فشل طرح هاتف “السيسي” بسبب صعوبات التصنيع المحلي رغم تسهيلات التسويق السياسي!

مر الأسبوع الأول من فبراير دون طرح هاتف “السيسي”، كما تسميه الشركة المصرية لصناعات السيليكون المنتجة لهاتف “سيكو”، وكما وعدت المصريين قبل شهر.

وكانت الشركة قد أعلنت عن تأجيل موعد إطلاق هاتفها المحمول إلى الأسبوع الأول من فبراير الحالي، بدلاً من الموعد القديم الذي كان محدداً من قبل، وهو منتصف شهر يناير الماضي.

وأكد بيان صحفي للشركة، أنها تعكف حالياً على الانتهاء من المراحل الأخيرة لطرح أول هاتف محمول مصري. 

هذا التأجيل موعد إطلاق الهاتف هو التأجيل الثاني، الذي تعلن عنه الشركة، حيث تأجل الإطلاق في المرة الأولى بسبب حادث سرقة البطاريات الذي تعرضت لها الشركة.

كان المهندس محمد سالم، رئيس مجلس إدارة شركة “سيكو” قد أكد في مداخلة هاتفية قبل أسابيع لبرنامج “رأي عام” المذاع على قناة “TEN” الفضائية، أنه سيتم طرح الأجهزة في الأسواق بداية من النصف الثاني من يناير الماضي، إلا أن الشركة تراجعت، وأجلت الإطلاق حتى الأسبوع الأول من فبراير.

وكانت الشركة تأمل في منافسة هاتفها المحمول للعلامات التجارية العالمية في هذا المجال، ووعدت بطرح خمسين ألف هاتف محمول مصري للسوق خلال أسابيع.

وسلّم رئيس الشركة محمد سالم لعبدالفتاح السيسي خلال معرض “كايرواي سي تي” جهازاً محمولاً متطوراً قال: إنه باكورة إنتاج الشركة، وذلك بحضور وزير الاتصالات ياسر القاضي الذي وعد السيسي قبل عام -في حضور رئيس الشركة- بأنه سيمسك بيده هاتفاً محمولاً مصرياً خالصاً خلال عام.

وقال رئيس الشركة المصرية لصناعات السيليكون (سيكو مصر) محمد سالم في مقابلة تلفزيونية: إن طرازاً يسمى بهاتف الرئيس ظهر مع السيسي في الافتتاح، هو الذي يتزايد الطلب على حجزه.

وفسّر سالم اسم الجهاز في مقابلة تلفزيونية بأنه “اختصار للحروف الأولى لاسم شركته”، بينما قال في تصريحات أخرى: إنه يعود لاسم “مشروب غازي كان ينتجه والده في الستينيات”.

تسهيلات وصعوبات

ورغم التسهيلات الواضحة المقدمة من الدولة للمصنع الواقع بأسيوط (جنوب مصر)، والممثلة في مشاركة إحدى الشركات الحكومية في إنشاء المصنع، وهي شركة القرى الذكية، فضلاً عن إعفاءات ضريبية، بالإضافة لرعاية الحكومة لإنتاج الجهاز، فإن تجاراً وخبراء شككوا في قدرة الشركة على تصنيعه محلياً.

وكشفت واقعة سرقة بطاريات الجهاز أثناء نقلها للمصنع، عن تصنيع أجزاء منه بالصين وتجميعه بمصر، ونجحت السلطات في ضبط اللصوص.

وتضاربت بعدها تصريحات مسؤولي الشركة حول ما إذا كان مصرياً خالصاً كما قيل للسيسي أم تجميع لمكونات مستوردة؟

ففي بيان للشركة شكرت فيه المصريين لثقتهم فيها، أكدت طرح الجهاز في موعده، بينما صرح سيسي الشركة نفسه لفضائية “صدى البلد” بأن الجهاز معروض أصلاً في السوق!

وقال وائل مصطفى، وهو صاحب متجر لبيع الأجهزة المحمولة بالجيزة: إن جهاز سيكو الجديد مطروح بالسوق فعلياً منذ ثلاث سنوات، ولا يلقى رواجاً للمنافسة الشرسة من قبل الأجهزة الصينية المنافسة سعرياً، والأجهزة الأمريكية المنافسة تقنياً، معرباً عن دهشته من تقديمه للسيسي على أنه جهاز جديد.

ويتفق معه هاني فوزي، وهو صاحب محل لبيع وصيانة المحمول بمدينة أكتوبر، مؤكداً أن هناك تاريخاً طويلاً من الفشل للأجهزة التي جرت محاولات لتصنيعها محلياً، مثل هاتف كويكتل، وأوضح أن معظم مكونات هاتف “سيكو” صينية على الأرجح، وفق ما رآه عند صيانة بعضها.

وتكتظ السوق المصرية بنحو 35 علامة تجارية، تتقدمها علامة “سامسونج” الكورية بنسبة 43% من مبيعات الأجهزة المحمولة بمصر، تليها شركتان صينيتان هما “هواوى” و”لينوفو”، بحسب إحصائيات مؤسسة الأبحاث التسويقية (GFK) لسبتمبر الماضي، بينما لا توجد حصة تذكر لجهاز “سيكو” بالإحصائيات المذكورة.

ويبدي الخبير التقني هشام عبدالغفار شكوكاً كبيرة في قدرة المصنع على تقديم منتج منافس، ذلك لأن “بنية التصنيع التكنولوجية المصرية هي في الإلكترونيات وليست الهواتف المحمولة، لذلك نجحت مصر في صناعة التلفزيونات منذ سنوات، وفشلت في تجربتين للهواتف المحمولة”. 

ويفسر عبدالغفار صعوبة تصنيع المحمول بالقول: إنها “صناعة تعتمد أكثر على آلات تصنع آلات، لذا فهي ليست كثيفة العمالة، وتحتاج اقتصاداً كمياً ضخماً، نجحت فيه الصين لأن لديها الخبرة المعرفية والتقنية، فيما فشلت فيه الهند مثلاً”.

وتابع بالقول: إن “الجمارك على أجهزة المحمول ملغاة فيتساوى عندئذ سعر المصري والمستورد بالنسبة للمستهلك، وهنا تكون الأفضلية للأكثر تطوراً وكفاءة وهو المستورد”.

وألمح إلى أن الشركة المنتجة لـ”سيكو” حصلت على تسهيلات حكومية ضخمة، معرباً عن خشيته من تحول المسألة لاستعراض تدفع ثمنه الصناعة المصرية من سمعتها.

وذكر المتحدث أن الرقم المعلن للاستثمار في تصنيع الهاتف المصري، وهو 210 ملايين دولار غير كاف، في حين يبدو عدد العاملين -500 عامل وفني- ضخماً جداً على هذه المهمة، حتى لو كانت العمالة مؤهلة.

أما رئيس هيئة تنمية التكنولوجيا الأسبق حازم عبدالعظيم فأشار إلى أن سرقة البطاريات تكشف عن أن الجهاز ليس مصرياً خالصاً كما قيل، وألمح إلى وجود دراسة جدوى سابقة أكدت صعوبات تصنيع الهاتف المحمول محلياً.

ويستدرك المتحدث بالقول: ربما يساهم تعويم الجنيه في مساعدة الشركة على التصنيع.

Exit mobile version