المؤسسات الخيرية.. والأدوار المنوط بها تحقيقها أثناء الكوارث

مع تلاحق الأحداث وتسارعها في العالم الإسلامي تراكمت الهموم وكثرت النوازل التي ألمت بالأمة في مختلف أرجاءها، هنا نحاول التأصيل للأدوار المطلوبة من المؤسسات الخيرية تأديتها، خاصة في أثناء وقوع الكوارث.

فالكارثة هي حدث ضخم يتسبب في إحداث مشكلات نتائجها ذات تأثير سلبي؛ لأن حركتها وأحداثها لا تكون متوقعة في الغالب، وتكون أشدها هي الكوارث المرتبطة بالانفجارات، والتغيرات التي يصعب على البشر مواجهتها كأفراد أو مجموعات صغيرة؛ مما يستدعي تدخل وتضافر جهود قد تصل إلى جهود دولية.

بداية، فإن “المسؤولية المجتمعية” هي الفلسفة والرؤية الأساسية التي يجب على المؤسسات الخيرية أن تقوم على تحقيقها وغرسها في وعي وفعل أفراد المجتمع؛ لأن المسؤولية المجتمعية في أصلها اشتراك البشر في همومهم ومشكلاتهم، والسعي نحو تحقيقها بما يحقق أمنهم واستقرارهم، فمع تعدد وكثرة الأعباء، وضعف الإنسان في مواجهتها؛ كانت هناك مسؤولية مفروضة على عاتق الجميع تجاه الجميع، وهو غاية ما يجب أن تضطلع به المؤسسات الخيرية.

 (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) (الأحزاب:72).

والمؤسسات الخيرية هي صورة للتطور الذي شهدته حركة الفعل البشري في هذا الاتجاه، فالأمر بدأ وفقاً لحاجة الناس في الحضارات البدائية، ففي الحضارة الفرعونية مثلت عملية جمع المحاصيل أو إنشاء جمعيات دفن الموتى لتغطية التكاليف المطلوبة، والتي لم يكن يسهل على الفقير توفيرها، وقد عاصرت الحضارة الرومانية الحضارة الفرعونية، وانقسم المجتمع إلى طبقتين: الأشراف والعامة، وتمثلت المسؤولية المجتمعية لديهم في تقديم الأشراف العون للعامة، كأن يوزع القمح في وقت القحط، حتى أطلق لفظ “النبيل” على المشهور عنهم عون الآخرين.

وفي حالة وقوع الكوارث، فإننا نتحدث عن واقع متعدد الأزمات، يحتاج إلى تنفيذ برامج إنسانية وخيرية تناسب المشهد الذي تقع فيه الكارثة. ومع اتساع هذه المهام، وتعدد الأدوار؛ كان لا بد من فتح الأفق للتواصل مع أكبر شريحة ممكنة، سواء للتعرف على الاحتياجات والمشكلات الناجمة، أو لتوصيل هذه الحاجات إلى من يستطيعون أن يقدموا الخير ويساهموا في حلها، لتنويع سبل المشاركة بين فئات المجتمع، لذا كان لوسائل التواصل الاجتماعي دور مهم في المساهمة في التوسع في هذا الدور، والمتمثل في:

– امتصاص الصدمة: في وقت وقوع الكارثة يتطلب الأمر تحركا عاجلا لتقديم المساعدة التي ربما لا تستطيع الحكومات مواجهتها، كما حدث في الصومال في عام 2011م مع وقوع المجاعة، وحدوث الجفاف، وانتشار المرض في مناطق شديدة الخطورة، تطلبت تدخل طرف وسيط؛ فكان دور المؤسسات الإنسانية والخيرية.

– حصر الاحتياجات: وهي مهمة أساسية للمؤسسات الخيرية بمعرفة الاحتياجات المطلوبة، والتي يمكن من خلالها مواجهة الآثار السلبية للكوارث.

– آلية توفير الاحتياجات: حيث تقوم فيها بوضع طرق توفير هذه الاحتياجات والتكلفة الإجمالية.

– التوجيه: وتظهر هذه المهمة لدى المؤسسات التي تعمل في أكثر من قطاع أو اتجاه أو منطقة، حيث إن المتبرع يتفاعل مع قضايا معينة لظروف معينة، في حين قد تغيب قضايا أخرى على الرغم من أهميتها، والحاجة الماسة لمن يقوم عليها”، مثل: أن ينشغل الناس بالدفع والتبرع لصالح الشعب السوري، ويتركوا طالباً جامعيا يحتاج إلى من يكفله حتى يكمل دراسته في بقعة أخرى من العالم”.

– التثقيف والتوعية: وهي مهمة تعرفها المؤسسات الخيرية التي لديها إستراتيجية وبُعد تخطيطي عالٍ، حيث يقع على المؤسسة الخيرية دور في التثقيف والتوعية تجاه المجتمع، ومنها ما هو تثقيف وتوعية وقائية، “عدم نشر ثقافة التواكل لدى المحتاجين”، ومنها ما هو تثقيف وتوعية تربوية، مثل: نشر ثقافة المشاركة بجانب ثقافة “الغوث والمبادرة للعمل الإنساني”، وهي – في الغالب – تكون ضرورية في حال وقوع الكوارث التي تتطلب التضامن الكافي، سواء محلياً أو دولياً.

Exit mobile version