الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه

كم هو محزن أن يرى المسلمين أنفسهم يسيرون من ضعف إلي ضعف، ويخرجون من جهل إلي جهل تتكالب عليهم الأمم، وهم لا يدرون أن العلة الحقيقية لهوانهم هي الجهل بالشريعة الإسلامية وإهمال تطبيقها على كمالها وسموها ولا يعلمون أن تشبثهم بالقوانين الفاسدة هو الذي أفسدهم وأورثهم الضعف والذل، وإني لأعتقد أننا لم نترك أحكام الشريعة إلا لجهلنا بها وقعود علمائنا أو عجزهم عن تعريفنا بها، ولو أن كل مسلم عرف واجبه نحو الشريعة لما تأخر عن القيام  به ولتسابقنا في العمل لخدمة الشريعة وتطبيق أحكامها. هكذا استهل عبد القادر عودة رسالته الصغيرة الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه تلك الرسالة التي تناول فيها ما يجب على المسلم أن يعرفه عن الشريعة ونشأة القانون والفرق بينه وبين الشريعة وفي ختامها طرح سؤال غاية في الأهمية من المسئول عما نحن فيه؟ وهذا عرض سريع لأهم النقاط الواردة في الرسالة.

 الشريعة وخصائصها

شريعة الإسلام هي مجموعة المبادئ والنظريات التي شرعها الإسلام في التوحيد والعبادات والأحوال الشخصية والجرائم  والمعاملات والإدارة والسياسة وفي غير ذلك. وأعظم مقومات الإسلام هو العمل بأحكامه فالإسلام لم يوجد إلا لتعرف أحكامه وتقام شرائعه وعلى هذا فمن أهمل العمل بالشريعة أو عطلها فقد أهمل الإسلام وعطله.

شرعت للدين والدنيا؛ الأحكام في الإسلام نوعين أحكام يراد بها إقامة الدين في جانب العبادات والعقيدة وأحكام تنظم الدول والجماعات وعلاقة الأفراد ببعضهم ومن النادر أن لا نجد حكما في الشريعة يترتب عليه عقوبة دنيوية وجزاء في الآخرة، تلك هو السبب في احترام المسلمين شريعتهم في السر والعلن بعكس القانون الوضعي الذي أن أمن الناس العقوبة منه فليس ثمة ما يمنعه من ارتكاب أي جريمة.

الشريعة لا تتجزأ؛ أحكام الشريعة لا تتجزأ ولا تقبل للانفصال وهناك أدلة عديدة من القرآن على إلزام المسلمين بتطبيق الشريعة كلها كما أنزلت  ” أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض”.

شريعة إلهية عالمية؛ تتميز شريعتنا بأنها شريعة عالمية، فهي صالحة لكل مكان وزمان أنزلها الله رحمة للعالمين .

فشريعة الإسلام كاملة شاملة وضعت لتطبق في كل بقاع الأرض في كل زمان.

القوانين الوضعية

 نشأ القانون الوضعي على يد جماعة صغيرة من رجال الدولة المسيطرون على الحكم، وكلما تطورت الجماعة أدخلت تعديلات على القوانين، إذا فالسلطة هي من تضع القانون على النحو الذي يسد حاجتها وترتضيه وتقوم بتغييره وقتما تشاء.

بين الشريعة والقوانين الوضعية

لقد ذكر عبد القادر عودة اختلافات بين الشريعة والقانون منها:

أن الشريعة من عند الله بينما القانون من صنع البشر لذلك كلما تطورت الجماعة الحاكمة تطور القانون أما الشريعة فهي منذ بعثة الرسول حتى يومنا هذا أو بعد آلاف السنين لا تحتاج لتجديد أو تعديل فهي لم تغفل أي ركن من أركان الحياة

الغرض من الشريعة تنظيم أمور الدولة وتوجيه الناس، أما القانون الوضعي فهو قانون لتيسير الأمور لا لتوجيه الناس لذلك فهو متأخر عن الجماعة وتابع لتطورها.

اكتفت الشريعة في أغلب الأحوال بإيراد الأحكام الكلية في نصوص عامة ومرنة فوضعت الهيكل الذي يحدد ملامح التشريع وتركت التفاصيل لولي الأمر ولكنه بضوابط معينه ليست على إطلاقها كالقانون الوضعي فالتشريع مقيد بأن يكون متفقا مع نصوص الشريعة، وحماية حقوق الرعية.

