كيف أحمي أولادي من «الشذوذ الجنسي»؟ (1)

هناك ادعاء خاطئ بأن الشذوذ لا علاقة له بالأخلاق والأمراض العضوية والنفسية وإنما هو خيار جيني موروث

علمياً لا يوجد جين مسؤول عن الشذوذ لكنها مجرد تضليلات إعلامية من جمعيات الشواذ

يساهم التعبير عن حب الأبناء في نموهم الطبيعي ويجعلهم أسوياء في تعاملهم مع الآخرين

84% من المثليين الذكور اعترفوا أن والدهم كان غير مكترث بهم في صغرهم

يجب أن ينمو الابن في محضن ذكوري فيصحبه الوالد في جلساته أو رحلاته أو رياضته وكذلك الفتاة مع أمها

 

أستاذي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا رب أسرة، ولله الحمد رزقنا الله بولد وبنت توأمين أتما العاشرة من عمرهما منذ شهر، كل أمورنا ولله الحمد طيبة، لكن ما يؤرقني هو خوفي على الأولاد، وحقيقة ما زاد خوفي أو بمعنى أدق جعله يتمحور حول – أعوذ بالله – الشذوذ، خاصة مع هجمات الانحلال، وتجرؤ نفر من السفلة المتشبهين والمتشبهات بالعلانية عن أنفسهم بجرأة لم تعهدها ديرتنا، ويشجعهم على ذلك طبعاً المنظمات العالمية المشبوهة تحت دعوى الحرية الشخصية، والترويج بأن ذلك السلوك – الشائن الذي حرمته كل الشرائع الدينية وقيم الفترة السوية – غير إرادي وأنه نتيجة جينات لا ذنب لفاعله فيه، وأن بعض الحيوانات تمارسه في الطبيعة، وأننا بذلك نظلم هذا الشاذ.

وكما تعلم فقد أصبح الإنترنت في كل بيت وعلى كل هاتف نقال، ولقد اشترطت عليهما ألا يضعا كلمة سر على هاتفيهما حتى أتمكن من الاطلاع عليهما.

كيف أحمي أولادي من هذا الوباء؟

جزاكم الله خيرا؟

 

الحل:

أولاً: تعريف الشذوذ الجنسي:

هو علاقة بين نفس النوع من الجنس، وهنا يجب التفريق بين الخنثى، وهو ما يولد وبه أعضاء ذكرية وأنثوية، وقد يكون إحداها غير مكتمل أو كلاهما، وقد تناوله علماء الفقه بالتفصيل، وبين أن يكون الإنسان من الناحية التشريحية طبيعياً، ولكنه يمارس الشذوذ.

ثانياً: الشاذ ليس مريضاً نفسياً بل منحط أخلاقياً:

يدعي مروجو الشذوذ اكتشاف جين الشذوذ الجنسي (Gay Gene)، ويمثل هذا الادعاء أحد المرتكزات الرئيسة التي يقوم عليها الخطاب الإلحادي الذي يروّج بأن الشذوذ لا علاقة له بالأخلاق أو الأمراض العضوية أو النفسية، وإنما هو خيار طبيعي موروث في الحمض النووي البشري (Human DNA)، ولا يمكن إزالته منه، فضلاً عن عقابه بسببها كما تدعو إلى ذلك الأديان السماوية.

يؤكد الكاتبان العلميّان الأخوان نيل وايتهيد، وبريار وايتهيد في كتابهما “جيناتي جعلتني أفعلها!”، حيث يقولان في مقدّمته: “إن الغرب كان موضوعاً لحملة من التضليل والخداع في السنوات العشرين أو الثلاثين الأخيرة، جعلت مؤسساته العامة من المشرّعين إلى القضاة ومن الكنائس إلى التخصّصات الذهنية الصحيّة يؤمنون بشكل واسع أن المثلية الجنسية موروثة عضوياً؛ وبالتالي لا يمكن تغييرها”، وهو الرأي الذي يتفق فيه المحلّل الإعلامي “مارك دايس” معهما قائلاً: إن “الإعلام الليبرالي أجرى عملية غسيل مخ من خلال “بروباجندا” المثليين الجنسيين حتى يقنع الأمريكيين بارتفاع نسب الشذوذ الجنسي”.

