نجاح حزب “البديل” في الانتخابات الألمانية قد يدفع أحزاباً “معتدلة” لتنبي خطاب أكثر تطرفاً

 

ـ صعود اليمين المتطرف في مرحلة ما لا يعني ظهور تيار سياسي يميني متطرف “مستدام”

ـ شعارات هذا الحزب وخطابه المتطرف تشهد تطبيعا في الاعلام والشارع وعلى لسان السياسيين

ـ اليمين المتطرف يفتعل معركة ضد الوجود الإسلامي لتحقيق أغراض لا علاقة لها بالوجود الإسلامي بالغرب

ـ صعود اليمين المتطرف “بات ظاهرة بارزة في المشهد السياسي والمجتمعي الأوروبي

ـ الإسلاموفوبيا سمة من السمات السياسية للحزب وسوف يقاوم قوانين مساواة المسلمين في العبادة

ـ الحزب يناقض القيم الأساسية للدستور الألماني مثل حرية الدين وحرية التعبير

ـ على المسلمين تقوية دفاعاتهم والبحث في مستقبلهم للانتقال إلى مرحلة التأثير والخروج من السلبية

ـ المسلم الذي يعيش في دولة القانون، يجب عليه الالتزام بالقوانين والأنظمة المعمول بها

أوضح ثلاثة رموز إسلامية بألمانيا، في تصريحات خاصة لـ(المجتمع)، أن النجاح الذي حققه “حزب البديل من أجل ألمانيا” في الانتخابات الأخيرة 2017م، ليس هو مكمن الخطر في حد ذاته حيث لا يمكنه الدخول في تشكيل ائتلاف حكومي؛ وإنما الخطورة في حضوره في المجتمع الألماني الذي انعكس على نتائج الانتخابات؛ وهو ما قد يدفع بأحزاب توصف بأنها معتدلة لتبني خطاب أكثر تطرفاً لتحسين نتائجها الانتخابية المستقبلية وهو ما يدفع بالمجتمع كله نحو اليمين المتطرف.

جاء ذلك في تحقيق صحفي أجرته “المجتمع”، حول عوامل نجاح حزب “البديل من أجل ألمانيا”، وتداعيات هذا النجاح “المحتملة” على المسلمين..

تحديد معيار النجاح

من بون، استبق الكاتب والإعلامي الإسلامي “نبيل شبيب” -صاحب ومدير موقع “مداد القلم” الالكتروني- الحديث عن أسباب نجاح حزب “البديل”، بتحليل خطوة نجاحه في الانتخابات الأخيرة، مشدداً على ضرورة: تحديد كلمة “نجاح” بصورة دقيقة، فـ”إطلاق الكلمة في الحياة الحزبية الغربية تعني الوصول إلى مستوى من المقاعد في المجلس النيابي تسمح للحزب المعني بالمشاركة في السلطة على الأقل، وليس هذا واردا بالنسبة لحزب “البديل”، فكان نجاحه “نسبياً”، حيث حاز على نسبة 13% تقريباً، كما لا يوجد في المجلس حزب آخر على استعداد لمشاركته في ائتلاف حكومي”

وأشار إلى أن هذا النجاح “الحالي”، لا يعني “الاستدامة”، موضحاً أن: “صعود اليمين المتطرف في مرحلة ما، لا يعني ظهور تيار سياسي يميني متطرف “مستدام”؛ بل يعني تضخم موجة احتجاج شعبية قوية ضد سياسات القوى التقليدية، وسرعان ما تضمحل هذه الموجة عند ظهور بديل منهجي يرجّح نجاحه عبر ممارسة السلطة مستقبلا، وهذا ما تشهد عليه انتخابات الرئاسة في فرنسا قبل الانتخابات في ألمانيا”.

ولفت محذراً إلى أنه: عندما تتبني أحزاب اليمين التقليدي بعض ما يطرحه اليمين المتطرف من شعارات، “يمكن أن تحدّ من نجاحه كما حصل في النمسا يوم ١٥/ ١٠/ ٢٠١٧م”، مشيراً إلى خطورة ذلك “إذ يمثل تحولا بسياسة البلاد باتجاه التطرف اليميني”.

ـ ومن جهته، أشار “سمير فالح”، نائب الرئيس/الأمين العام في اتحاد المنظمات الاسلامية في أوروبا، إلى أن: صعود اليمين المتطرف “بات ظاهرة بارزة في المشهد السياسي والمجتمعي الأوروبي؛ فلا يخلو بلد من البلدان الأوروبية إلا وكان لليمين المتطرف له فيه تواجد وتأثير وصعود”.

