مؤتمر “ساوباولو” الإسلامي يوصي بالتعاون الجاد للمحافظة على الهوية الإسلامية

 

– حماد غازي: الهوية تعريف الإنسان نفسه فكرًا وثقافة وأسلوب حياة

– أكاديمي سعودي: العناية بالهوية نقطة الارتكاز لعملية النهوض الحضاري

– مدير المركز الثقافي العربي اللاتيني: حرص الإسلام على إرساء وتثبيت الأسرة والمحافظة على تماسكها

– إمام وخطيب المركز العربي الإسلامي بالباراجواي: إحياء الهوية الإسلامية الخطوة الأولى لإحياء الأمة الإسلامية

– الجريوي: متطلبات الأسرة في المحافظة على الهوية الإسلامية تتمثّل في وجود البيئة التوافقية الصالحة

– أكاديمية مغربية: عندما نعرف الآخر ونطلع على موروثه الثقافي يسهل علينا إدماجُه في ثقافتنا ولغتنا وهويتنا

– مسؤول المركز الثقافي الإسلامي بكوستاريكا: ضرورة إعداد مشروع إستراتيجي من المراكز والجمعيات الإسلامية للمحافظة على الهوية الإسلامية

– نائب رئيس التجمع الإسلامي الفنزويلي: ضرورة إنشاء المساجد والمدارس والجامعات وإسهامها في إحياء التراث الإسلامي وربطه بالحاضر

 

 

اختتمت، أمس الأحد، جلسات المؤتمر الدولي الـ30 لمسلمي أمريكا اللاتينية ودول البحر الكاريبي، الذي أقيم في مدينة ساوباولو البرازيلية تحت عنوان “الهوية الإسلامية للأسرة المسلمة في أمريكا اللاتينية ودول البحر الكاريبي وسبل المحافظة عليها”.

واستعرض المشاركون في المؤتمر الذي استمر لمدة ثلاثة أيام، بمشاركة علماء وأئمة مساجد وخطباء وأكاديميون، مفهوم الهوية الإسلامية وأهميتها والتعرف على مقوماتها وسبل الحفاظ عليها، كما استعرضوا بعض النماذج الناجحة التي جسدتها الأسر المسلمة في محافظتها على هويتها الإسلامية، مؤكدين أن إحياء الهوية الإسلامية يعدّ الخطوة الأولى في الطريق الصحيح لإحياء الأمة الإسلامية.

وتمثلت رسالة المؤتمر في الاهتمام بترسيخ الهوية الإسلامية في الأسرة المسلمة ودور الأسرة والمسجد والمؤسسات الإسلامية والتعليمية والإعلامية في ذلك وتعزيز التواصل بين المؤسسات الإسلامية في أمريكا اللاتينية ودول البحر الكاريبي.

وأكد المجتمعون في بيانهم الختامي، وحدة الأسرة المسلمة وتماسكها، وضرورة الحفاظ عليها في وجه التحديات التي تواجهها.

وشهد المؤتمر إلقاء العديد من الكلمات والأوراق البحثية التي دعت إلى الاهتمام بالهوية الإسلامية، وفي كلمة لإمام جامع المركز الإسلامي بسانتانا دو ليفرامينتو د. حماد غازي، بين أن الهوية هي المفهوم الذي يكوّنه الفرد عن فكره وسلوكه اللذين يصدران عنه من حيث مرجعهما الاعتقادي والاجتماعي، وبهذه الهوية يتميّز الفرد ويكون له طابعه الخاص، مشيرًا إلى أن الهوية بعبارة أخرى هي تعريف الإنسان نفسه فكرًا وثقافة وأسلوب حياة.