كما أجرى فريق من الباحثين بجامعة “نورث ويستيرن” الأمريكية دراسة علمية عام 2014م شملت فحص الحمض النووي لـ400 ذكر من المثليين الجنسيين، لم يتمكّن الباحثون من العثور على جين واحد مسؤول عن توجههم الجنسي، وقالوا: إن “الجينات كانت إمّا غير كافية، وإمّا غير ضرورية لجعل أي من الرجال شاذاً جنسياً”.

إذن؛ علمياً لا يوجد جين مسؤول عن الشذوذ، ولكنها مجرد تضليل إعلامي من جمعيات الشواذ لتبرير انحطاطهم.

ورغم قيمة وأهمية هذه الأبحاث التي تسقط دعوى تبرير الشذوذ فإننا نحن المسلمين لنا في ديننا الكفاية والقناعة الإيمانية، بأن الشاذ مسؤول عن شذوذه ما دام الشرع قد حرمه، وكفى.

 فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ” (أخرجه الترمذي، وصححه الألباني) .

ثالثا: أسباب الشذوذ الجنسي:

1- أخطاء التنشئة:

تلجأ بعض الأمهات بجهالة إلى تنشئة الطفل ومعاملته بغير جنسه، مثال على ذلك أن يشاء الله أن تكون الأم كل خلفتها ذكوراً، وتتمنى بنتاً، فعندما يرزقها الله بذكر آخر، تُطلق عليه لفظاً أنثوياً وتلبسه ملابس بنات، على سبيل المزاح، وقد تستمر هذه الجريمة حتى دخوله المرحلة الابتدائية.

هنا يجب التفريق بين نوع جنس (Sex) ذكراً أو أنثى وهو ما تُظهره أعضاؤه الجنسية، وما يُعرف بالهوية الجنسية (Gender)، وهي الصور الذهنية الجنسية عن الذات، التي تتكون مع اللبنات الأولى لحياة الإنسان ثم تنمو معه وتستكمل ما بين الثانية والثالثة من عمره، حيث يدرك الطفل نوعه الجنسي ويعرف نوع جنس من يتعامل معه، ثم في مرحلة الصبا (6 – 10) يحاول التعرف واكتشاف الفروقات بين جنسه والجنس الآخر.

إن اختلاف الهوية الجنسية عن الجنس تُحدث خللاً لدى الطفل وتجعله يتصرف طبقاً لهويته الجنسية وليس طبقاً لجنسه، حتى لو بدأت الأم مع مرحلة الصبا تعامله طبيعياً بناء على جنسه، سيرفض الطفل ظاهرياً ذلك حتى وإن أبدى استجابة فسيظل داخله نوع الجنس الذي عرف نفسه به.

من المؤكد أن هذا الولد أو البنت عرضة للشذوذ بنسبة عالية جداً ما لم يخضع لبرنامج نفسي ورعاية خاصة قبل مرحلة البلوغ.

2- فطرة البحث واكتشاف المجهول:

في مرحلة الصبا يبدأ الطفل في التعرف على أعضائه الجنسية، وإن لم تكن هناك الرعاية الكافية، فقد يحاول الأطفال التقارب الجسدي معاً، ومن الطبيعي أن تحدث استثارة ما، وقد يؤدي هذا اللهو الجنسي إذا ما تكرر إلى تكوين صورة ذهنية للدور الذي يمارسه الطفل في العلاقة، ويتوقف ذلك على مدى تكرار هذا العبث، والذي قد يعتاده.

