الملا: نهدف إلى تثقيف المسلمين بأوروبا وتعريف الإسلام لغير المسلمين

من خلال دعم المراكز الإسلامية ودعم الأنشطة التي تقوم بها سيكون لنا دور كبير في أوروبا

التعليم هو حجر الزاوية في العملية التنموية لدوره الكبير في تحقيق حاجات النهضة الحضارية

مركز الدرة منارة كويتية في سماء البوسنة لتدريب الفتيات البوسنيات  في مجالات عدة

مركز المهتديات الجدد في بريطانيا يساهم في إيواء المسلمات الجدد وحل مشكلاتهن

 

أكَّد رئيس قطاع أوروبا في الرحمة العالمية التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي خالد الملا أنَّ العمل الخيري والإنساني في أوروبا يختلف اختلافاً كبيراً عن العمل الخيري والإنساني في باقي الدول، مشيراً إلى أنَّ الرحمة العالمية بدأت عملها في أوروبا منذ عام 1992م إبان حرب البوسنة والهرسك، وكان للكويت السبق في إغاثة شعب البوسنة.

أشار الملا، في حوار له مع «المجتمع»، إلى أن الرحمة العالمية من خلال عملها في أوروبا تعمل على التعريف بالإسلام، وتوضح كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، من خلال إنشاء بعض المراكز الدعوية إدراكاً منها بالدور الدعوي الكبير لهذه المراكز؛ سواء في الجانب التعليمي، أو التعريف بالإسلام، أو تثبيت المسلمين، كما تسعى أيضاً إلى إعفاف بعض الأسر من خلال مشروع «إحياء قرية» وغيرها من المشروعات التنموية.

* بداية؛ حدّثنا عن العمل الخيري والإنساني في أوروبا؟

– العمل الخيري والإنساني في أوروبا يختلف اختلافاً كبيراً عن العمل الخيري والإنساني في باقي الدول، ويتوقف هذا الأمر على طبيعة الدولة التي نقيم فيها المشروع، أو أوضاع المسلمين المتواجدين في تلك الدول، فهناك بعض الدول تحتاج إلى المشروعات الدعوية، وهناك بعض الدول تحتاج إلى المراكز الإسلامية، وهناك بعض الدول في حاجة إلى تنمية مجتمعاتهم من خلال المشروعات التنموية، ويتم دراسة الدول التي نعمل فيها دراسة متأنية قبل الانطلاق في أي عمل.

ومشروعاتنا الدعوية تركز على تثقيف المسلمين المتواجدين في أوروبا، والتعريف بالإسلام لغير المسلمين من خلال المراكز الإسلامية والتي لها أهمية كبرى في طرح هذين المفهومين، وتعتمد الكثير من الأنشطة على المراكز التي تساهم في هذا الأمر، سواء أكان الجانب التعليمي أو الدعوي، أو التركيز على الأخلاق والدورات التدريبية، كل هذا يعتمد على طبيعة العمل الخيري في أوروبا.

* متى بدأت الرحمة العالمية العمل في أوروبا؟

– العمل في القطاع الأوروبي في الرحمة العالمية بدأ عام 1992م إبان حرب البوسنة والهرسك، وكان للكويت السبق في إغاثة شعب البوسنة، وكان لها الأثر الكبير في تقديم الإغاثات بأنواعها المختلفة للمتضررين من تلك الأحداث، وكانت هذه انطلاقة القطاع الأوروبي، ثم انطلقنا بمشروعات إغاثية وتنموية وتعليمية في دول شرق أوروبا، أو ما تسمى دول البلقان، بما في ذلك كوسوفا وألبانيا والجبل الأسود ومقدونيا وصربيا، وكانت لنا بصمات كبيرة ومشاريع متنوعة في هذه البلدان بفضل الله تعالى.

* وما دور المراكز الإسلامية؟

– للمراكز الإسلامية دور دعوي كبير، سواء في الجانب التعليمي، أو التعريف بالإسلام، أو تثبيت المسلمين، ومن خلال دعم هذه المراكز ودعم الأنشطة التي تقوم بها سيكون لها دور كبير في أوروبا، فالمركز الإسلامي يقوم بإيصال الإسلام الوسطي من خلال الدورات التدريبية والمحاضرات والاحتكاك بالناس والمعارض الدولية التي تقام، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، فيتم الحوار مع شريحة كبيرة لإيصال الإسلام الوسطي، وتثبيت المسلمين المتواجدين هناك.

وأستحضر قصة طالبة يتيمة مكفولة من الرحمة درست بمركزنا، حيث ذهبت لأحد البلاد الأجنبية للمشاركة في المسابقات بسبب تفوقها، وكان النظام الأوروبي لإدارة الرحلة يسمح بتناول لحوم الخنزير وتوزيعه عليهم والنوم المختلط، فما كان منها بسبب ما تعلمته بالمركز من تعاليم الإسلام أن رفضت ذلك، واعتذرت، فاضطرت إدارة الرحلة لتغيير النظام كله بسببها، وهذا بحمد الله أثر من آثار المراكز، ناهيك عما نشاهده من دخول غير المسلمين للإسلام، ودور المركز في تعريف الناس بالإسلام.