وضرب ثلاثة أمثلة بما حدث هذا العام 2017م، على الساحة الأوروبية؛ فقد “شهدت الانتخابات البرلمانية في هولندا حضورا لحزب “الحرية” اليميني المتطرف الذي يتزعمه خيرت فيلدرز حيث جاء في المركز الثاني، علما أن الاستطلاعات الأولية كانت تمنحه المرتبة الأولى. ثم في فرنسا في الانتخابات الرئاسية حيث نافست مارين لوبان زعيمة “الجبهة الوطنية” مانويل ماكرون زعيم حزب “الى الأمام” في الدورة الثانية وخسرت بنسبة 33.9 بالمائة ما يعادل 11 مليون من أصوات الناخبين. ثم انتخابات النمسا أخر الأسبوع الماضي شهدت أيضا صعود اليمين المتطرف حيث جاء “حزب الحرية” في المرتبة الثانية بعد “حزب الشعب” المحافظ والذي اقترب في شعاراته ودعايته الانتخابية من الحزب اليميني المتطرف. وقد يشهد تشكيل الحكومة تحالفا بينهما”.

وتابع: “لم يختلف فيها المشهد كثيراً حيث شهدت صعود حزب “البديل من أجل ألمانيا” وحصوله على المرتبة الثالثة بنسبة 13.1 بالمائة خلف الحزبين التقليديين “الاتحاد المسيحي الديمقراطي” و”الحزب الديمقراطي الاشتراكي”… علما وأن هذا الحزب تأسس سنة 2013 وينافس لأول مرة على الانتخابات البرلمانية مما يُعطي هذا الصعود أهمية أكبر”.

عوامل الصعود

وحول الأسباب التي دفعت بحزب “البديل من أجل ألمانيا” إلى مستويات متقدمة بمراكز القرار لم يحققها من قبل، لفت “دانيال عابدين”، رئيس مجلس شورى هامبورغ (يضم 53 مسجد ومؤسسة اسلامية)، إلى أن الحزب استطاع حشد الناس الذين لم يكونوا راضين عن سياسات الأطراف الراسخة، موضحاً أنه “تلقى تدفقاً هائلاً من المواطنين الذين لم يوافقوا على موقف الحكومة الاتحادية في سياسة اللاجئين”، ومؤكداً أن: الناخبين “أتوا من جميع أطياف المجتمع وليسوا من الفقراء!”.

إضافةً لما سبق، أشار “عابدين”، إلى أن: الدافع لنجاح هذا الحزب في الانتخابات “لم يكن فقط بسبب النزاع حول السياسة الحالية في ملف اللاجئين؛ بل أيضاً بسبب الخوف من الإسلام الآخذ في الانتشار على نطاق واسع في المجتمع الألماني”، معتبراً أن المتغيرات الأخيرة في الخريطة السياسية والمجتمعية بألمانيا تساهم في تعزيز “الانقسام الثقافي والسياسي للمجتمع”.

وأوضح أنه: “كانت هناك حالة من الاستياء ضد المسلمين على نطاق واسع لسنوات عديدة قام حزب “البديل من أجل ألمانيا” باستغلالها وتوظيفها لصالح أجندته السياسية”.

الأبواب المفتوحة والقضايا المعيشية

أما نبيل شبيب فأضاف عوامل أخرى ساهمت في نجاح حزب “البديل” حيث قال: “لا يكفي لتعليل حصول حزب “البديل” على نسبة نجاح نسبيا تفوق بها على أحزاب صغيرة أخرى، كالخضر والديمقراطيين الأحرار، التركيز على ما سبقت الإشارة إليه أنه يمثل موجة احتجاج على السياسات الحكومية في الدورة السابقة، فهذا يمثل أحد الأسباب، ويدور في الدرجة الأولى حول سياسة فتح الأبواب أمام موجة اللجوء عام ٢٠١٥م رغم أنها لم تعد الآن مصدر القلق الأكبر سياسيا وشعبياً”، لافتاً إلى أن: “الإرث المعرفي في الغرب عموما بشأن التعامل مع “الآخر” الأجنبي لا سيما من المسلمين، ينشر مخاوف لدى “العامة” قابلة للاستغلال عبر شعارات مثيرة وإن لم تقترن ببرنامج سياسي واضح”.

