رصاصة الاحتلال لم ترحم شابة فلسطينية معاقة بغزة

تستلقي الشابة الفلسطينية آلاء السوافيري (26 عاماً)، على سريرها داخل قسم الجراحة بمجمّع “الشفاء” الطبي، لليوم السابع على التوالي، وهي تتلوّى وجعا جرّاء إصابتها برصاصة “إسرائيلية” مُتفجّرة، الأحد الماضي، أثناء مشاركتها بمسيرة “العودة” على حدود غزة.

وتسببت تلك الرصاصة، التي أصابت منطقة البطن، باستئصال أجزاء من الطحال والأمعاء الدقيقة والكبد والبنكرياس، كما أدت إلى قطع في عدد من الشرايين.

وإصابة السوافيري ليست أول أوجاعها التي يتسبب فيها الجيش “الإسرائيلي”؛ فهي ولدت مصابة بضمور في الدماغ تسبب لها بإعاقة في النطق وتشنجات متكررة.

وحدث ذلك بفعل استنشاق والدتها انتصار (60 عاماً)، أثناء فترة حملها عام 1992، للغاز المسيل للدموع الذي استهدفت به قوات الاحتلال، آنذاك، لمجموعات من المتظاهرين الفلسطينيين.

ولا تقوى السوافيري على التعبير عن أوجاعها، فتتحملها وحيدة بدون شكوى مكتفيةً بصوت أنينها الخافت الذي يدلل على جسامة الآلام التي تُعاني منها.

يوم الإصابة

خرجت الشابة السوافيري، الأحد الماضي، وتعابير وجهها ممتلئة بالفرحة والسعادة، لأنها جدولت ذلك اليوم، ببرنامجٍ حافلٍ بالفعاليات الشعبية في مخيم “العودة”، المقام قرب السياج الفاصل بين شرقي مدينة غزة والأراضي المحتلة.

واستعدّت لحضور مهرجانات فنية شعبية وفعاليات لها علاقة بالتراث الفلسطيني، كما تقول والدتها.

كما وضعت في حقيبتها الصغيرة بعض الخيطان الملوّنة وقطعة من القماش، كي تمارس هواية التطريز -التي أتقنتها منذ أن كانت في عمر الـ(12 عاماً)-  في “مخيم العودة”، كنوع خاص من مشاركتها السلمية في “مسيرات العودة”.

إلى جانب ذلك وضعت بعض حبات الشوكولاتة وكمية من بذور البطيخ المحمّصة، كي تتناولها مع صديقاتها بعد الانتهاء من تلك الفعاليات.

لكن الرصاصة “الإسرائيلية”، التي باغتتها وهي تتمشى مع صديقاتها، منعتها من استكمال جدولها الذي خططت له، وقطعت عليها فرحتها.

ونٌقلت السوافيري في ذلك اليوم مباشرة إلى المستشفى، حيث كانت إصابتها تصنّف ضمن مرحلة “الخطر”.

وداخل غرفة العمليات، أجرى الأطباء عملية معقدة لها؛ نظراً لأن الرصاصة التي أصابتها كانت متفجّرة، ما أدى إلى توقّف قلبها مرتيْن.

لكن أفراد عائلتها، سيما والدتها، الذين كانوا ينتظرون خروجها بـ”سلام”، لم يفقدوا الأمل بتخطيها لمرحلة الخطر، ولم يستسلموا لـ”توقّف دقات قلبها”.

وتتجهز عائلة السوافيري، في الوقت الحالي، لنقل ابنتهم إلى مستشفى “المقاصد”، في مدينة القدس؛ لاستكمال علاجها هناك بسبب نقص الإمكانيات اللازمة لذلك بمستشفيات قطاع غزة.

وتقول والدتها: إن “الإمكانيات الطبية بغزة ضعيفة، والكثير من الأدوات والأدوية التي تحتاجها ابنتها آلاء، غير متوفرة”.

وطالبت والدة الشابة الفصائل الفلسطينية بالتوحّد من أجل نصرة الشعب الفلسطيني.

وناشدت الحكومات العربية والإسلامية بتبنّي استكمال علاج ابنتها وبقية الجرحى في دولهم، وذلك نظراً للتدهور الحاصل في القطاع الصحي بغزة.

أما الشابة المصابة فلم تعد تملك من أمنيات إلا أن تتعافى أولاً من إصابتها بالرصاصة “الإسرائيلية”، ومن ثم أن تشفى من إعاقتها التي تسبب بها الغاز الإسرائيلي أيضاً وهي “جنين” في بطن والدتها.

والفلسطينية السوافيري ليست الوحيدة التي تتجرع آلام الإصابة؛ فالقوات “الإسرائيلية” أصابت أكثر من 13 ألف فلسطيني خلال اعتداءها على مسيرات “العودة” قرب حدود غزة، عدد كبير منهم لم يعد يعرف من تفاصيل الحياة إلا الألم.

وبدأت مسيرات العودة، في 30 مارس الماضي، حيث يتجمهر آلاف الفلسطينيين، في عدة مواقع قرب السياج الفاصل بين القطاع والأراضي المحتلة، للمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948.

ومنذ ذلك اليوم، استشهد 112 فلسطينياً برصاص “إسرائيلي” قرب حدود قطاع غزة، وفق آخر الإحصائيات.

Exit mobile version