ونستطيع أن نقول أن الشريعة تتميز عن القانون بالكمال، السمو، الدوام.

شبهات حول الشريعة

الادعاء بان الإسلام لا علاقة له بالحكم: يدعي بعض المفتونين بالحضارة الغربية أن الإسلام دين وأن الدين علاقة بين الإنسان وربه لا صلة له بالحكم أو بالدولة، ولكن إذا نظر أي مسلم عادي في القرآن سيجد آيات عقوبات لجرائم كالقتل والسرقة،  وضع نظام اقتصادي وحرم الربا ووضع قوانين للبيع والشراء والمعاملات المادية، كما انه وضع نظام الشورى أساس للحكم وألزم الحاكم بالعدل والمساواة، فكما ذكر ربنا في كتابه الكريم الصيام والصلاة وضع قوانين تنظم أمور الدولة في وقت الحرب والسلم والفتن الداخلية والعلاقات بين الدول والأحوال الشخصية والمعاملات فإن كان الإسلام دين عبادة فقط لماذا ذكر ربنا كل هذه الآيات.

الادعاء أن الشريعة لا تصلح للعصر الحاضر؛ والرد على هذه الادعاء بكل بساطه أن الشريعة أقرت العدل والمساواة وحرية الاعتقاد بينما الغرب الذي يهرولون خلفه كالعميان لم يعرف هذه الحقوق إلا في القرن الثامن عشر وياليتهم طبقوها. الشريعة وضعت نظام محكم لا يطغوا فيه الحاكم على الشعب ولا يستبد بسلطته بينما كان الحكم في الغرب أباطرة تحكم عبيد.

من المسئول عن ما نحن فيه؟!

إن المسلمين جميعا مسئولون عما نحن فيه وقد تختلف مسؤولية بعضهم عن بعض ولكن الكل مسئول عن الضعف والهوان واحتلال أراضينا واستباحة دمائنا.

مسؤولية الجماهير

إن جماهير المسلمين مسؤلون عن وصل الإسلام إلي ما نحن فيه بجهلهم وانحرافهم عن الإسلام شيا فشئنا.

كادت الجماهير أن تنسلخ عن دينها ولكن لا تدري فقد ألفت الحرام والفسق وإهانة الدين، أن الجماهير فقدت العزة والكرامة ركنت إلي العبودية تلهث وراء لقمة العيش، أن الجماهير في غفلة قاتله عن دينهم ودنياهم وأنفسهم ويوم تتفتح أعيونهم سيعلمون أنهم خسروا كل شئ يوم أن تركوا دينهم.

مسؤولية الحكومات وقادة بلادنا

لا أعرف ماذا أقول عنهم فمنذ أن خرج المحتل من بلادنا وحكامنا يمثلون احتلال غير مباشر لنا، فحربهم على الدين وعملهم الدائم على محو هويتنا وتجفيف منابع أي فكر يدعو لشمولية الإسلام، تحالفهم مع الأعداء و التورط في دماء المسلمين خير دليل.

مسؤولية علماء الإسلام

وهؤلاء يقع عليهم الوزر الأكبر، فعلماء الإسلام حالوا بين المسلمين والإسلام فلا معروف أمروا به ولا منكر أنكروه بل أقروا يشرعية الأنظمة العميلة وحرموا الخروج عليهم، أن علماء الإسلام ناموا من قرون ولم يبينوا صحيح الدين فاقتدى العوام بهم، فسكت الجميع، رضوا بضياع الدين وانتهاك الأعراض وتدنيس المقدسات إلا من رحم ربي.

الخلاصة

خلاصة الأمر أن الرسالة تهدف إلي تعريف المسلمين بشريعتهم وحقيقة دينهم،  وهي بمثابة صرخة من مسلم غيور على دينه يريد أن ينبه المسلمين للجوهرة الحقيقية التي بين أيديهم وتركوها مهملة يعبث بها الأعداء،  فقد حملنا عبد القادر عودة ” تقبله الله في الشهداء”  جميعا مسؤولية ما وصل إليه المسلمين اليوم وفي المقدمة العلماء الذين صمتوا عن نصرة الحق بل بعضهم شوه صورة السالكين في طريق الحق إرضاء للجلاد الفاجر، كلنا نتحمل مانحن فيه ولكن إلي متى سنظل هكذا نخشى أن ندفع ضريبة المواجهة ونرحب بضريبة الهوان؟!

Exit mobile version