وتطرق “شبيب”، إلى العوامل الأخرى لنجاح حزب “البديل”، الذي “طرح شعارات تتعلق بالأوضاع المعيشية للسكان”، مشيراً إلى أن ألمانيا “شهدت ازدياد الهوة الفاصلة بين الثراء والفقر بوضوح، مما جعل الوضع المعيشي في مقدمة ما يدفع الناخب إلى الإدلاء بصوته الانتخابي لصالح الحزب الذي يتوخى منه سياسة أفضل”.

ولفت إلى أن الميل الاحتجاجي لصالح حزب “شعبوي” يحدث حاليا “نتيجة غياب مفعول الاستقطاب القديم بين يمين ويسار؛ فلا يجد الناخب فرصة للتحول بصوته إلى الحزب التقليدي الآخر وفق معادلة اليمين واليسار، وبتعبير أوضح: لم يعد يوجد فوارق كبيرة مميزة بين أحزاب يمينية محافظة على الصعيد الاقتصادي والمالي وأخرى يسارية اشتراكية”.

وتابع: “منذ نهاية الحرب الباردة وغياب الشيوعية انتشرت ظاهرة انحياز الأحزاب اليسارية يمينا إلى درجة جعلتها لا تختلف عن اليمينية التقليدية إلا اختلافات محدودة. وزاد على ذلك في ألمانيا بالذات أن الحكومة الائتلافية جمعت الحزبين الكبيرين الاتحاد المسيحي من “اليمين” تقليديا، والديمقراطي الاشتراكي من “اليسار” تقليديا، وظهر بعض الاستقطاب بينهما مجددا في المعركة الانتخابية، ولكن أدى إلى خسارة الطرفين نسبة لا بأس بها من أصوات الناخبين، الذين أعطوا أصواتهم للأحزاب الأصغر، ومن ذلك، احتجاجا، لصالح حزب البديل اليميني المتشدد”.

ينما يرى “فالح” -وهو كذلك رئيس التجمع الاسلامي في ألمانيا- أن القضايا المعيشية لم تكن من العوامل التي أدت لنجاح حزب “البديل”، موضحاً أن “الوضع الاقتصادي وموضوع التشغيل، وهي المواضيع التقليدية في أيّة انتخابات، لم يكن حاضرا بحجم كبير في الانتخابات البرلمانية الألمانية، ذلك أن النمو الاقتصادي وتراجع نسبة البطالة والزيادة المطردة في الدخل القومي لا يترك مجالا لنقد الحكومة الحالية من أجل ضرب مصداقيتها من هذه الناحية. والذي كان حاضرا بشكل مباشر وغير مباشر هي مواضيع الأمن والتطرف (طبعا المقصود به العمليات الإرهابية المنسوبة الى مسلمين) وموجة اللاجئين والتعامل معها.

اهتراء الأحزاب التقليدية

وأضاف: “تركيز الاعلام على مواضيع تزرع الخوف في المشاهد العادي ساهم بشكل كبير في صنع رأي عام يحكمه الخوف ويبحث عن الأمن، وقد نجح اليمين المتطرف في الضرب على هذا الوتر وإبراز الأحزاب التقليدية على أنها غير قادرة على توفير هذا الأمن، بل أنها المتسببة في هذه الأوضاع”.

ولفت إلى أن “الذين انتخبوا حزب “البديل من أجل ألمانيا” لم تكن لهم قناعات أو توجهات اليمين المتطرف! ولكن المشهد السياسي وعملية “الاهتراء” التي أصابت الأحزاب التقليدية حولت وجهتهم الانتخابية الى هذا الحزب. إضافة الى ذلك، فإن شعارات هذا الحزب وخطابه المتطرف لم تعد تُنفّر الناس، بل – وهذا الأدهى – إن هذا الخطاب وهذه الشعارات تشهد تطبيعا في الاعلام وفي الشارع وعلى لسان السياسيين”.

وخلص “فالح”، إلى أن: انتخابات ألمانيا، “شأنها شأن الانتخابات في البلدان الأوروبية الأخرى، تعكس جملة من التحديات التي يعيشها السياق الأوروبي وهي: زيادة منسوب الاسلاموفوبيا وتفاقم موجة الكراهية ضد الأجانب وصعود الخطاب الشعبوي وتنامي الشكوك تجاه فكرة الوحدة الأوروبية وتنامي دعوات الانفصال”.