* ما إستراتيجية الرحمة العالمية للعمل الخيري والإنساني في أوروبا؟

– الرحمة العالمية من خلال عملها في أوروبا تعمل على التعريف بالإسلام، وتوضح كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، كما تسعى أيضاً إلى إعفاف بعض الأسر من خلال مشروع إحياء قرية وغيرها من المشروعات التنموية.

* قضية التعليم تشكل أولوية للمجتمعات المختلفة.. ما موقعها من العمل الخيري والإنساني في أوروبا؟

– التعليم هو حجر الزاوية في العملية التنموية، لما له من دور عظيم في تحقيق حاجات النهضة الحضارية ومتطلباتها لكل أمة، فهو المَعين الذي يَمُدّ المجتمعات بالخبرات المتخصصة في كل المجالات، والتي تتولى عملية البناء والتطوير، وقد أخذت على عاتقها تطوير الجانب التعليمي، فأنشأت الرحمة وأشرفت على العديد من الجامعات والمدارس الابتدائية والإعدادية، وساهمت في بعض الكفالات لاستكمال التعليم العالي أو الدبلوم، كما أطلقت  بعض المشروعات التي تساهم في كفالة طلبة العلم، مثل مشروع «منح الخالدين»، كما أنشأت العديد من المدارس، التي تبدأ من الحضانة إلى سن المتوسطة، التي تقوم بتدريس منهج متكامل، فما يقارب 70% من المنهج الموجود بتلك المدارس هو منهج إسلامي.

* ما أبرز المراكز الإسلامية والثقافية التي أنشأتها الرحمة العالمية في أوروبا؟ وما دورها؟

– من أبرز المراكز التي أنشأناها في أوروبا مركز الدرة، الذي يعد منارة كويتية في سماء البوسنة، ويقوم على تدريب وتأهيل الفتيات البوسنيات في مجالات عدة، وتعليمهنَّ دينهنَّ بالشكل السليم، ليكنَّ مربيات وداعيات يحملن على عاتقهن إصلاح المجتمع، والتأهيل النفسي، والتنمية البشرية، وتربية الأبناء لبناء أسرة مسلمة تكون نواة المجتمع، ويخرجن أجيالاً على أساس إسلامي سليم، فهو مشروع حضاري فريد من نوعه، يقدم العديد من الخدمات للفتيات البوسنيات؛ منها: الدورات التدريبية في النواحي الشرعية والاجتماعية والإدارية والتنمية البشرية، كما يضمُّ المركز بين جنباته مكتباً للاستشارات الأسرية وإصلاح ذات البين؛ الأمر الذي يخدم المجتمع عن طريق المساهمة في دعم التماسك الأسري، إضافة إلى إنشاء سكن للطالبات الجامعيات.

ومن المراكز التي أنشأناها أيضاً مركز المهتديات الجدد في بريطانيا، الذي يساهم في إيواء المسلمات الجدد، كما يساهم في حلّ بعض المشكلات التي تعانيها النساء اللواتي يدخلن في الإسلام حديثاً ويواجهن صعوبات، فهو بمثابة حاضنة لهن، وموجه لهن بما يحمله من رسالة إنسانية، كما أنه يساهم في تغيير الصورة النمطية السلبية الموجودة عن المسلمين، ويوضح قيمة التعاون بين الشعوب والمجتمعات في حلّ المشكلات التي يتعرض لها المجتمع، ويُعدُّ المركز منارة متميزة للتواصل الحضاري بين سكان مدينة «شيفليد»؛ حيث يخدم سكان المدينة، ويشع على المدن المجاورة، ويقدم نموذجاً راقياً للمركز الإسلامي الناجح، ويساهم في تعزيز التعايش السلمي بين المسلمين والأديان الأخرى في المملكة المتحدة.

وتحدثني إحدى العاملات في المركز عن بداية إسلامها، حيث لم تجد من يؤويها؛ فكانت تخفي إسلامها عن أهلها لكي لا تُطرد، حتى إنها كانت تصلي في الخزانة من شدة خوفها، وبعد أن عرفوا بإسلامها طردوها من المنزل، فسكنت بالمأوى الذي توفره الدولة مع المشردين وأصحاب السوابق ومتعاطي المخدرات، فكانت تجربة مريرة لها ولأبنائها.

فكانت هذه الحوادث من أسباب انطلاقنا بهذا المشروع لما له من أهمية وخاصة للنساء، فما تمر فترة من الزمن إلا وتجد من يدخل إلى الإسلام، وتجد حلقات تحفيظ القرآن أو دروس تعليم مفاهيم الإسلام الوسطية منتشرة، وقد تجلى ذلك في جميع المراكز التي أنشأتها الرحمة العالمية، كما أن هذه المراكز تساهم في مواجهة التحديات التي تواجه المسلمين في أوروبا، فنحن نركز في مراكزنا على صقل الشخصية المسلمة بالمفاهيم الوسطية التي تساعده على التمسك بالإسلام والمحافظة على عباداته.

