رئيس هيئة العلماء والدعاة بألمانيا: رمضان في أوروبا يفرض علينا تعاملاً خاصاً

شهر رمضان المبارك في أوروبا له خصوصية عن البلاد الإسلامية، من حيث تنوع مكونات الوجود الإسلامي، واختلاف البيئة والمجتمع؛ الأمر الذي يفرض علينا تعاملاً خاصاً مع هذا الحدث السنوي الكبير، واعتباره فرصة ثمينة يجب اغتنامها على جميع المستويات.

هناك الكثير من القضايا التي تشغلنا مع قدوم الشهر الكريم؛ أهمها:

أولاً: السعي إلى توحيد المسلمين في صومهم وأعيادهم الدينية:

ولا شك أن هناك صعوبات وتحديات أمام هذا المقصد السامي، غير أننا – بفضل الله – نحرز تقدماً نحو الوحدة المنشودة التي تقدم الإسلام في صورته الحضارية، من خلال الجهود الكبيرة التي تقوم بها المؤسسات الإسلامية على الساحة الأوروبية كالمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث وغيره، وعلى الساحة الألمانية المجلس التنسيقي للمسلمين الذي يضم مؤسسات إسلامية كبيرة، وينضوي تحته قرابة الـ2000 مسجد، وكذلك هيئة العلماء والدعاة بألمانيا، ولجنة الفتوى، ومساجد كبرى في مختلف المدن الألمانية.

تتمثل تلك الجهود في تنظيم ندوات فقهية ولقاءات وحوارات؛ هدفها تثقيف الجماهير، وتشكيل الوعي في اتجاه ما يعزز الوجود الإسلامي بما يجعله نافذة للتعريف بالإسلام.

ثانياً: التماسك الاجتماعي بين المسلمين:

الفرصة الذهبية للتلاحم والترابط بين المسلمين حول العالم هي تجليات وفيوضات الشهر الكريم من الواهب الكريم جل ذكره، فدواعي الخير وافرة، وأسباب السعد للمسلم في رمضان مفتوحة، يا باغي الخير أقبل، فلا مكان لشح ولا بغضاء، ولا تقاطع ولا تدابر، عندما تلتقي العائلة على مائدة الإفطار والصلاة وذكر الله؛ فإن عرى المحبة والإخاء بينهم في خير حال.

لا أبالغ إن قلت: إن أجواء شهر رمضان في أوروبا تتفوق على كثير من غيرها من البلدان، حيث إن العبادة تجاوزت معنى العادة، فهنا بألمانيا قرابة 3 آلاف مسجد تزدحم بالركع السجود والقانتين بالليل ركعاً وسجداً يحذرون الآخرة ويرجون رحمة ربهم.

كما أدعوك أيها القارئ الكريم لتخيل حالة التسابق بين المسلمين في إقامة الإفطار اليومي بالمساجد، الذي يجتمع فيه كثير من المسلمين من مختلف المستويات العلمية والاجتماعية، في مشهد من الأخوة والمحبة يغمر قلب كل مسلم بالفرح والسرور.

ثالثاً: التواصل مع المجتمع الألماني:

شهر رمضان محطة مهمة في حياتنا، ووسيلة كبيرة في كسب قلوب الناس، وأمام التحديات التي يعيشها المسلمون في أوروبا والتي تتمثل في:

1- تصاعد حالة الكراهية ضد المسلمين في دول كثيرة من أوروبا؛ الأمر الذي ينذر بتهديد السلم الاجتماعي.

2- عدم معرفة كثير من الأوروبيين بحقيقة الإسلام، وما يمثله شهر رمضان للمسلمين.

3- عزلة شريحة من المسلمين عن المجتمع، وغياب عدد من المؤسسات الإسلامية عن الحضور المجتمعي.

هذه التحديات تفرض علينا حسن الاستفادة من شهر رمضان بالتواصل مع المجتمع الألماني بجميع مكوناته.

وأود التأكيد أن جهوداً كبيرة تقوم بها المساجد والمؤسسات الإسلامية في هذا الشأن متمثلة في:

1- دعوة مؤسسات المجتمع الألماني لتناول الإفطار؛ بهدف التقارب والتواصل والحوار الذي يعمّق أواصر التعارف والتعاون المشترك على ما فيه الخير للجميع.

2- تقوم بعض المراكز الإسلامية بالخيمة الرمضانية في وسط العديد من المدن الألمانية، وهي فرصة للتواصل مع المجتمع والتعريف بشهر رمضان المبارك.

أدعو المسلمين حول العالم عامة وفي أوروبا خاصة أن يجعلوا من شهر رمضان منطلقاً جديداً في علاقتهم بالله طاعة وتعبداً واستسلاماً لأمره، وزاداً على طريق الحق وصناعة الخير، وفي علاقتهم بأسرهم تراحماً ومحبة، وفي علاقتهم بمن حولهم من المسلمين وغير المسلمين مرحمة وتواصلاً وترسيخاً للمحبة والسلام.

نستقبل شهر رمضان ونحن نتطلع إلى رحمة الله وعفوه ومغفرته، وندعوه أن يجعله شهر خير ورحمة وبركة على الإنسانية.

 

(*) رئيس هيئة العلماء والدعاة بألمانيا.

Exit mobile version