كيف يذاكر أبناؤك دروسهم دون نسيان؟

 ـ بدون الدافع الذاتي لابنك لن يكون متحمساً لتحصيل دروسه جيداً

ـ القدر الكافي من النوم يقي ابنك من ضعف الذاكرة ويساعده على استيعاب الحقائق

يشكو كثير من الآباء والأمهات من ضعف قدرة أبنائهم على تذكر ما يحصّلونه من دروسهم، فبعض الأبناء قد يعتقدون أنهم يذاكرون دروسهم بشكل جيد، لكنهم حين يذهبون إلى مدارسهم ويُسألون عن بعض ما حصّلوه تنتابهم حالة من النسيان ويعجزون عن الإجابة عن هذه الأسئلة، بل قد يصل الأمر مع بعضهم إلى نسيان ما حصّلوه بسرعة هائلة، حتى إنهم قد يعجزون عن إجابة بعض الأسئلة المتعلقة بما ذاكروه بعد الانتهاء مباشرة من المذاكرة.

يؤثر ذلك بصورة سلبية على نتائجهم النهائية، حيث تستمر معهم هذه الحالة من النسيان في الامتحانات النهائية، فيعجزون عن إجابتها بالمستوى الذين يطمحون إليه.

فكيف يتجاوز الآباء والأمهات هذه الحالة من النسيان مع أبنائهم، وكيف يحتفظ الأبناء بما حصّلوه دون نسيان، هذا ما نسعى أن نصل إليه في السطور التالية.

بناء الدافع:

من الضروري أن تعمل على بناء الدافع الذاتي للمذاكرة لدى ابنك؛ لأنه بدون هذا الدافع لن يكون متحمساً لتحصيل دروسه بطريقة جيدة، وهذا بدوره يؤثر على تذكره لها، ومن الأمور التي تساعدك على بناء هذا الدافع:

1- أن توضح له مكانة وفضل العلم والعلماء عند الله تعالى، ومن هذه الفضائل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: “من سلَكَ طريقاً يبتغي فيهِ علماً سهَّل اللَّهُ بِهِ طريقاً إلى الجنَّةِ، وإنَّ الملائِكةَ لتضعُ أجنحتَها رضاءً لطالبِ العلمِ، وإنَّ العالمَ ليستغفرُ لَهُ من في السَّماواتِ ومن في الأرضِ حتَّى الحيتانُ في الماءِ، وفضلُ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ، إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا ديناراً ولا درْهماً إنَّما ورَّثوا العلمَ، فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ” (رواه الترمذي).

2- أن تروي له بعص القصص عن النابغين والعلماء والمخترعين، وتثني عليهم وتعظّم أعمالهم.

3- مساعدته على بناء حلم طموح يسعى لتحقيقه، كأن يكون أستاذاً جامعياً أو عالماً في الذرة أو طبيباً أو مهندساً أو معلماً أو محاسباً أو صحفياً أو غير ذلك من التخصصات المختلفة التي تناسب قدراته ويميل هو إليها، وذلك دون أن تفرض عليه تخصصاً معيناً.

4- أن توضح له الأثر الإيجابي لبذل الجهد في التحصيل وتحقيق التفوق على حياته ومستقبله المهني وتحقيق حلمه.

عوامل مساعدة:

1- تشجيع ابنك على ممارسة الرياضة؛ لأنها تساعد على تنشيط الدورة الدموية، مما يساعده على تحسين وتنشيط ذاكرته.

2- وضع نظام منتظم لنومه، بحيث يمكنه من الحصول على القدر الكافي الذي يقيه من ضعف الذاكرة، ويساعده على استيعاب الحقائق المستفادة خلال النهار.

3- الحرص على تناوله لنظام غذائي متوازن يحتوي على البروتين والمعادن والألياف والكربوهيدرات.

4- العناية بصحته والمسارعة في معالجة أي مرض يظهر عليه.

5- توفير مناخ أسري آمن؛ لأن ذلك يقلل من عوامل التشتت ويمنحه قدرة أفضل على استيعاب وتذكر ما يحصله.

6- تهيئة مكان مناسب للمذاكرة، بحيث يكون جيد التهوية والإضاءة ودرجة حرارته معتدلة، وأن يكون بعيداً عن الضوضاء وعوامل التشتت.

7- يفضل ألا يكون وقت المذاكرة بعد تناوله لوجبة ثقيلة، حتى يستطيع التركيز في المذاكرة؛ وبالتالي يتجنب النسيان.

تنظيم المدخلات:

حين يتم إدخال المعارف إلى الذاكرة بطريقة منظمة، فإن ذلك يساعد على استرجاعها بشكل أفضل، ومن الأمور التي تساعد تنظيم عملية الإدخال:

1- الفهم أولاً:

ينبغي توجيه ابنك إلى ضرورة فهم المواد الدراسية أولاً قبل أن يبدأ عملية الحفظ، وتدريبه على ذلك؛ لأن الفهم يساعده على الحفظ بشكل أسرع، كما أنه يساعده على استرجاع ما ذاكره بشكل أفضل عما لو حفظه دون فهم.

2- التطابق والتجانس:

وتعني هذه الطريقة جمع المعلومات وفق أوجه التطابق والانسجام بينها؛ كأن يعرف مثلاً الشهور المؤلفة من 30 يوماً، فاستخدام طريقة التطابق والتجانس تساعده على استيعاب وتصنيف ما يذاكره، وهذا بدوره يجعل الذاكرة أقدر على الاحتفاظ بما تم تحصيله لمدى زمني أطول.