وأكد الدكتور بقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بالرياض محمد بن سريّع السريّع، أن العناية بالهوية والتأكد من وضوح مقوماتها في عقول الجيل ووجدانهم، هي نقطة الارتكاز لعملية النهوض الحضاري، والأرضية الصلبة التي يستند إليها الجيل عند النهوض بأعباء التقدم، منوهًا بأن أهمية الهوية تزداد مع ما تواجهه الأمة من رياح العولمة العاتية التي تهب على العالم، فارضةً ثقافة القوة، متجاوزةً الحدود، ومتسللةً إلى داخل البيوت دون استئذان عبر وسائل الإعلام وسبل الاتصال وأقنية الاقتصاد.

كما قدّم مدير المركز الثقافي العربي اللاتيني محمد بن محمد منصور ورقة عمل بعنوان “مفهوم الهوية الإسلامية وأهميتها.. الإكوادور أنموذجًا”، أكد فيها حرص الإسلام على إرساء وتثبيت الأسرة والمحافظة عليها مما يؤذيها، والمحافظة على تماسكها مع إعطاء كل فردٍ من أفراد الأسرة دورًا مهما في حياته، فالإسلام أكرم المرأة أمًا وبنتاً وأختًا وزوجةً، كما جعل الإسلام على الأب والأم مسؤولية عظيمة في تربية أبنائهم، كما حرص على غرس مبدأ التقدير والاحترام للآباء والأمهات والقيام برعايتهم وطاعة أمرهم.

وبدوره، قدّم إمام وخطيب المركز العرب الإسلامي بالباراجواي الشيخ فادي بن أحمد الجعفراوي، بحثًا بعنوان “نماذج من تجارب الأسر المسلمة الناجحة في المحافظة على الهوية الإسلامية.. الباراجواي أنموذجًا”، استعرض فيه بعض النماذج الناجحة التي جسدتها الأسر المسلمة في محافظتها على هويتها الإسلامية، مؤكدًا أن إحياء الهوية الإسلامية يعدّ الخطوة الأولى في الطريق الصحيح لإحياء الأمة الإسلامية لأنها تشكل محور الاستقطاب القوي الذي يجمع أفرادها حول مرتكزات عقائدية من الاجتماع على الإسلام، ويتيح للأفراد تكوين أمة متماسكة.

وفي ختام الجلسة الأولى من جلسات المؤتمر، قدمت الأستاذة بجامعة الملك محمد الخامس في الرباط د. مليكة الكتاني، بحثًا بعنوان “الهوية الإسلامية وكيفية ترسيخها من خلال نماذج وأمثلة تاريخية وثقافية من البرازيل وأمريكا اللاتينية”، أكدت ضرورة ترسيخ هويتنا الإسلامية في أبنائنا وفي الأجيال القادمة، دون أن ننسى أن معرفة الآخر هي أيضاً عنصر مهم في هذه المعادلة، بحيث عندما نعرف الآخر ونطلع على موروثه الثقافي، وعلى لغته وهويته وثقافته، وأدبه، يسهل علينا إدماجُه في ثقافتنا ولغتنا وهويتنا، ومن خلال ذلك، يصبح من السهل دعوته إلى ديننا دين الفطرة، حيث سيُقبل عليه بكل قناعة، وذلك نتيجة للاندماج المتبادل الذي حصل بين الطرفين، بحيث ندمجه في ثقافتنا من خلال ثقافته.

وفي الجلسة الثانية التي تناولت محور “أثر الأسرة المسلمة في المحافظة على الهوية الإسلامية”، أوضح عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية د. عبدالرحمن الجريوي، بورقة عمل بعنوان “وسائل الأسرة المسلمة في المحافظة على الهوية الإسلامية”، أن متطلبات الأسرة في المحافظة على الهوية الإسلامية تتمثّل في وجود البيئة التوافقية الصالحة، واستشعار الوالدين للمسؤولية، ومعرفة المناهج والأساليب التربوية الإسلامية، في حين تتعدد وسائل الأسرة في المحافظة على الهوية الإسلامية لتشمل البناء الإيماني، والبناء الأخلاقي، والبناء الفكري، والبناء الاجتماعي.

