مدير مستشفى مأرب باليمن: نعيش مرحلة «اللادولة».. والوضع الصحي كارثي

– الحالة الإنسانية مأساوية فالأستاذ الجامعي لا يجد قوت يومه ويلجأ للجمعيات الخيرية!

– التكدس الهائل في السكن ولّد أمراضاً بيئية وإشكالات صحية تتفاقم يوماً بعد يوم

– مساحة الفقر اتسعت رقعتها وشملت شرائح كثيرة

يمر اليمن بظروف عصيبة؛ بسبب الحرب الدائرة والخروج على الشرعية الذي تقوده جماعة الحوثي الموالية لإيران التي أفقدت اليمن أمنه وطمأنينته؛ فقتلت الأبرياء وشردت الآلاف وبثت الرعب في كل مكان؛ مما تسبب في انهيار البنية التحتية، وتفاقم الأزمات المتتابعة على كافة الأصعدة الحياتية الصحية والتعليمية والاقتصادية والأمنية.

وفي هذا الحوار الذي أجرته «المجتمع» مع د. محمد القباطي، مدير مستشفى مأرب، نحاول أن نتعرف على الوضع الصحي والإنساني الذي يعاني منه اليمن لدى زيارته للندوة العالمية للشباب الإسلامي في العاصمة السعودية الرياض.

– اليمن يعيش الآن مرحلة «اللادولة»؛ فالبنية التحتية مهدمة ومنعدمة في جميع المرافق والقطاعات (الصحة، التعليم، البيئة، الزراعة، الصناعة)، وكل القطاعات والمصالح معطلة، والحكومة الشرعية تعيش في المنفى، والميدان خالٍ من الكوادر التي نزحت وتشتت وبعدت عن مواطن عملها، والدولة كلها صارت منهارة تماماً، فلا توجد قطاعات تعمل، ولا يوجد بناء مؤسسي، فالبلد فعلاً في ظل هذا الخواء والفراغ يعيش بالبركة!

– الحالة الإنسانية مأساوية، فيكفي أن نعلم أن الأستاذ الجامعي اليوم داخل المحافظات لا يجد قوت يومه، بل يطرق أبواب الجمعيات الخيرية لتمده بسلة غذائية من سكر ودقيق وأرز وزيت وأساسيات المعيشة ليطعم بها أسرته، وهذا أمر طبيعي، فأغلب هذه الشريحة لم تتسلم رواتبها الأساسية منذ سبعة أشهر، ولا توجد مؤسسات خاصة يعمل معها لأن كل شيء معطل، حتى طلاب الجامعة اليوم يبحثون عن عمل في المطاعم والمقاهي وأماكن عديدة، وقد سمعنا أيضاً أن أساتذة الجامعة أنفسهم صاروا يعملون في المطاعم، وذلك مؤشر خطير؛ حينما نرى هذه النخبة التي هي صفوة المجتمع لا تجد قوت يومها، وأغلب المتعلمين انخرطوا في جيش المقاومة واعتبروها قضيتهم الأولى.

– حجم الضغط الذي يقع علينا في مستشفى مأرب كبير وضخم، فلو نظرنا لعدد النازحين نجدهم مليوني نازح، يحتاجون لخدمات طبية متكاملة، ويعانون من ظروف صعبة وبيئة عصيبة، فالأسرة الكبيرة تعيش داخل حجرة واحدة ضيقة، ومن كان يمتلك بيتاً من 3 حجرات صار يقتسمها مع الأسر الأخرى؛ كل أسرة في حجرة، وهذا الازدحام ولّد أمراضاً بيئية وإشكالات صحية تتراكم يوماً بعد يوم، وأصبح الضغط على المستشفيات يزداد، والإمكانات التي تحتاج إليها الرعاية الصحية الأولية غير متوافرة من رعاية الأم والطفل ورعاية الحوامل والتغذية وغيرها صارت حلماً بعيد المنال وغير متحقق بين النازحين في ظل إمكانات محدودة.

وجبهات المقاومة على حدود الجوف وصنعاء وصرواح وشبوة وكثير من المناطق يأتي منها ضغط صحي كبير، وأصبحت هناك ألوية عسكرية منتشرة وكبيرة وكلها تحتاج لخدمات طبية، ونحن ملزمون بتقديمها مع إمكاناتنا المحدودة، لكننا رغم كل هذا الضغط، فإن إخواننا في التحالف ووجود منظمات فاعلة كالندوة العالمية للشباب الإسلامي، ومركز الملك سلمان للإغاثة، ورجال الخير والداعمين في مؤسسات أخرى، سدوا فجوة كبيرة، ونقدر لهم هذه الجهود، ولكننا مع كل ما يقدم نقول: إن الاحتياج كبير وضخم.

– رغم أن هذه الأزمة والمحنة أضرت بالمجتمع اليمني كثيراً، فإنها عرفتنا بالأخ والصديق والقريب، وهي الأوصاف التي تنالها المملكة العربية السعودية عن استحقاق وجدارة؛ حيث أظهرت حجم التلاحم والتآزر في مواقف الشدة والظروف الحرجة التي أظهرت معدن إخواننا وأشقائنا في المملكة، فلهم من كل يمني خالص الشكر والامتنان والتقدير، كما نلفت لأهمية ما صنعه مركز الملك سلمان للإغاثة الذي قدم الكثير والكثير من أجل اليمنيين، وقلل من حجم البلاء والمحنة بمساعداته الإنسانية الكبيرة التي تتدفق بسخاء وعطاء منقطع النظير في الميدان الصحي والغذائي والإيوائي.

– هناك الندوة العالمية للشباب الإسلامي بمواقفها وحجم أعمالها وتدخلها بمشاريعها الخيرية في اليمن تقوم بعمل عظيم، فلها في كل قرية عمل يدل عليها ويشيد بدورها، فلها آثارها في المدرسة والجامع والمستشفى والمستوصف والعمل الخيري الإنساني، وقد دعمتنا في كثير من المحافظات طبياً، فأقامت مركز عظام كبيراً ومتقدماً في مستشفى التعاون، ويقدم خدماته إلى الآن، وبإذن الله يستمر لسنوات قادمة يؤدي دوره الكبير في علاج وإشفاء المصابين، كما دعمت مستشفى الروضة بأدوية ومستلزمات وكوادر طبية، ودعمت اللجنة الطبية العاملة في تعز بسيارات إسعاف وتجهيزات وقوافل ومستلزمات ومخيمات طبية، كما يوجد عدد من المشاريع الصحية في اتجاهها للتنفيذ بإذن الله تعالى.

– مستشفى مأرب كبير وضخم؛ ففيه قرابة 320 موظفاً، و150 سريراً، وبه ملحق طبي يتسع لألف سرير، والمستشفى يقدم خدماته لمليوني نازح لجبهات متعددة في أكثر من خمس محافظات، ويصل إليه الجرحى بطرق متعددة، ولدينا كادر طبي، وحالياً نسوق لمشروع دعم كوادر طبية نوعية متخصصة من داخل وخارج اليمن؛ حتى تتم تغطية العجز والاحتياج للكوادر الطبية اللازمة التي تتناسب مع ضخامة الاحتياج الموجود، وحتى لا نضطر لتسفير الحالات الحرجة حين نجد من يعالجها عبر تنفيذ هذه الفكرة.

Exit mobile version