بتسليم أنفسهم!

وقالت حكومة مدينة هامي بمنطقة شينجيانج: إن الناس الذين “سُمّموا بالتطرف والإرهاب والانفصالية” سيعاملون بطريقة متساهلة إذا استسلموا في غضون 30 يوماً.

وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تواجه فيه بكين رقابة دولية متزايدة بشأن معاملتها للأقلية المسلمة الأويجورية وغيرها من الجماعات العرقية التي تعيش في شينجيانج.

ويعتقد أن ما يصل إلى مليون من الأويجور تم اعتقالهم ووضعهم في مراكز “إعادة التأهيل”، فيما تدعي الصين أنها حملة قمع للتطرف الديني.

وحذرت رسالة الحكومة للمسلمين في شينجيانج من الاتصال مع الجماعات الإرهابية في الخارج، وأُمر أولئك الذين يرفضون المساكن التي توفرها الحكومة أو الكحول أو السجائر على أساس أنها “حرام” بإخطار السلطات.

وتزعم السلطات أن المنطقة تتعرض لتهديد خطير لهجمات من قبل متطرفين إسلاميين يهدفون إلى إثارة التوترات بين الأغلبية الصينية العرقية من الهان والسكان المسلمين.

وفي أغسطس الماضي، صرحت إحدى لجان الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان أنها تلقت العديد من التقارير الموثوقة عن احتجاز مليون أو أكثر من الأويجوريين والأقليات الأخرى فيما يشبه “معسكر اعتقال مكثف تحيط به السرية”.

وتصر الصين على أنها لا تفرض الاحتجاز التعسفي وإعادة التثقيف السياسي.

ومع ذلك، فإن الذين أمضوا بعض الوقت في المراكز يقولون: إنهم أجبروا على الخضوع لبرنامج تلقين مكثف، وحُثوا على نبذ الإسلام، وبدلاً من ذلك الثناء على الحزب الشيوعي الصيني.  

إضافة إلى الاعتقالات الجماعية، تقول جماعات حقوق الإنسان أيضاً: إن الحكومة الصينية رفعت قيوداً كبيرة على الاحتفالات الدينية اليومية في المنطقة.

وفي أكتوبر الماضي، أطلقت عاصمة الإقليم أورومتشي حملة تستهدف المنتجات الحلال، مثل الأغذية ومعجون الأسنان، التي يتم إنتاجها وفقاً للشريعة الإسلامية، من أجل منع ما تعتبره توغلاً للإسلام في الحياة العلمانية!

ويقول “بايلر”: إن أكثر من مليون مدني صيني، يُشار إليهم بأنهم «أقرباء»، كُلّفوا بالذهاب إلى منازل المُسلمين والإقامة لفترات تصل إلى أسبوع في عام 2017م.

ويبدو أن ادّعاءه قد تأكَّد من قِبل الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي “People’s Daily”، التي أفادت بأن أكثر من 1.1 مليون شخص سيقترنون بـ1.69 مليون مواطن من الأقلّيات العرقية، بحلول نهاية سبتمبر من العام القادم.

ويُركّز هؤلاء على عائلات الأشخاص الذين تم احتجازهم بالفعل في مراكز «إعادة التثقيف».

يشار إلى أن الصين قد حاولت أيضاً منع الناس من صيام شهر رمضان في مقاطعة شينجيانج، العام الماضي، بحسب ما أفادت أنباء.

وبحسب مؤتمر الأويجور العالمي، أمر المسؤولون بفتح كافّة المطاعم وإقرار عدد من الإجراءات التي يبدو أنها مُعدَّة لمنع الناس من أداء عبادات الشهر المُقدّس لدى المسلمين.

واتُّهمت السلطات الصينية أيضاً بوضع أطفال من الأويجور وأبناء الأقلّيات العرقية الأخرى قيد الاحتجاز، في دور أيتام تُديرها الدولة، بأنحاء متفرّقة من منطقة شينجيانج، الواقعة غربي البلاد، على الرغم من أن آباءهم وأمّهاتهم على قيد الحياة، ولكن الحكومة أرسلت نحو مليون شخص من البالغين إلى معسكرات الاعتقال.

ويقول “ديلكست راكسيت”، من مؤسسة التجمع العالمي للأويجور، ومقرّها خارج البلاد: إن المسؤولين الصينيين في شينجيانج قد حذّروهم بضرورة تسليم ما لديهم من مواد دينية، مثل القرآن، أو أنهم سيواجهون عقوبات قاسية!

Exit mobile version