كيف تحمي طفلك من مخاطر الدراما؟

رغم ما قد يحققه التلفاز من آثار إيجابية للطفل فإن له الكثير من المخاطر والآثار السلبية الأخرى

الإفراط في مشاهدة الطفل للتلفاز يؤدي إلى إصابته بقصر زمن الانتباه

بعض البرامج قد تحتوي على أمور مخالفة للإسلام ما يؤثر سلبياً على معتقدات الطفل

 

«طفل سعودي يلقي بنفسه من النافذة على طريقة ممثل أحد الأفلام ليفارق الحياة مباشرة، «سبايدرمان» يدفع 44 طفلاً مصرياً إلى الانتحار، مجموعة من طلاب الصف الثالث المتوسط يُقدمون على قتل زميلهم تأسياً بأحد المسلسلات، مطلقين على أنفسهم أبطال المسلسل».. هذه بعض الأخبار التي تبرز مدى التأثير العميق للدراما وما تعرضه عبر شاشات التلفاز على الأطفال، ذلك الجهاز الذي أصبح عنصراً أساسياً في كل بيت بل في كل غرفة، الذي يقول الواقع: إن أطفالنا يقضون ساعات طوال أمامه، يشاهدون ما يناسبهم وما لا يناسبهم، ما صُنع من أجلهم وما صُنع من أجل غيرهم.

يزيد الطين بلة ما نراه من تخمة لا مثيل لها من البرامج والمسلسلات والأفلام التي تعرض على القنوات التي أصبح لا حصر لها؛ لأنها تشجع الأطفال على زيادة ساعات المشاهدة، وفي ذلك حرمان لهم من ممارسة الأنشطة اللازمة لنموهم العقلي والوجداني والاجتماعي والحركي.

أضف إلى ذلك ما تغرسه بعض المشاهدات من قيم سلبية لدى الأطفال؛ لذا وجب على الآباء أن يعملوا على ضبط مشاهدتهم للتلفاز، وأن يرشّدوا ذلك، وأن يدفعوا به في الاتجاه الإيجابي البناء، وهذا ما نحاول أن نطرحه في السطور التالية.

رغم ما قد تحققه مشاهدة التلفاز من آثار إيجابية للطفل مثل: زيادة وعيه بالعالم المحيط به، وتعلم نسيج الحياة الاجتماعية والعلاقات بين الناس من خلال مسلسلات الكبار، وتطور وزيادة حصيلته اللغوية والمفردات والمعاني، وتوضيح بعض القيم التي لا يقبلها المجتمع مثل الكذب والسرقة.. إلخ، وغير ذلك من الفوائد فإن له الكثير من المخاطر والآثار السلبية التي ينبغي الالتفات إليها والعمل على الحد من تأثيرها، منها:

1- تقليد الطفل لشخصيات برامجه المفضلة وما قد ينتج عن ذلك من مخاطر، كأن يقلد حركات أبطال المصارعة أو القفز من أماكن عالية أو إصابة غيره بالأذى.

2- استخدام العنف والقوة كوسيلة رئيسة لحل المشكلات التي تواجهه، نتيجة لما يشاهده من أفلام ومسلسلات يعتمد سياقها على العنف.

3- توقف عقل الطفل عن التفكير والإبداع وتعطيل خياله، حيث يكون مجرد متلقّ سلبي للمعلومة دون أن يكون له أي دور إيجابي أو تغذية راجعة.

4- يؤدي الإفراط في المشاهدة إلى إصابته بقصر زمن الانتباه، ويقلل قدرته على التعليم الذاتي، ويؤثر ذلك بشكل سلبي على مستوى تحصيله الدراسي.

5- حرمانه من اللعب، بما يمثله من أدوار مهمة في تنمية وتطوير قدراته المختلفة، وذلك نتيجة ضياع وقته كله أمام شاشة التلفاز.

6- زيادة معدل الخوف لدى الطفل الذي يتابع مشاهد بها دماء، جرحى، قتلى، أسلحة، حيوانات مفترسة، أشباح.. إلخ.

7- العزلة عن الآخرين باعتبار التلفاز بديلاً عن الوسط الاجتماعي المحيط به، وهذا يؤدي إلى ضيق صدر الطفل من أصدقائه ورفضه المشاركة في اللعب معهم، وتفضيل الانطواء والعزلة.

8- اكتساب قيم سلبية؛ مثل: البحث السريع عن الغنى، الإسراف، المراوغة والخداع والكذب، الغش، الأنانية.. إلخ.

9- زيادة النمط الاستهلاكي للطفل؛ نتيجة مشاهدته للبرامج والإعلانات التي تروج لبضائع تحمل صور أبطاله المفضلين.

10- تأثير سلبي على صحته؛ نتيجة الموجات الكهرومغناطيسية التي تنبعث من الشاشة.

11- مشاهدته للتلفاز قبل النوم مباشرة تزعج نومه، إذ يميل لمقاومة النوم ابتداء، ويصعب عليه النعاس، ويستيقظ أثناء النوم بمعدلات أعلى من العادي.

12- زيادة فرص إصابته بالسمنة؛ نتيجة إقباله أثناء المشاهدة على تناول أنواع الطعام والشراب المصنعة غير الصحية.