وبدوره، قدّم إمام وخطيب مسجد الرحمة في سانتو أمارو سان باولو الشيخ محمد البقاعي، ورقة عمل بعنوان “وسائل الأسرة المسلمة في الحفاظ على الهوية الإسلامية”، قسّم فيها هذه الوسائل إلى ثلاثة أقسام منها ما هو مسؤولية الحكومات ومنها ما هو مسؤولية المراكز والمؤسسات ومنها ما هو مسؤولية الأفراد، حيث يتمثّل دور الحكومات في الدعم الذي يمكن أن تقدمه الدول الإسلامية للمسلمين، ويتمثّل دور المساجد والمؤسسات والمراكز الإسلامية في نشر الوعي وإيصال المعرفة إلى أفراد المجتمع عن طريق إقامة المحاضرات والندوات والدروس والتواصل مع أفراد الجاليات، والاهتمام بإنشاء مدارس للأطفال إلى جانب مسؤولية القائمين على المساجد والمراكز والدعاة من خلال الخطاب الديني.

وأما عن دور الأفراد في الحفاظ على الهوية الإسلامية، أشار البقاعي إلى أن هذا الدور يتمثّل الحفاظ على تطبيق شعائر الإسلام في البيت، واتباع هدي الإسلام وتوجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم في اختيار الزوج أو الزوجة التي حثّ فيها على تقديم جانب الدين والأخلاق على أي شيء آخر.

ومن جانبه، قدّم الأستاذ المشارك بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك سعود خالد بن عبدالله العيد، ورقة عمل بعنوان “أثر الإسلام في الترابط الأسري”، مبينًا أن هذا الأثر يشمل العلاقة بين الزوجين والعلاقة بين أفراد الأسرة والآثار الإيجابية للترابط الأسري على المجتمع، حيث إنه سبب في استمرار العلاقات الأسرية بشكل إيجابي.

كما شارك عضو هيئة العلماء والدعوة بالقدس القاضي د. ماهر خضير، ببحثٍ بعنوان “الاختيار بين الزوجين وتأثيره على استقرار الأسرة المسلمة”، أوضح فيه أن الزواج رابطةٌ متينة يُراد به إنشاء أسرة قوية ووضع الإسلام له العديد من القواعد والتشريعات، مشيرًا إلى أن المتتبّع لأحكام الشريعة الإسلامية في مجال الزواج يجد أنها قائمة على الترغيب لا على الإجبار والإكراه، كما أن الإسلام أعطى حق الاختيار للذكر والأنثى، وعدّ سوء الاختيار مقدمةً لتصدّع بيت الزوجية وانقطاع أواصر المحبة بين الزوجين، إضافةً إلى أن الإسلام جعل أساس الاختيار، الدين والصلاح وحُسن الخُلق، وبه تكون مقومات الحياة الزوجية.

وبدوره، قدّم عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية د. حمد بن عبدالمحسن التويجري، بحثًا بعنوان “الضوابط الشرعية لاختيار الزوج والزوجة في الإسلام” واستعرض فيه هذه الضوابط التي تتمثّل في حُسن الدين والخلق، والمقدرة المالية والجسدية، واختيار الزوجة الودود الولود، وأن تكون المرأة والرجل من بيئة صالحة.

واختتم إمام وخطيب مسجد صلاح الدين في ساوبولو الشيخ محمد بن عبدالله بركات، الجلسة الثانية من جلسات المؤتمر الدولي الـ30 لمسلمي أمريكا اللاتينية ودول البحر الكاريبي، بورقة بعنوان القواعد الذهبية لاستمرار الحياة الزوجية، أشار إلى أن القواعد الذهبية لاستمرار الحياة الزوجية، تشمل حُسن الاختيار للزوج والزوجة، وتذكّر النية الصالحة من إقامة الحياة الزوجية، ودوام الشكر بين الطرفين، والاستماع الفعّال عند الحوار بين الزوجين، واستخدام الهدية الجميلة المُعبّرة والابتسامة والنداء بأحبّ الأسماء، والاعتذار وقبوله عند الخطأ، والمشاركة والتعاون في الحياة الزوجية إضافةً إلى الإعلان بالحُب والإشعار بالأهمية.

