حرب على المواطن بغطاء برلماني

لم يشهد المواطن حرباً على حقوقه ومكتسباته أكثر مما شهده في ظل مجلس الأمة السابق، الذي وفر للحكومة أكبر غطاء للقيام بذلك الدور السيئ والخطير، وسايرها في شهيتها المفتوحة للانقضاض على حقوق المواطنين!

تجلت تلك الحرب وذلك الغطاء بصورة واضحة في قضية سحب جناسي عدد من الأسر الكويتية، وذلك لمعاقبة بعض أفرادها الذين لم تكن أنشطتهم تروق للحكومة، وبذلك استعملت الحكومة أخطر الأسلحة، والتي هي بمثابة أسلحة الدمار الشامل المحرمة دولياً، فما بين غمضة عين وانتباهتها جُردت عائلات كويتية من هويتها، وتركوا يواجهون تبعات ذلك القرار الجائر الذي يمثل إعداماً معنوياً لتلك الأسر، بعد أن فقدوا كافة ضماناتهم الدستورية والإنسانية!

كان ذلك القرار بمثابة معاقبة لتلك الأسر، وفي ذات الوقت هو رسالة تخويف للمجتمع كي لا يعلوا صوته للمطالبة بالمزيد من الحقوق، أو حماية مكتسباته، وحتى يظل كل فرد فيه مسكون بالخوف والتوجس، فينشغل بخاصة نفسه، كي لا يلقى ذات المصير، ويترك الشأن العام للحكومة وحدها تقرر فيه ما تريد، وبذلك حُكم على المجتمع بأسره بالعزل من الحياة العامة، وهو ما يمثل إعداماً معنوياً للمجتمع أيضاً!

جرى كل ذلك في حق عدد من المواطنين وفي حق المجتمع بأسره، وبكيدية واضحة، ومجلس الأمة – الذي يفترض أنه صوت المواطن – وقف صامتاً وكأن الأمر لا يعنيه أبداً، ولم يتجرأ أحد من نوابه على توجيه أسئلة أو مجرد التلويح بالمساءلة، أو حتى يطلب مشاهدة أدلة على ادعاءات الحكومة بالتزوير!

كيف يأمن المواطن على نفسه، وكيف يطمئن على حماية حقوقه ومكتسباته وهو يرى أمام عينيه تجريد مواطنين من مواطنتهم ويتبع ذلك تجريدهم من حقوقهم كاملة، وهناك مجلس يحمل اسم “الأمة” يفترض فيه أن يكون المدافع الأول عن المواطن، وينتفض لأي مساس بحقوقه، لكنه يقف متفرجاً، إن لم يكن متواطئاً.

في ظل المجلس السابق ارتكبت أكبر جريمة في حق الوطن وهي ضرب مفهوم “المواطنة” في مقتل، وذلك من خلال سحب الجناسي، وقانون البصمة الوراثية، فبعد أن كانت “المواطَنة” تمثل مصدر قوة للمواطن يستند إليها في تمسكه بوطنه، والمشاركة في بنائه، ودفاعه عن حقوقه، وحمايته لمكتسباته، تحول هذا المفهوم إلى مصدر خوف وتهديد وانكفاء على الذات، يجعل المواطن يفكر في مصدر رزقه، وحماية أسرته، ويفكر في كيفية الحفاظ على جنسيته، وهذا يدفعه إلى عدم المبالاة في قضايا الشأن العام، أو ممارسة النفاق إذا لزم الأمر!

هكذا تم تدمير قيمة “المواطنة” في نفوس الناس.. وبقية القيم الجميلة، بقرار حكومي وغطاء نيابي!

Exit mobile version