3- تعرض الطفل للاعتداء:

يجب كل الحذر من ترك الطفل مع من هم أكبر منه مهما بدا عليهم من أمارات الثقة، فإن الحدث الجنسي يرسخ في عقلية الطفل، في بداية يصاب الطفل بالصدمة والهلع، ثم يبدأ في اعتياد الأمر فيما بعد، خاصة إذا استمرت لفترة طويلة ومع مرور الوقت تبدأ سلوكياته الجنسية تميل إلى الشذوذ الذي يتعرض له، حتى إذا لم يتكرر الاعتداء على الطفل، فإنه يكون عرضة للشذوذ – إن لم يعالج – حيث تتشكل طبيعته الجنسية تبعاً لأول تجربة جنسية له، ومع الوقت ووصوله لسن البلوغ يكون متهيئاً نفسياً للشذوذ ويفقد قدرته على التمتع بأي شكل آخر من العلاقات الجنسية الطبيعية.

4- عدم شمل الأسرة:

إن التربية المتوازنة تقتضي وجود الزوجين معاً، وغياب أحدهما يعطي خللاً لمفهوم علاقة الطفل بنوعية جنس من يعيش معه من والديه، تطرح إحدى الدراسات أن غياب الأب أو الأم يجعل نسبة الاتجاه إلى المثلية أكثر بنسبة 20%.

5- عدم الإشباع الوجداني:

يساهم التعبير عن حب الأبناء وارتوائهم وجدانياً في نموهم الطبيعي، ويجعلهم أسوياء في تعاملهم مع الآخرين دون ميل أو نفور، يجب أن يشبع الأبناء من التعبير عن حب والديهم، من خلال النظرات التي تشع حباً وتقديراً، واللمسات والأحضان والقبلات، التي تشعر الابن بقيمته عند والديه، وتجعله مكتفياً بحبهما عما قد يتعرض له من تحرشات.

6- ضعف الثقة:

من أهم ما يجب أن يحرص عليه الوالدان بناء ثقة الطفل في نفسه التي تجعله قادراً مهما كان صغيراً من إبداء المقاومة – حتى بالصراخ – ولا يخنع، مما يمثل تهديداً للمعتدي الذي يتميز بالجبن من افتضاح أمره، وكذلك ثقة الطفل في والديه تجعله لا يخاف من إخبارهما بما حدث له، تُبنى الثقة بالرعاية والاهتمام، حيث يجب التركيز على التعبير عن قيمة الطفل ذاته، مهما كان إنجازه الدراسي ضعيفاً، أو كونه مشاغباً، هذا يجب ألا ينعكس على علاقتنا النفسية بأبنائنا.

في دراسة اعترف 84% من المثليين الذكور أن والدهم كان غير مكترث وغير مبالٍ بهم في صغرهم مقابل 10% فقط للغيريين (أي الذين يمارسون الجنس مع الجنس المغاير).

7- عدم التربية الجنسية:

من المهم جداً التربية الجنسية للأبناء، بما يتناسب مع إدراكاتهم، فهي تهدف إلى المعرفة التي تولد لديه المحاذير سواء في التعامل مع نفسه أو الآخر، تبدأ التربية الجنسية بتعريف الطفل بجنسه «أنت رجل شجاع»، «أنت بنت جميلة»، بحيث يتمكن من تمييز أفراد عائلته بناء على نوع جنسهم، ثم كل المتعاملين معه، ومن ثم يعرف لمن ينتمي من حيث النوع، ثم الحياء من أن يتعرى أمام الآخرين (يمكن لك بل يجب الرجوع إلى كتب وبرامج التربية الجنسية والمكتبة العربية بها الكثير).

8- البيئة المنفلتة:

للأسف بعض الآباء والأمهات لا يأخذون حذرهم عند استبدال ملابسهم، أو في علاقاتهم، معتقدين أن الطفل في عمر سنتين لا يدرك ما يرى! وهذا خطأ فاحش، نعم هو لا يدرك ما يراه ولكن ذاكرته قد اختزنته، ويظل السؤال يلح عليه: ماذا رأيت؟ وقد تدفعه غريزة التقليد إلى محاكاة ما رأى.

