كيف يمارس أبنائي اللعب الجماعي دون شجار؟

الاستشارة:

سلام عليكم، لدي ابن (9 سنوات)، وابنة (6 سنوات)، وابن (3 سنوات)، مشكلتي معهم في اللعب الجماعي، فهم دائمو الشجار، ولا يلعبون بعضهم مع بعض؛ لذلك أضطر لشراء نفس اللعبة ثلاث مرات حتى لا يتشاجروا، أريد أن أعلمهم مهارة اللعب الجماعي المشترك؛ فأنا أعرف أنها مفيدة لهم في حياتهم.

ملحوظة: هم كذلك أيضًا في المدرسة والنادي مع أصدقائهم؛ لا يعرفون كيف يلعبون مع أحد بدون شجار وتملك.

الإجابة:

الأستاذ ياسر محمود:

أهلًا ومرحبًا بالسائل الكريم، وأسأل الله تعالى أن يسعدك بصلاح أبنائك ونجاحهم في الدنيا والآخرة.

وأود في البداية أن أشير إلى أمر مهم؛ ألا وهو مراعاة الفروق بين الأبناء في المراحل العمرية المختلفة، فلكل مرحلة عمرية سماتها وطبيعتها الخاصة، ومن ثم ينبغي أن تكون طريقة تقييمنا وتعاملنا مع تصرفات وسلوكيات أبنائنا متسقة مع طبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها كلٌّ منهم.

ففي استشارتك هذه، هناك فرق كبير بين طفل السادسة والتاسعة، وبين طفل الثالثة، فمن سمات الأطفال في عمر الثلاث سنوات الحرص الشديد على الاحتفاظ بأشيائهم، مع رفض إعطاء شيء منها لأحد، وهذا السلوك يعد طبيعيًّا في هذه المرحلة، ولا ينبغي الانزعاج من ظهوره لدى الطفل، وإن كان المطلوب منا أن نعمل على تطويره في اتجاه التعاون وإعطاء الآخرين.

أما في عمر السادسة والتاسعة، فلا يعد هذا السلوك من خصائص المرحلة، ومن ثم يحتاج الأمر إلى الالتفات إليه، والتعامل معه بيقظة؛ حتى لا يشب الطفل أنانيًّا لا يتعاون مع الآخرين.

وعمومًا، نقترح عليك بعض الأفكار التي نرجو أن تكون لك عونًا على التعامل مع هذا الأمر لدى طفليك الكبيرين، وتحول دون استمراره مع طفلك الصغير:

1-التوجيه المباشر:

وذلك من خلال الحديث مع الأبناء حول أهمية إعطاء الآخرين ومشاركتهم في بعض الممتلكات من ألعاب وأطعمة وغير ذلك.

وليكن هذا في أوقات لا يكون مطلوبًا منهم فيها أن يشاركوا أحدًا في أشيائهم؛ لأن أيًّا منهم لن يقبل منك أي نصح حينما يكون في معركة مع طفل آخر على لُعبة من ألعابه، أو حينما تطلب أنت منه أن يعطيك شيئًا من أشيائه، وأن يكون ذلك أيضًا بطريقة بسيطة مناسبة لعمر كلٍّ منهم.

2- القصص:

احك لهم بعض القصص والحكايات التي تؤكد معنى التعاون بين الناس، وأهمية أن يتنازل المرء عن بعض أشيائه ورغباته، مع إبراز ما يعود عليه من خير جراء ذلك، وركِّز خلال القصة على الجوانب الإيجابية (العطاء والكرم، التنازل عن بعض الرغبات من أجل الآخرين، الهدوء وعدم الانفعال.. إلخ) أكثر من تركيزك على الجانب السلبي (الأنانية والشجار)؛ حتى تؤكد القيم الإيجابية في نفوسهم.

وسيكون من المفيد استخدام بعض العرائس في قص الحكاية، أو تمثيل ما فيها من مشاعر وأحداث بمشاركة الأبناء؛ لأن هذا سيساعدهم على فهم المعنى، كما أنه سيعمق هذه السمات في نفوسهم.

3- ألعاب مجمعة:

وفِّر لهم بعض الألعاب التي تحتاج لأكثر من لاعب حتى يمكنهم اللعب بها، ومن أمثلة هذه اللعب: “الكرة، الكوتشينة، البلاي ستيشن”، وغير ذلك من الألعاب الجماعية التي تجعل بعضهم يطلب من بعض أو من غيرهم أن يشاركهم اللعب، فهذا سيُدرِّبهم على أن يشاركوا الآخرين في بعض ألعابهم، بل يجعلهم هُمْ مَن يَسعَون لذلك؛ لأنهم لن يستطيعوا الاستمتاع بها دون المشاركة.

4-اللعب الموجه:

من المهم إشراكهم في اللعب الجماعي الموجه، وهو اللعب الذي ينظمه ويديره الكبار للصغار، سواء قام به الوالدان أو غيرهما من مشرفي الأنشطة في المدارس أو المساجد أو الأندية أو غيرها.

ومن خلال هذا اللعب يمكن أن نركز على توجيه الأطفال إلى بعض السلوكيات التي نريد غرسها أو تعديلها لديهم، كأن يلعبوا مباراة كرة قدم وهم صامتون، ومَن يتكلم تُحسب عليه نقاط أو يخرج من اللعب، وكذلك من يحتفظ بالكرة لوقت محدد، ومن ينفعل أو يتشاجر، ومَن لا يتعاون مع الآخرين، وغير ذلك من القيم التي يمكن تنميتها لدى الأبناء أثناء اللعب الموجه.

5- المواقف التمثيلية:

وفيها يتم الاشتراك مع الأبناء في تمثيل بعض المواقف التي تبرز قيمة ومكانة من يعطي الآخرين، أو يتنازل عن بعض رغباته للآخرين، على أن يقوم الأبناء دائمًا بالأدوار الإيجابية؛ فهذا يعمق في نفوسهم قيم العطاء والتعاون.

6- التعزيز الإيجابي:

وذلك من خلال ترصُّد أي سلوك إيجابي يصدر من أي واحد منهم، ومدحه والثناء عليه، وكذلك الحديث أمام الآخرين، خاصة من يحبهم الأبناء من الأقارب والأصدقاء، حول هذه التصرفات الإيجابية التي تصدر من أيٍّ منهم في اتجاه العطاء والكرم.

Exit mobile version