كيف تحفّز نفسك؟

يخسر الكثيرون –من الجنسين- الكثير والكثير لبحثهم عمن يشجعهم ليكونوا أفضل في الحياة ولتحقيق بعض الأهداف، كالتفوق الدراسي أو التميز بالعمل أو حتى إنقاص الوزن، يخسرون لأنهم يوقفون بأيديهم أهم داعم لهم وكأنهم دولة عظمى توقف إمكاناتها وتعتمد على دول صغيرة، ومن المؤكد أنها ستتراجع في أسرع وقت.

وكذلك نخسر كثيراً إذا فتشنا عن أصدقاء أو معارف ليبدؤوا سوياً رحلات النجاح وتحقيق الأهداف، والخسارة هنا مؤكدة؛ فكثيراً ما يتراجع البعض في منتصف الطريق وأحياناً في بدايته ويبررون ذلك لأنفسهم، ويضعفون عزيمة من يشاركونهم رحلة النجاح، وآخرون قد تتباطأ خطواتهم فنظن أننا رائعون بأكثر مما يجب فنتكاسل وننتظر لحاقهم بنا ونعطل أنفسنا، وقد يسبقوننا كثيراً فنحس بقلة تقدير الذات ونهزم أنفسنا وتتراجع حماستنا، والحماس هو أفضل وقود للنجاح بعد الاستعانة بالرحمن بالطبع.

ومن يفتش في حياة الناجحين عبر العصور والأزمان المختلفة سيجد أن مصدر التحفيز الأساسي كان من داخلهم وليس من الخارج؛ فأفضل داعم وأحسن محفز لك هو أنت ولا أحد غيرك، ومن ينسى ذلك يظلم نفسه كثيراً ويؤخر بيديه نجاحاته ويخصم من سعادته ورضاه عن نفسه أيضاً.

وحتى تنجح دوماً في تحفيز نفسك دوماً امتلك أهم أسلحه التحفيز؛ وأولها حسن الظن بالرحمن، وثانيها الاستعانة به عز وجل دوماً والتبرؤ من حولك ومن قوتك، وثالثها الدعاء لنفسك وللجميع دائماً بالتوفيق وبالبركة وبحسن الاستفادة من العمر فيما يرضى الرحمن عنك، ورابعها ترتيب عقلك وطرد الانشغال بما لا يفيدك والتوقف عن الغضب والاهتمام والانشغال بأمور بسيطة لأنها تستنزف مشاعرك وتؤثر على تفكيرك وتسحب من طاقاتك ومن قدرتك على الانغماس في تنفيذ أهدافك فلا تنسى ذلك أبداً.

ثم تذكر أهمية الشحن الداخلي لمضاعفة حماسك عندما يقل، فلا أحد يظل بحالة حماسية ممتازة طوال الوقت، فلا بد من بعض الفتور والتراجع من وقت لآخر، وعندئذ احذر من توجيه الكلمات المسمومة لنفسك مثل: “هكذا أنا دائماً أتراجع ولا أكمل ما أريد فعله، أو الجميع ينجحون ويتقدمون ووحدي الذي أتأخر وأفشل”، وما شابه ذلك.

ولا تقل أيضاً: لا بأس أنا أفضل من غيري وسأترك هذا الأمر ولن أهتم به مجدداً، فإذا اعتدت ترك أي شيء عندما يقل الحماس فلن تنجز شيئاً ذا قيمة بحياتك وستؤذي نفسك كثيراً -لا قدر الله بالطبع- والصواب أن تأخذ استراحة نفسية تفعل فيها شيئاً تحبه كأن تتنزه وحدك أو مع صديق ترتاح لصحبته، ولا تتكلم أثناء النزهة عن تراجعك أو عن غضبك من نفسك للفتور الذي أصابك، وتشاغل عن ذلك بالاستمتاع بالنزهة أو تناول طعام تحبه ببطء أو مارس هواية تسعدك وتناسي ما يضايقك، وستحس بانتعاش داخلي لطيف تستحقه، وعندئذ قل لنفسك بحب واحترام: لا بأس حتى الجياد تتعب أحياناً، سأواصل تحفيز نفسي ولو قمت بتمثيل ذلك حتى يصبح حقيقة ولو بعد حين.