التداعيات المحتملة

وحول التداعيات المحتملة على مسلمي ألمانيا خلال المرحلة القادمة، لفت “شبيب” إلى أن عداء التطرف اليميني للوجود الإسلامي “وسيلة تجييش” تحولت إلى هدف، وأن استخدامها كان “نتيجة” لمنطلقاته المبدئية، وليست نتيجة لمعطيات موضوعية، بمعنى نقاط تماس ثنائية قائمة على أرض الواقع.

وأوضح أن التطرف اليميني “ينطلق من رؤية متشددة قومية في الدرجة الأولى وثقافية غربية في الدرجة الثانية، ويعتمد في جلب الأنصار على ما بات يعرف بالخطاب الشعبوي، فيجد التأييد على أطروحات تعميمية ووعود غير مضمونة التنفيذ كما سبقت الإشارة”.

وأضاف: “هذا هو الإطار الذي توضع فيه مقولاته التعميمية حول وجود الإسلام والمسلمين في الغرب، ومن ذلك مثلا أنه يعزو ارتفاع نسبة البطالة إلى ارتفاع عدد المسلمين، دون تعزيز ادعاءاته بأرقام مقنعة، أو مناقشة ما ينفي ذلك فعلا من دراسات منهجية وتقارير رسمية”.

وتابع: بتعبير آخر: اليمين المتطرف “يفتعل معركة” ضد الوجود الإسلامي، لتحقيق أغراض لا علاقة لها بحقيقة وجود الإسلام والمسلمين في الغرب”.

ـ متفقاً مع هذه الرؤية، ومضيفاً أكد “عابدين أن ظاهرة العداء للإسلام (الاسلاموفوبيا) هي “سمة من السمات السياسية لحزب البديل من أجل ألمانيا”، محذراً من أنه “سوف يقاوم كل القوانين التي يتساوى فيها المسلمون في حرية العبادة مع الاديان الأخرى”.

وأبدى “عابدين”، استغرابه لأن حزب “البديل من أجل ألمانيا”، من خلال مهاجمته للإسلام، فإنه: “يناقض القيم الأساسية للدستور الألماني، مثل حرية الدين، وحرية التعبير، والحق في تنمية الشخصية الحرة، ويعزز المخاوف المتطرفة تجاه مجموعة كبيرة من الناس الذين يعيشون بسلام في ألمانيا، سيكونون كبش فداء القادم بعد اللاجئين”.

وتابع: “ولكن لا يجوز خداع المرء؛ فالأفكار السياسية التي يقدمها هذا الحزب ليست موجهة فقط للمسلمين؛ بل موجهة ضد الألمان الضعفاء اجتماعياً، وللعاطلين عن العمل، وللنساء اللواتي يخرجن من العمل أو يعشن في العمل كذلك!”.

ـ من جهته أوضح “فالح” أن مصدر القلق يتمثل في كون “الانتخابات ونتائجها تعد تجليات لأوضاع اجتماعية واقتصادية؛ فصعود اليمين المتطرف يعني أن لأفكاره وشعاراته حضورا في المجتمع”.

إضافة الى ذلك “درجة القبول لهذا الخطاب ستضغط على الأطراف السياسية الأخرى من الاقتراب منه إن لم يكن تبنّيه”.

وتابع: وفي هذا الخضم.. يجد المسلمون أنفسهم الحلقة الأضعف، فأغلب هذه التطورات تأتي “على حسابهم” وقد يتجلى ذلك في المستقبل القريب والمتوسط في الأمور التالية:

ـ زيادة التوترات الاجتماعية واستهداف المسلمين كأشخاص، وخصوصا النساء المتحجبات.

ـ “ثقافة الترحيب” التي استقبلت بها المانيا موجات اللاجئين بصدد التراجع لتترك المكان لثقافة التوجّس والخوف إن لم نقل الكراهية.

ـ وجود اليمين المتطرف تحت قبة البرلمان سيدفع الى طرح قوانين وإجراءات تستهدف الوجود الإسلامي بالتضييق، ولن تتأخر بقية الأحزاب على المجاراة بل المبادرة أحيانا الى سنّ مثل هذه القوانين والإجراءات لسحب البساط من اليمين المتطرف ومحاولة استعادة أصوات الناخبين الذين تخلوا عنه

ـ إن “المنظومة الديمقراطية” في المانيا لم تتبع خيار “الحظر” تجاه الأحزاب اليمينة المتطرفة واختارت سبيل التدافع المجتمعي والتنافس السياسي. فهل تنجح في هذا الرهان؟ تجربة صعود النازيين في بدايات القرن العشرين تلقي بظلالها السوداء…

وأضاف محذراً أن المشهد “يقض المضاجع وسيناريو قاتم لا أحد يريده: بالأمس كان اليهود وقودا لهذا التدافع واليوم المسلمون”.