* نريد أن نتعرف على مشروع «إحياء قرية» الذي أطلقته الرحمة العالمية؟

– جاءت فكرة مشروع «إحياء قرية» حينما هاجر المسلمون من بعض القرى بسبب عدم وجود دخل لهم، فبدأنا نفكر كيف يمكن أن نساهم في إعفاف هذه الأسر المهاجرة؟ فكانت فكرة المشروع، وهو عبارة عن مشروعات للكسب الحلال أو المشروعات الصغيرة، وقد ساهمت الرحمة العالمية بذلك في التنمية المجتمعية من خلال مساعدة الأسر المحتاجة، وتوفير الوسائل والسبل الممكنة لمنح الأسر المستحقة فرصة للعيش والتكسب من خلال مشروعات الكسب الحلال، والتي تنوعت ما بين ماكينة خياطة، وتوزيع منيحة ماعز، وجرارات، وغيرها من المشروعات التنموية.

* حدثنا عن إنجازات القطاع الأوروبي؟

– بحمد الله من أهم إنجازات الرحمة العالمية في أوروبا أن العمل كان مقتصراً فيها على دول البلقان، ولكن زادت الدول، وتوسعنا في غرب أوروبا، فكان لنا مساهمات متعددة، حيث قمنا بإنشاء 7 مراكز لتحفيظ القرآن، وتسيير 66 قافلة دعوية، وإنشاء 24 مركزاً ثقافياً وإسلامياً، و185 مسجداً، و230 بيتاً للفقراء، و158 بئراً سطحية وارتوازية، و507 مشروعات كسب حلال، و22 مستشفى وعيادة ومستوصفاً ومركزاً صحياً، و8 مراكز تنموية.

وفي عام 2016م بدأنا تأسيس عمل في البرازيل وننطلق إلى كندا، وخطتنا في العام القادم أن نشمل أستراليا بمشروعاتنا التنموية والدعوية.

* ماذا عن مشروع «منح الخالدين»؟

– «منح الخالدين» مشروع يهدف إلى إنشاء مشروع عام في القطاع الأوروبي لنشر العلوم الإسلامية والأكاديمية لتقديم المنح الطلابية وبناء وتجهيز المراكز والمدارس الإسلامية في البلقان التي تشمل رواتب المعلمين وكفالة الطلاب والمصاريف التشغيلية لتلك المشروعات بقيمة 30 ديناراً للسهم؛ فهو مشروع تمهيد لسالكي طريق العلم، وهو عبارة عن كرسي تعليمي باسم المتبرع، يمنحه لكل محتاج؛ فيمنحه أجر الخلود، فهو أجر دائم لا ينقطع، وبذرة خير تدوم ثمرتها إلى يوم القيامة، وهو نبع خير لا ينضب، ونهر أجور لا يتوقف، وعطاء دائم لا ينقطع، تشق من خلاله طريقاً لكل سالك، وتيسر له الطريق لغد أفضل، وتنقله إلى نور الهداية ومنارة خير ترفعها لكل طالب علم وصدقة جارية يدوم أجرها إلى يوم القيامة، وتوفر من خلاله كرسياً لتعليم المسلمين في أوروبا، وهذا هو المعنى الحقيقي للصدقة الجارية، وقد كان لنا تجارب في ذلك، فمن أرسل لتلقي العلم وأكمل تعليمه تجده الآن في أوروبا، إما يمارس الدعوة من خلال المراكز، أو أصبح سفيراً لبلاده، أو معلماً لأجيال دولته.

* هل تجوز الزكاة في هذا المشروع؟

– مشروع «منح الخالدين» تجوز الزكاة فيه بناءً على الفتوى الصادرة من الشيخ د. خالد عبدالله المذكور الذي قال فيها: إنه يجوز دفع الزكاة لتقديم المنح للطلاب الفقراء وكفالاتهم بالنسبة لهذا المشروع، وكذلك رواتب المعلمين المحتاجين، أما المصاريف التشغيلية وتجهيز وتشغيل المراكز والمدارس فيجوز الإنفاق عليها، بالإضافة إلى استثمار أموال المشروع، ويجوز فيه دفع الصدقات والأوقاف والوصايا، وأحثُّ إخواني وأخواتي المحسنين والمحسنات إلى التبرع لهذا المشروع حتى يؤدي إلى نشر الثقافة الإسلامية في بلاد البلقان.

* هل لك أن تلقي الضوء على أهداف المشروع؟

– المشروع يهدف إلى التخفيف من معاناة الأسر الفقيرة، والحيلولة دون حرمان أبنائها من الدراسة، وإعانة الطالب على أعباء الدراسة والحياة المعيشية، والتغلب على الصعوبات المادية، والاهتمام بالطلاب المتفوقين والمحتاجين، وإيجاد الراحة والاستقرار النفسي والمادي للطالب؛ مما يساعده على مواصلة الدراسة، والأخذ بأيدي الشباب وتشجيعهم على التفوق كونهم القوة المحركة للمجتمع.

Exit mobile version