وذكر نفسك بانتصاراتك السابقة -وإن كانت قليلة- واسمح لنفسك بالفرح بها وقل بيقين كما أكرمني الرحمن بالنجاحات عندئذ سيرزقني بالأفضل دائماً وأبداً، وسارع بإنجاز أي عمل ولو كان بسيطاً، وإذا كنت متعباً جسدياً استرح، وإذا شعرت بإرهاق ذهني قم بترتيب دولابك أو أوراقك فسيرتاح عقلك من التفكير وستحس بالرضا لهذا الإنجاز.

ولتفوز بتحفيز ناجح تذكر قصر الحياة، وأنك تستطيع بإذن الوهاب الاستفادة منها وإسعاد نفسك بها بتحقيق أهدافك لننعم بحياة حقيقية يحرم أنفسهم منها من يتكاسلون عن تحقيق أهدافهم.

أكتب أهدافك بخط واضح، واقرأها يومياً أو قم بتسجيلها على هاتفك واستمع إليها كثيراً وأنت تبتسم ليفرز المخ هرموناً يساعدك على الاسترخاء، ولتهدي نفسك حماساً لطيفاً وقل: أستحق حياة أفضل ولن أعثر عليها ولن يعطيها لي أحد، بل سأصنعها بعد الاستعانة والتوكل على الرحمن.

واحذر من الحماس الزائد فهو عدو وليس صديقاً بأي حال من الأحوال وأشد ضرراً من فتور الحماس، فهو غير واقعي، ولن تتمكن من تنفيذ ما تريد، وستجلب لنفسك الإحباط وربما تترك خططك.

لا تخبر أحداً بما تريد فعله فسيتناقص حماسك الداخلي له وربما سمعت كلاماً يحبطك أو يقلل من عزيمتك.

واكتب لنفسك أنك تستحق الفوز بمكاسبك من أهدافك ومن واجبك على نفسك حماية نفسك من خسائرك إذا لم تحولها لحقائق، واقرأها يومياً وكلما شعرت بفتور الحماس.

لا تبحث عن أصدقاء إيجابيين ليمدوا لك يد المساعدة فسيطول بحثك، والنجاح نسبي وكذلك الرغبة بالتميز فالأغلبية يكتفون بقدر متوسط من النجاح، ويظلمون أنفسهم فلا تكن منهم أبداً، ولا تحكِ لأحد عندما يفتر حماسك، فغالباً ستجد من يقنعوك بأنك رائع بما يكفي ويطالبونك بعدم القسوة على النفس.

والمؤكد أنك يمكن أن تكون أفضل دوماً وأن النجاح إن لم يزد سيتناقص، وأن السعي لتكون أفضل هو أقصى وأجمل درجات الحب والرحمة بالنفس، بينما السماح بدوام تراجع الحماس لتحسين الحياة هو أبشع درجات القسوة على النفس، أليس كذلك؟

ولزيادة تحفيز نفسك تعامل مع نفسك كما تتعامل مع أفضل صديق لك، فامنح نفسك الحب والحنان والتقدير دوماً، وكن حازماً مع نفسك عندما تتراجع خطواتك في الحياة، ولا تبرر ذلك أبداً، واجعل التراجع وفتور الحماس زائراً غير مرغوب فيه، ولا تسمح له بالإقامة بعقلك وقلبك أبداً.

ولتزيد التحفيز الداخلي ذكّر نفسك بأن الجهد الذي تبذله لتنجح سيزول بعد قدر جيد من الراحة، وسيبقى النجاح يعطر حياتك، بينما إذا استسلمت للفتور ستحس بالمرارة والحسرة ولو بعد حين، وهما أسوأ مشاعر تسرق الصحة النفسية ثم الصحة الجسدية، حماك ربي وأسعدك.

Exit mobile version