9- عدم التوازن في العلاقة مع الجنسين:

رغم قيمة وأهمية التربية المحافظة، التي تحرص على الفصل بين الجنسين، فإن المبالغة تجعل الطفل ينكفئ على جنسه، ويصعب عليه في مرحلة المراهقة الخيال الجنسي الطبيعي، فيكون عرضة للأفكار الشاذة، من الطبيعي أن يحتلم، وكيف يحتلم الفتى أو الفتاة احتلاماً طبيعياً وهو سجين جنسه؟ إن الاختلاط الشرعي للفتاة أو الفتى يساعد على النمو الوجداني والجنسي في مساره الطبيعي، هذه ليست دعوة للتحلل وترك الأولاد في سن المراهقة لإقامة علاقات على هواهم، ولكن المقصود هو الاعتدال، بمعنى لا حرج عند اللقاءات العائلية أو مع الجيران أن يكون هناك اختلاط طبقاً للضوابط الشرعية، وفي المقابل يجب أن ينمو الابن في محضن ذكوري، فيصحبه الوالد في جلساته أو رحلاته أو رياضته، وكذلك الفتاة مع أمها، إن تنشئة الأطفال في بيئة متوازنة تضمن لهم صحة نفسية وجنسية سوية.

10- تردي الثقافة:

للأسف انقاد أولياء الباطل ممن ينتمون إلى جلدتنا إلى دعوى التحلل العالمي، وأصبحت ثقافة العهر والتحلل الأخلاقي بل والقيمي يروج لها بدعوى الحرية الشخصية، ومع انتشار الإنترنت أصبح من المستحيل عزل أبنائنا عن هذا الخطر الداهم؛ لذا يجب مراجعة وتصحيح ما قد يعلق بأذهان أبنائنا من هذا الوباء، يجب أن يحرص الوالدان سواء من خلال الملاحظة المستمرة أو من خلال جلسات الدردشة والحوار على الانفتاح النفسي ومن ثم الذهني والتعرف على ما يدور داخلهم والتساؤلات التي تعن عليهم.

11- عدم شغل أوقات الأولاد:

إن الفراغ أحد الأسباب الداعية لعبث الولاد، لذا يجب أن يحرص الآباء على شغل أوقات أبنائهم بحيث يذهبون إلى الفراش وقد نفدت طاقاتهم، فيوجه الأبناء كلهم لتنمية بنيتهم الجسدية والفنون القتالية بما يكسبهم ثقة الدفاع عن أنفسهم، ثم ما يفضلونه من هوايات.

12- سوء الصحبة:

حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله، فينظر أحكم من يخالل»، لذا من المهم التعرف على صحبة أبنائنا، وليتنا نتعرف على عائلاتهم حتى نتعرف على ما يمكن أن يدور بينهم من أحاديث.

13- الاضطراب الأسري:

الأسرة هي المحضن الذي يتغذى منه الأبناء منظومة القيم والأخلاق، ويتم ذلك مع الرشفات الأولى من ثدي الأم، بل إن العلماء منذ أكثر من ثلاثة عقود قد تكلموا على أهمية الحالة النفسية للجنين! في دراسة  خاصة بتحليل شذوذ المراهقين، ترجع ذلك بنسبة 90% للأثر السلبي لانهيار منظومة الأسرة.

14- إهمال التربية الدينية:

قد يستغرب القارئ الكريم كيف تأتي التربية الدينية آخر أسباب الشذوذ!

أولاً: عندما أتحدث عن التربية الدينية لا أقصد فقط تعليم الأبناء أداء المناسك، الصلاة مثلاً، بل أقصد أن يتعلم في مرحلة التقليد معنى الصلاة، وما يجب أن يكون عليه المصلي، وعندما يصل إلى المرحلة التي يفهم فيها معنى «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لا نلقنه بل نولد لديه القناعة بما تهدف إليه الصلاة.

ثانياً: رغم قيمة وأهمية القناعات الدينية فإنها لا تستكمل تقريباً، ولا يمكن أن يستوعبها الأبناء إلا مع مرحلة البلوغ، وبعد أن تكون العوامل الأخرى قد أثرت، فإن كان تأثيرها سلباً – فنسأل الله العفو والعافية – فيكون من الصعب وليس من المستحيل العلاج، أما إذا كانت إيجابية التأثير فإن القناعة الدينية تؤصلها وتعمق رسوخها.

Exit mobile version