وبحثت الجلسة الأخيرة من جلسات المؤتمر دور المؤسسات الإسلامية والمدارس والإعلام في المحافظة على الهوية الإسلامية.

وأكد نائب رئيس التجمع الإسلامي الفنزويلي مدير المركز العالمي للتواصل الحضاري بفنزويلا د. أحمد عبده، ضرورة إنشاء المساجد والمصليات للأقليات المسلمة في كل مكان؛ نظراً لأهمية دور المسجد في المجتمع الإسلامي، ولكونه حجر الأساس لهذا المجتمع ومحور حركته، إضافة إلى ضرورة إنشاء المدارس الإسلامية والجامعات والمعاهد، وإسهامها في إحياء التراث والتاريخ الإسلامي وربطه بالحاضر، عن طريق عقد المحاضرات والمؤتمرات والدروس العلمية بِصُورَةِ منتظم؛ مشيراً إلى أهمية أن تعمل الجمعيات والمؤسسات الإسلامية على تقوية العقيدة والإيمان والتوحيد والوعي لدى الأسر المسلمة.

ودعا المؤسساتِ الإسلاميةَ إلى الاهتمام بالشباب المسلم؛ نظراً لكونه الأكثر استهدافاً من أعداء الدين ومن أكثرهم عُرضة للضياع، ومحاولة إنشاء قناة إذاعية وتلفزيونية إسلامية دعوية لتوعية المجتمع الإسلامي ونشر الثقافة الإسلامية؛ ليكون المجتمع محصناً من الضياع والذوبان في المجتمعات الغربية.

وبدوره، رَسَّخَ مسؤول المركز الثقافي الإسلامي بكوستاريكا عمر بن عبدالعزيز، أهمية أن تتبع المراكز عدداً من الوسائل للإسهام في المحافظة على الهوية الإسلامية، ومنها التمسك بالقرآن الكريم؛ وذلك بتعليمه وتحفيظه والحرص على تفسيره للمسلمين، وضرورة العمل على إعداد مشروع إستراتيجي وفق خطط مدروسة من المراكز والجمعيات الإسلامية الْمُتَنَوِّعَةُ؛ للتعاون الجاد فيما بينها للمحافظة على الهوية الإسلامية، والعناية بتوجيه الشباب المبتعثين للعمل أو للدراسة في الخارج، وإقناعهم بالأساليب المناسبة بأهمية المحافظة على هويتهم والعمل على تهيئة محاضن تربوية إسلامية مناسبة لأسرهم وأطفالهم؛ حتى لا تحدث فجوة بينهم وبين مجتمعاتهم عند عودتهم، ومحاورة الشباب الذي تأثروا بالثقافات الأخرى وانسلخوا من هويتهم الإسلامية.

ونوّه المدير الديني في المدرسة الإسلامية البرازيلية محمد بن أحمد إمامة، بفكرة إقامة المدارس الإسلامية؛ مشيراً إلى أن هذا المشروع يتطلب أن تقام الشعائر الدينية في المدرسة، وألا يستثنى غير المسلمين من الطلبة من أي قوانين داخلية، وأن تحرص المدرسة الإسلامية على إيجاد مناهج خاصة بها على الصعيدين الديني والعربي والمواد العلمية، وأن يكون المعلمون بالمدرسة مسلمين أكفاء قادرين على القيام بمهامهم التربوية على أمثل وجه، إضافة إلى ضرورة أن يكون في المدرسة مسجد تقام فيه الصلوات بما فيها الجمعة.

 

Exit mobile version