رؤية مستقبلية

وحول رؤيته المستقبلية للموقف الصحيح والمطلوب من مسلمي ألمانيا، حذر المفكر الإسلامي “شبيب”، من أن: جوهر مصالح الإسلام والمسلمين في أوروبا “ليس مرتبطا بمعركة مع التطرف اليميني، وكل طاقة تضيع في معركة جانبية هي على حساب طاقات ضرورية لتحقيق ثمرات مباشرة على صعيد تطوير إيجابيات الوجود الإسلامي في الغرب عموما، وعلى صعيد القواسم المشتركة بين المسلمين وسواهم، دون فقدان تميزهم الذاتي.. وآنذاك يكون الرد على افتراءات اليمين المتطرف جزءا من كل وبمشاركة أوسع نطاقا من فئة المسلمين”.

ثاني المواقف المطلوبة من مسلمي ألمانيا خلال الفترة القادمة، كما يراها “شبيب”، تتمثل في “تنمية العلاقات الإيجابية مع فئات منصفة ومع الفئات الشعبية المتأثرة أو المستهدفة من جانب التطرف اليميني”، معتبراً أنه سوف تثمر عن دعم المسلمين في العمل لقبول الوجود الإسلامي شعبياً، وبالتالي في مواجهة مشتركة مع الآخرين، لتفنيد أطروحات اليمين المتطرف على الإسلام والمسلمين”.

وأضاف مشدداً “من أهم ما ينبغي التركيز عليه بصدد التطرف اليميني في أوروبا، أن التعامل معه لا يستقيم بمنطلقاته وأهدافه ونتائجه، إلا بقدر ما يكون العنوان الإسلامي لهذا التعامل جزءا عضويا من عنوان التعامل معه من جانب المجتمعات الأوروبية نفسها”، ومؤكداً على ضرورة “تجنب ارتكاب خطأ ذريع، وعدم الانزلاق إلى ما تريده الأحزاب والتنظيمات المتطرفة يمينيا، وهو فتح معركة ثنائية بين الجانبين، منعزلة عن المجتمعات الأوروبية هجوما ودفاعا”.

ـ وحول رؤيته المستقبلية، عبر “فالح”، عن أمله في أن: توقظ نتائج هذه الانتخابات ضمائر أغفلتها الحسابات السياسية المجردة من كل أنساق اجتماعية، فيعود السياسي الى منافح ومدافع عن القيم الإنسانية.

وتابع: ومن ناحية أخرى الوجود الإسلامي هو الوقود في كل هذه التجاذبات والصراعات، وعليه أن يقوّي دفاعاته ويبحث في مستقبله بكل جدية من أجل الانتقال الى مرحلة التأثير والخروج من وضعية السلبية.

ـ من جهته، تفاءل “عابدين”، وهو ألماني الجنسية من أصول لبنانية، وكان قد سافر الى ألمانيا سنة 1981, وهو مسؤل عن مجال حوار الاديان منذ 14 سنة في منطقته، من كون ألمانيا “لديها قصة نجاح حقيقية كدولة الهجرة، ونحن السياسيين استثمرنا قدراً كبيراً في برامج الاندماج”، وبناءاً على ذلك شدد على أنه: “نحن -المسلمين ومواطني ألمانيا- بحاجة ماسة إلى التعريف بديننا على نحو أفضل، ونتحاور بكثافة ما اذا كان الإسلام ينتمي إلى ألمانيا.. ومفهومنا بالطبع أن الإسلام ينتمي إلى ألمانيا”.

وحول رسالته لمسلمي المانيا عبر (المجتمع)، شدد “عابدين”، على أهمية الالتزام بقوانين البلاد مؤكداً أن هذا من الإسلام “عندنا مبدأ إسلامي بأن المسلم الذي يعيش في دولة القانون، يجب عليه الالتزام بالقوانين والأنظمة المعمول بها في هذا البلد، فأي انتهاك للقانون هو انتهاك لمبادىء ديننا الإسلامي”.

Exit mobile version