13- تأثير سلبي على الأفكار والمعتقدات الدينية؛ لأن بعض البرامج التي تقدم قد تحتوي على أفكار ومعتقدات مخالفة للإسلام.

ولترشيد مشاهدة الطفل للتلفاز والدفع بها في الاتجاه الإيجابي البناء، نقترح الأفكار التالية:

1- كن قدوة حسنة لطفلك في التعامل مع التلفاز، فليس مقبولاً أن تجلس أنت بالساعات الطوال أمامه، ثم تطلب منه ألا يجلس أمامه إلا بضع دقائق، وكذلك ليس مقبولاً أن تشاهد برامج يتنافى محتواها مع القيم والأخلاق، ثم تطلب منه ألا يشاهد مثل هذه البرامج؛ لأن القدوة من أهم وأعمق وسائل التأثير في الطفل وفي اكتسابه للقيم والعادات.

2- نظّم بالاتفاق مع طفلك أوقات مشاهدته للتلفاز، بحيث تكون لفترات قصيرة، وعلى فترات متقطعة؛ لأن المشاهدة المستمرة تؤثر على صحته وقدراته بشكل سلبي.

3- لا تضع التلفاز في حجرته ولا تجعله في مكان مريح؛ فذلك يساعده على البقاء أمامه لأوقات طويلة، لكن ضعه في مكان منعزل وغير مريح، فهذا يساعد على تقليص الأوقات التي يجلسها أمامه.

4- احرص على أن توفر له الفرص المناسبة لممارسة الأنشطة والهوايات المتنوعة التي يميل إليها، والتي تشغل وقته وتقلص فترات مشاهدته للتلفاز بشكل تلقائي، ومنها:

أ- تيسير مشاركته لأقرانه في لعب بعض الألعاب الجماعية التي تشبع ميوله.

ب- توفير بعض الألعاب المحببة والجاذبة للطفل، خاصة لو كان صغيراً يقضي أوقاتاً كثيرة داخل البيت.

جـ- دفعه لممارسة الألعاب الرياضية التي تناسب قدراته وميوله.

د- إشراكه في الأنشطة الاجتماعية المختلفة كعيادة المريض وزيارة الأقارب ومساعدة المحتاجين.

هـ- حثه على المشاركة في الأنشطة الدينية كحفظ القرآن الكريم وحضور حلقات التعليم المناسبة له في المساجد والمراكز والجمعيات الإسلامية.

و- الحرص على إشراكه في القيام ببعض المهام المنزلية، كتنظيم غرفته وشراء بعض احتياجات المنزل والمساهمة في ترتيب سفرة الطعام.. إلخ.

5- ابتعد عن سياسة «التفاحة المحرمة»، ولا تمنع طفلك من مشاهدة التلفاز بشكل إجباري؛ لأن هذا يخلق لديه نوعاً من العناد والإصرار على المشاهدة، وقد يلجأ للتحايل كأن يشاهده عند الجيران أو الأقارب.

6- لا تدفع طفلك لمشاهدة برامج ربما تكون أنت غير راضٍ عنها؛ لأنك مشغول ببعض الأعمال وتريد إبعاده عنك لإنجازها، ولكن فكّر في بدائل أخرى كأن يلعب بلعبة من ألعابه أو يجلس ليرسم أو يلون أو يمارس بعض الألعاب المحببة إليه على الكمبيوتر.

7- لا تستخدم مشاهدة التلفاز كوسيلة لإثابة طفلك عندما يحسن التصرف، أو الحرمان منه كوسيلة لعقابه؛ لأنك بذلك تجعل من التلفاز شكلاً من أشكال الإثابة، وهذا بدوره يوثق العلاقة بين الطفل وبين التلفاز.

8- جنّبه مشاهدة البرامج التي يغلب على محتواها قيم وأخلاقيات تتنافى مع القيم والأخلاق العربية والإسلامية، وخاصة برامج الرسوم المتحركة التي تؤثر في الأطفال بشكل عميق، واجعل ذلك من خلال الحوار معه وليس بإجباره، وكذلك من خلال إتاحة الفرصة له لمشاهدة البرامج التي تخلو من هذه القيم السلبية.

9- وضح لطفلك دائماً أن ما يراه في برامج الرسوم المتحركة من قفز من مكان عال أو طيران أو غير ذلك مما يحدث من خوارق في هذه البرامج ليس حقيقياً، واشرح بشكل مبسط كيف يتم عمل هذه الرسوم المتحركة.

10- احرص على تدريب طفلك على التفكير الناقد لما يشاهده من برامج، وذلك من خلال مشاركته في مشاهدة بعض البرامج التي يحبها، ثم افتح معه حواراً حول ما فيها من سلبيات وإيجابيات.

11- استثمر مشاهدة طفلك لبعض البرامج التي يحبها في غرس وتعميق بعض القيم الإيجابية لديه، وذلك بمشاركته في مشاهدة أحد هذه البرامج والتقاط قيمة إيجابية وردت فيه، ثم اعمل على تعميق هذه القيمة في نفسه بالحديث معه عنها وعن فوائد القيام بها.

12- شاركه في مشاهدة بعض البرامج التي يحبها، واجعل ذلك فرصة للتقارب بينك وبينه؛ لأن الطفل يحب دائماً أن يشاركه الوالدان في اهتماماته وما يفضله بشكل عام من هوايات أو مشاهدات.

Exit mobile version