3- مواد مختلفة:

فمن المهم ألا يذاكر مادتين متشابهتين على التوالي، فإن ذلك قد يُحدث نوعاً من التداخل بين المعلومات، فتدخل إلى الذاكرة بشكل مشوش، ويكون ذلك سبباً لفقدانها بسرعة.

القراءات الخمس:

فاتباع طريقة القراءات الخمس يساعد ابنك على تذكر ما يحصله من دروسه بشكل جيد، فالاستعادة الصحيحة للمادة تحتاج إدخالاً صحيحاً لها، أما وجود أي خلل في مرحلة الإدخال يجعل عملية حفظها ثم عملية استعادتها تتم بصعوبة أو ربما يفقد جزءاً منها ولا يمكن استعادته، ولإدخال المادة بطريقة صحيحة لا بد من قراءتها خمس قراءات على النحو التالي:

1- قراءة الجريدة:

حيث يبدأ بقراءة الدرس قراءة سريعة ليأخذ فكرة عامة عنه.

2- القراءة النشطة:

وفيها يقوم الابن ببعض الإجراءات التي تحول الدروس من كيان أصم لا حياة فيه إلى كائن نشط يتفاعل معه، وهذا يساعده على فهم واستيعاب ما يذاكره بشكل جيد، ومن هذه الإجراءات:

– القراءة بصوت مرتفع.

– وضع خطوط أو دوائر تحت العبارات المهمة، أو تلوينها بألوان فسفورية.

– استخدم الخرائط في مذاكرة دروس الجغرافيا والتاريخ وغيرها.

– وضع عناوين جانبية للفقرات.

– وضع أسئلة حول كل فقرة يذاكرها.

– رسم بعض الأشكال التي يعبر بها عما فهمه.

– كتابة ملخص لما ذاكره بطريقته الخاصة.

– تحويل الدرس أو بعضه إلى أغنية.

– تمثيل الدرس.

– تحويل الدرس إلى نشرة أخبار.

– رسم خرائط ذهنية ومخططات يلخص فيها ما ذاكره.

3- قراءة الحفظ:

وفي هذه المرحلة يبدأ في التأكيد على حفظ ما فهمه من معلومات، حتى يستطيع استرجاعها عند الاحتياج.

4- التسميع الذاتي:

أي يعيد تذكر وشرح ما ذاكره، ولهذا عدة فوائد؛ منها: أن يتعرف على نقاط ضعفه ويعمل على إعادة تحصيلها مرة أخرى، واستخدامه لحاسة السمع كوسيلة لإدخال المعلومة بجوار الكتابة والعين.

5- حل التمارين:

ومن الضروري أن ينهي مذاكرته بحل تمارين وتطبيقات حول الدرس، ففي ذلك تثبيت لما استوعبه من معارف، وكذلك تدريب له على استخدام هذه المعارف في الإجابة عن الأسئلة بأشكالها المختلفة.

تنشيط الذاكرة:

وهناك بعض الطرق التي يمكن من خلالها تحسين وتنشيط القدرة على تذكره لدروسه؛ منها:

1- طريقة الكتابة:

فإذا ما تعثر في استيعاب جزء معين يتم توجيهه إلى أن يكتب ما يتذكره من هذا الجزء في ورقة، ثم ينظر في الكتاب مرة أخرى، ويعيد محاولة الكتابة إلى أن يستوعب هذا الجزء بشكل كامل.

2- النماذج المحلولة:

وفيها يتم توجيهه بين الحين والآخر إلى الاعتماد على النماذج المحلولة، أي بعد حل التدريبات أو الأسئلة كاملة، ينظر في النماذج ويصحح لنفسه.

3- المراجعة المنتظمة:

فالاهتمام بعملية المراجعة بين الحين والآخر بشكل منتظم لما ذاكره يُحدث تنشيطاً للذاكرة، ويجعلها أكثر قدرة على الاسترجاع.

4- الشرح للآخرين:

فمن الأمور التي تساعد على سهولة احتفاظ الذاكرة بما حصّله أن تشجعه على استثمار أوقات فراغه في المبادرة بشرح ما فهمه للوالدين أو للإخوة أو للزملاء.

5- ألعاب الذاكرة:

يمكنك مساعدته على تنمية وتنشيط ذاكرته بشكل عام من خلال ممارسة بعض ألعاب الذاكرة معه، ومن هذه الألعاب على سبيل المثال:

أ- صينية الذاكرة:

ضع أشياء كثيرة ومتنوعة (مفاتيح، كرة صغيرة، أقلام، خيوط، مسبحة.. إلخ) على صينية كبيرة أو غيرها، واتركه ينظر إليها لمدة  10 ثوانٍ مثلاً، ثم أخرجها من أمامه واسحب بعض الأشياء منها، وادخل بها مرة أخرى واطلب منه ذكر الأشياء التي تم سحبها منها.

ب- «أنا رحت السوق»:

يجلس اللاعبون (الأسرة أو زملاؤه) في حلقة، ثم يقول اللاعب الأول: «أنا رحت السوق اشتريت جزراً»، ثم يكرر اللاعب الثاني ما قاله الأول مضيفاً شيئاً آخر، فمثلاً يقول: «وأنا رحت السوق اشتريت جزراً وخساً»، ثم يقول الثالث: «أنا رحت السوق اشتريت جزراً وخساً وفلفلاً».. وهكذا، حتى ينسى أحد اللاعبين فيخرج من اللعبة، واللاعب الباقي لآخر اللعبة يكون هو الفائز.

Exit mobile version