دور البرلمان الكويتي في الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية

بعد استقلال دولة الكويت عام 1961م، أراد الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح، يرحمه الله، أن يؤسس الكويت الحديثة على الأسس الديمقراطية، فأصدر مرسوماً أميرياً رقم (22 لسنة 1961م) لإجراء انتخابات المجلس التأسيسي لمجلس الأمة، وافتتح أولى جلسات المجلس بتاريخ 20 يناير 1962م، وبعد أحد عشر شهراً تم تقديم الدستور الكويتي لأمير الكويت.

وبعد الانتهاء من التنظيم الداخلي للدولة، لم ينس البرلمان الكويتي الاهتمام بالشأن العربي والإسلامي، فأصدر القانون رقم (41 لسنة 1967م) لدعم الدول العربية التي تضررت من حرب الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين، إذ وافقت الحكومة ومجلس الأمة على قرار مؤتمر القمة العربية الرابع المنعقد بالخرطوم في الفترة من 29 أغسطس إلى أول سبتمبر 1967م، المتعلق بدعم الدول العربية التي تأثرت مواردها مباشرة نتيجة للعدوان الصهيوني.

وفي عام 1970م، تقدم نواب من أعضاء البرلمان باقتراح لاتخاذ المجلس قراراً بتوجيه نداء إلى الحكومة الكويتية وإلى حكومات الدول العربية وإلى كل المخلصين، يناشدهم الطلب إلى الحكومة السورية بكف يدها عن الشعبين الفلسطيني واللبناني.

وفي عام 1973م في خضم الحرب العربية الصهيونية، كانت هناك وقفة كويتية حكومية وبرلمانية مساندة للجيش المصري.

واستمرت المواقف التاريخية لمجلس الأمة الكويتي المناصرة للقضية الفلسطينية بشكل خاص، وللأمة العربية والإسلامية بشكل عام، ففي كل المجالس المتعاقبة منذ التأسيس، كانت الكويت تقف دائماً في الصف العربي ووحدة الأمة.

وأصبحت المواقف الكويتية في السنوات الأخيرة أكثر تحديداً في المطالب العملية من ذي قبل، وذلك لإيمان الشعب الكويتي بعدالة القضايا العربية، ولاقتناع مجلس الأمة بالحلول العملية لحل القضايا العربية والإسلامية، ففي أحد المجالس قرر نواب مجلس الأمة بالتبرع برواتبهم لمدة شهر لدعم القضية الفلسطينية، كما عقد مجلس الأمة أكثر من جلسة خاصة لمناقشة الأوضاع في عموم فلسطين، وخاصة غزة، وفي سورية وأفغانستان وآسيا الوسطى، وأوضاع المسلمين الروهنجيا، والتوافق مع الحكومة لمساندة هذه القضايا الإنسانية.

ومن خلال تواجد الكويت في اتحاد البرلمان الدولي مؤخراً، فقد أزعجت وفود البرلمان الكويتي برئاسة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم الوفد الصهيوني أكثر من مرة؛ احتجاجاً على الممارسات الإجرامية الصهيونية تجاه المدنيين العزل في غزة.

وقال الغانم في كلمة ألقاها تعقيباً على كلمة وفد «إسرائيل» بالمؤتمر الـ137 للاتحاد البرلماني الدولي، المنعقد في مدينة «سانت بطرسبورج» الروسية: إن «ما ذكره ممثل هذا البرلمان المحتل الغاصب يمثل أخطر أنواع الإرهاب، وهو إرهاب الدولة، وينطبق على هذا المثل المعروف عالمياً: إن لم تستح فاصنع ما شئت»، وقال كلمته المدوية: «يا قتلة الأطفال»، وذلك على خلفية انتهاكاتهم المستمرة في فلسطين، وقتلهم الأطفال، واعتقالهم البرلمانيين الفلسطينيين، حتى إن الوفد الصهيوني لم يحتمل الهجوم والنقد اللاذع؛ فخرج من القاعة.

وخلال الاجتماع الثالث لرؤساء البرلمانات الآسيوية والأوروبية المنعقد في مدينة أنطاليا التركية في شهر أكتوبر الماضي، أكد مرزوق الغانم موقف الكويت وسمو الأمير في مساعدة دول الجوار الإقليمي، والعمل على خلق مناخات استقرار وأمن وسلم تكون في صالح الجميع، لكونها ركناً أساسياً في العقيدة السياسية الكويتية.

ثم وجّه الغانم كلمته القوية تجاه الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين، التي جعلت الوفد الصهيوني يقوم من مكانه محتجاً لدى رئيس الجلسة الذي لم يرد عليهم؛ فخرجوا من القاعة صاغرين.

ونصرة لتركيا، بلد الاقتصاد الصاعد، ورداً لما شن عليها من حملات إعلامية سلبية ومسيئة، خصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية التي حدثت في تركيا قبل أشهر، قال الغانم: «نقول لمن يبشر بحرب اقتصادية ضد تركيا، أو يتمنى حدوث انهيارات مالية: لن تنجحوا، فتركيا ليست جمهورية موز»، وأعرب عن ثقته بـ»قدرة القيادة والشعب التركيين على تجاوز أي عارض اقتصادي عابر».

إن مواقف مجلس الأمة الكويتي الدولية على مدى الزمن لهي مصدر فخر واعتزاز للشعب الكويتي والأمة العربية والإسلامية، وهي مواقف متطابقة مع مواقف سمو الأمير والسلطة السياسية في البلاد، وهي تمثل الجو العام للشعب الكويتي، الذي يؤكد أن الاختلاف في القضايا الداخلية لن يثنينا عن الاستمرار في مواقفنا الخارجية المناصرة للحق.

Exit mobile version