العتيبي: لكل دولة حق سيادي كامل في السيطرة على مواردها الطبيعية

أكدت دولة الكويت أن لكل دولة حقاً سيادياً كاملاً وأصيلاً في السيطرة على مواردها الطبيعية واستغلالها وفقاً للميثاق ومبادئ القانون الدولي باعتبارها عاملاً أساسياً إذا أحسن استخدامها في تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة على المدى الطويل.

جاء ذلك في كلمة الكويت خلال جلسة مجلس الأمن حول الأسباب الجذرية للنزاع ودور الموارد الطبيعية في النزاعات التي ألقاها المندوب الدائم السفير منصور العتيبي، مساء أمس الثلاثاء.

وأعرب العتيبي عن إيمان الكويت بأن الموارد الطبيعية نعمة حباها الله للعديد من الدول، فلا بد لها أن تكون مصدراً ومحركاً للتنمية المستدامة وازدهار الدول ورفاه شعوبها.

وقال: إن إدارة الموارد الطبيعية بصورة قانونية وشفافة ومستدامة على الصعيد الوطني وضعتها الكويت على سلم أولوياتها لتقوم على حفظها وحسن استغلالها بمراعاة مقتضيات أمن الدولة واقتصادها الوطني بموجب الدستور.

وأبدى العتيبي أمله بأن تؤدي مناقشة اليوم إلى تعزيز فهم الصلة بين الموارد الطبيعية والنزاعات إذ سلطت الورقة المفاهيمية العلاقة الوثيقة بينهما، فهذه المرة الثالثة التي يتناول مجلس الأمن هذه المسألة الهامة.

وأوضح أن التباعد الزمني في مناقشتها ومعالجتها ووضع التصورات والحلول اللازمة لا يدل على استشعار مجلس الأمن لمدى خطورتها وتداعياتها على شعوب الدول المتضررة والمتأثرة منها.

وذكر العتيبي أن النزاعات حول الموارد الطبيعية بين الدول ذات السيادة لم تعد كما كان سائداً قبل وأثناء الحرب الباردة، فخلال العقود الثلاثة الماضية اندلعت الكثير من الحروب والنزاعات الأهلية أغلبها في الدول النامية وأسبابها مختلفة ظاهرها سياسي ولكن جذورها اقتصادية واجتماعية.

وأضاف أن هذه النزاعات نجم عنها الكثير من المآسي والمعاناة إذ انشغل مجلس الأمن في معالجتها سنوات طويلة وما زال بعضها مستمراً.

وأشار العتيبي إلى أن مجلس الأمن في قراره (1265) عام 2005 وبيانه الرئاسي (22 لعام 2007) قام بتسليط الضوء على عدة عوامل أساسية التي من المفترض أن تسهم في الحد والتصدي لهذه الظاهرة.

وبين أن المجلس دعا إلى تعزيز دور قوات حفظ السلام عن طريق منح عمليات حفظ السلام ولاية مناسبة لمساعدة الحكومات المعنية على منع الاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية.

وقال العتيبي: إن المجلس دعا أيضاً إلى دعم المبادرات الإقليمية التي تسهم في الحد من مخاطر استغلال الموارد الطبيعية على غرار بروتوكول مكافحة الاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية المعني بمنطقة البحيرات ومبادرة الشفافية في الصناعات الإستخراجية بالإضافة إلى الالتزام بعملية كيمبرلي لعام 2000 فيما يسمى بالماس الملطخ بالدماء باعتبارها مثالاً حتى الآن على التعاون الدولي في هذا المجال.

وأضاف أن المجلس دعا أيضاً إلى تعزيز نظم الجزاءات والعقوبات التي يقررها وذلك باعتماد ولاية واضحة واختصاصات محددة لخبرائه ولأفرقة الرصد التابعة له لمنع الاتجار والاستغلال غير القانوني وغير المشروع للموارد الطبيعية.

وأوضح العتيبي أن الدبلوماسية الوقائية التي أساسها الحوار والوساطة واللجوء إلى التحكيم تبقى أفضل السبل لمنع النزاعات بما فيها تلك التي يكون سببها الخلاف حول الحقوق في الموارد الطبيعية.

وتابع قائلاً: كدولة حباها الله بالموارد الطبيعية ندرك جيداً مدى ارتباط ذلك بالنزاعات انطلاقاً من كارثة الاحتلال عام 1990 والآثار المأساوية التي نجمت عنه على الكويت ودول المنطقة والعالم.

وبين العتيبي أن نعمة الموارد الطبيعية بحد ذاتها لم تكن يوماً السبب الوحيد في نشوب النزاعات والحروب الأهلية، ولكن حسن استغلالها قد يكون أهم وسائل تعافي المجتمعات والدول من بعد النزاعات التي تمهد الطريق إلى إعادة الإعمار والتنمية.

وأفاد أن التاريخ يزخر بأمثلة لنزاعات مسلحة وحروب أهلية نتجت عن الاستغلال القانوني وغير القانوني للموارد الطبيعية الذي أسهم في تأجيجها وأطال أمدها وفي غالب الأحيان كان السبب الرئيس في إعادة نشوبها.

وحذر العتيبي من الآثار السلبية والتداعيات والنتائج الوخيمة والجسيمة لاستخدام الموارد الطبيعية على البيئة والاقتصاد والصحة العامة محلياً وإقليمياً كسلاح في وقت النزاعات المسلحة.

وقال: إن لنا في الكارثة البيئية الناجمة عن حرق قوات الاحتلال العراقية لحوالي 1037 بئراً نفطية خير عبرة ودرس على سوء استخدام الثروات الطبيعية والبيئة إبان النزاعات المسلحة.

وأكد أنه إيماناً من الكويت بضرورة عدم استخدام الثروات الطبيعة والبيئة في النزاع المسلح، بادرت الكويت بطرح مشروع قرار اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلن فيه يوم السادس من نوفمبر يوماً عالمياً لمنع استخدام البيئة في الحروب والنزاعات المسلحة.

ولفت العتيبي إلى أن الكويت ستدعو إلى جلسة بصيغة آريا في السابع من نوفمبر القادم لبحث منع استخدام البيئة في الحروب والنزاعات المسلحة وسبل تعزيز الإطار القانوني الدولي في هذا الشأن.

وشدد على أن الفقر والجوع وعدم المساواة وغياب الحكم الرشيد من أهم أسباب نشوب النزاعات، كما أشارت إليها تقارير الأمم المتحدة؛ لذا من الواجب علينا أن ننظر إلى العوامل المشتركة المؤدية إلى التوترات والمتسببة في نشوب الصراعات التي يمكن التنبؤ بمعظمها إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ثلاثة مؤشرات اقتصادية، وهي نصيب الفرد من الدخل ونسبة النمو الاقتصادي وهيكل الاقتصاد.

وأشار إلى أهمية العودة إلى المسلمات والمقومات الأساسية لبناء دولة مستقرة وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 وبناء القدرات الوطنية وإرساء إدارة اقتصادية فعالة عبر وضع إستراتيجية شاملة لمكافحة الفساد وبناء المؤسسات وترسيخ حكم القانون وتنويع الاقتصاد إذ يمكن للأمم المتحدة بكافة أجهزتها أن تكون خير عون وشريك للدول في هذه المجالات.

Exit mobile version