“جارديان”: “أم القنابل” تعمق فشل أمريكا في الفوز بـ”أب الحروب”

استخدام الرئيس الأمريكي دونالد ترمب العشوائي لـ “أم القنابل” في أفغانستان يعمق الفشل الحالي لواشنطن في الفوز بـ”أب الحروب”، صراع كان قد بدأه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في العام 2001م حينما هاجم نظام “طالبان” في العاصمة الأفغانية كابول، وهو يدخل الآن عامه الـ16.

هكذا علقت صحيفة “جارديان” البريطانية على إعلان الولايات المتحدة الأمريكية إلقاء أكبر قنبلة غير نووية في أفغانستان من نوع “GBU43” مستهدفة مخابئ يُعتقد أنها تابعة لمسلحي “تنظيم الدولة الإسلامية” (فرع خراسان) بمحافظة ننجرهار شرقي البلاد.

وذكرت الصحيفة في ثنايا تقرير على موقعها الإلكتروني أن أفغانستان تمثل الصراع الأطول في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدة أن هذا الصراع بات يمثل أيضاً مصدر تعب ومعاناة شديدين بالنسبة للشعب الأفغاني.

وأشار التقرير إلى ارتفاع أعداد الضحايا بين المدنيين الأفغان، والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها في العام 2016م، مسجلة 11 ألفاً و500 شخص بين قتيل وجريح، حوالي ثلثهم من الأطفال، بحسب أحدث التقديرات الصادرة عن الأمم المتحدة.

وأسفرت “أم القنابل” عن مقتل 36 مسلحاً، دون وقوع أية إصابات بين المدنيين الأفغان، وفقاً لما ذكره مسؤولون أفغان.

وأوضح التقرير أنه من غير المتوقع أن يطالعنا المسؤولون الأمريكيون بتفسير وشيك للقرار المفاجئ الذي اتخذه الجنرال جون نيكولسون، قائد العمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان، باستخدام هذا السلاح ذي القوة التدميرية الهائلة في هذا التوقيت تحديداً، أو حتى ما إذا كانت هناك نية لتكرار هجمات من نفس النوع مستقبلاً.

وفي تعليقاته على الهجوم، لم يبدُ ترمب مكترثاً بتداعيات استخدام “أم القنابل” على المدنيين، أو حتى النظرة المحتملة للمجتمع الدولي تجاه هذا التصعيد الأحادي.

كان ترمب قد تعهد خلال حملته الانتخابية الرئاسية العام الماضي بقصف مخابئ “داعش”.

ووصف الرئيس الأمريكي عملية “أم القنابل” بأنها “نجاح للجيش الأمريكي الذي نفخر به وبالعسكريين الأمريكيين العاملين في أفغانستان”، مضيفاً أنه أعطى موافقته الكاملة على تنفيذ العملية.

وبعد مضي ثلاثة أشهر على دخوله البيت الأبيض، تتضح إستراتيجية الردع الاستباقية التي ينتهجها دونالد ترمب الذي يحرص دوماً على استعرض القوة العسكرية لبلاده، دون اعتبار لأي معايير أخرى، بعكس سلفه باراك أوباما.

فقد قصفت القوات الجوية الأمريكية وبتهور شديد مبنى سكنياً في مدينة الموصل العراقية الشهر الماضي؛ ما أسفر عن مقتل 150 شخصاً، كما شنت قوات التحالف الذي تقوده واشنطن هذا الأسبوع هجمات جوية، قتلت خلالها وبالخطأ 18 من المسلحين السوريين.

والأسبوع الماضي، وجهت الولايات المتحدة ضربة عسكرية استهدفت مطار الشعيرات التابع لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في حمص، وهي العملية التي لم تنتهِ معها معاناة المدنيين في البلد العربي الذي مزقته الحرب، ولكنها بعثت برسالة إلى خصوم واشنطن مفادها أن الأخيرة لا تزال لاعباً رئيساً لا يمكنه تجاهله على مسرح الأحداث في الشرق الأوسط.

وبالمثل، يحاول ترمب تكرار سيناريو مشابه في كوريا الشمالية، حيث حركت الولايات المتحدة المجموعة القتالية البحرية “كارل فينسون” باتجاه شبه الجزيرة الكورية، فيما قالت بيونج يانج: إنها مستعدة لخوض “حرب” إذا ما أرادت واشنطن ذلك.

إن محاولة ترمب ترهيب كوريا الشمالية وإخضاعها تعكس أسلوب حملته الانتخابية التي حل فيها التهديد والوعيد وأحياناً توجيه الشتائم لخصومه، محل الحوار والسياسات المدروسة.

وقد راق هذا الأسلوب لكثير من الناخبين الأمريكيين، لكنه لن يحرك ساكناً على الأرجح مع قادة الدول السلطويين أمثال بشار الأسد، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أو حتى الزعيم الكوري كيم يونج أون، أو المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي.

وكغيرها من الهجمات الصاروخية التي استهدفت سورية، فإن عملية “أم القنابل” لن يكون لها تأثير مهم على الصراع في أفغانستان التي يحقق فيها تنظيم “داعش” الإرهابي مكاسب مهمة على الأرض، ناهيك عن الحضور القوي لـ”طالبان” هناك، فقنبلة واحدة، وإن كانت كبيرة، لن تغير قواعد اللعبة في البلد الآسيوي.

إن ترمب تجاهل المشكلة الأفغانية أثناء حملته الانتخابية، برغم أنه وصف التدخل العسكري للرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش هناك بـ”الخطأ المروع”، وكما هي الحال في سورية وكوريا الشمالية، لا يمتلك الرئيس الأمريكي سياسة معروفة لإنهاء الصراع في أفغانستان.

Exit mobile version