كن فائزاً

قليلون من صنعوا حياة ناجحة وجميلة “يتنفسون” فيها الرضا الجميل لأنهم بذلوا أفضل ما يمكنهم للفوز بأحسن حياة بعد الاستعانة بالرحمن.

هم قليلون ليس لصعوبة ذلك، بل لعدم معرفة الكثيرين بالخطوات الواقعية والعملية والمجربة للفوز بحياة ناجحة دينياً ودنيوياً بكل جوانب الحياة، وهو ما سنقدمه لك أسبوعياً بأسلوب سلس وأمثلة واقعية لتمنح نفسك حياة تستحقها ولتساعد من يرغب بمساعدتك.

ولأن البداية الناجحة تقود بمشيئة الرحمن لنهايات سعيدة، اجعل نيتك التقرب للرحمن بكل نجاح ديني ودنيوي، وتبرأ من حولك ومن قوتك، وأخلص بالسعي للأخذ بالأسباب، وأتقن التوكل على الرحمن، فكما قيل: ترك الأخذ بالأسباب معصية والتوكل عليها شرك، ثم ارض بالنتائج واشكر الرحمن بالعقل والقلب والجوارح ثم واصل السعي باطمئنان وحسن ظن بالرحمن وتذكر الحديث القدسي: “أنا عند حسن ظن عبدي فليظن بي ما يشاء..”.

كلنا عندما نخطط لرحلة ما، نبحث عن أفضل الأماكن للإقامة وأقلها تكلفة وأفضلها، ونرتدي الملابس المريحة ونختار الدليل الموثوق به والصحبة الطيبة، وإذا صادفتنا مشكلات لا نبالغ بالتوقف عندها ولا نسمح لها بتكديرنا، ونقرر تجاوزها للاستفادة وللاستمتاع بالرحلة التي تكلفنا مادياً ونبذل بها الجهد الجسدي ونكره إهدار ما تكلفناه.

وهو ما أتمنى فعله برحلة الحياة التي تتكون من ثوان ودقائق وساعات وأيام وأشهر وأعوام، ولن تتكرر، فلنتنبه بالتخطيط الواعي لملء أعمارنا بكل ما يضيف إلينا دينياً ودنيوياً، وطرد كل ما يخصم منا –ما استطعنا- وكما نرتدي الملابس المريحة فلنختر الأفكار الإيجابية لتساعدنا على مواجهة المنغصات، التي لا تخلو منها حياة، فالتفكير الإيجابي يأخذ بأيدينا برفق نحتاجه جميعاً لزرع الثبات الداخلي والاطمئنان بأن الرحمن سيختار لنا الأفضل دوماً، ودورنا يقتصر على المثابرة والجدية في تنفيذ خططنا التي تتسع لتشمل تحسين كافة جوانب الحياة.

ولا نقتصر كما يفعل الكثيرون على النجاح بالعمل أو الدراسة، ولا نقلل من أهميته، ولكن لا بد أن يشمل النجاح الديني والنجاح الاجتماعي والتصالح مع النفس والتمتع بالصحة النفسية والصحة الجسدية والتمكن من إدارة الأزمات التي نتعرض لها بأفضل ما يمكننا، ثم طرد الرثاء للذات أو التحسر على ما أصابنا، والتخلص من أي ندم أو جلد للذات عندما نخطئ واستبداله بانتزاع الخبرات وكتابتها والاحتفاظ بها حتى لا ننساها، ونحتفل بالنضج وباكتساب الخبرات.

ومهم التأكد من صحة أي أفكار قبل الاقتناع بها، كما نفعل مع دليل الرحلة، فلا نمنحه ثقتنا بسهولة، فمعظم المشكلات تأتي لتسرعنا بمنح الثقة لأفكار أو لأشخاص ثم نتألم لاكتشافنا أنهم لا يستحقونها.

ولا أحد يفوز بكل تفاصيل حياته، ولا بكل تجاربه ولا بد من تقبل ذلك برضا حقيقي، ليس لتبرير تراجع أو هزيمة أو التعامل معها كواقع يجب السماح به، فهذا أسوأ ما نفعله بأنفسنا، وكأننا كطفل حاول المشي فارتطم بالأرض فقرر مواصلة حياته بالزحف لأنه أصيب أثناء المشي، وجميعاً تعرضنا لذلك في صغرنا، ولأننا كنا نتبع الفطرة السليمة، كنا ننهض ونواصل محاولات السير بحذر أكبر وبعدم تعجل للنتائج، وبالفرح لتناقص التعثر فلنفعل ذلك مع معوقات النجاح؛ فنواجهها بعزيمة غير قابلة للتناقص، وبنور داخلي جميل نستمده من الحديث الشريف: “استعن بالله ولا تعجز”، لنكون كالطفل الذي تخطى التعثر عند المشي وقفز وكبر وعندما يتعثر لأي سبب لا يجعل الأمر كارثة ويسارع بتضميد جراحه ومواصلة السير بثبات ويقين أنه يستطيع تجاوزها، ويلتفت لما يمكن أن يفعله ليكون أفضل وفي عقله وقلبه الحديث الشريف: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف”.

Exit mobile version