كيف تربي طفلك ليكون مهذباً؟

مع وضوح صوت ملعب كرة السلة المليء بالناس، كان ابني البالغ من العمر 7 أعوام وصديقه يمسكان بجهاز “الآي باد”، ويركزان في لعبة فيديو لمدة نصف ساعة، وإذا بصديقه يثور فجأة على الأريكة: إنه “دوري”.

وأنا أشعر بالعجز تجاه تلك الأفكار المتصارعة: هل أتدخل بينهما أم أتركهما وشأنهما؟ فكما تقول نشأتي في جورجيا: انتزع “الآي باد” أسرع مما تقول كلمة “ستيفن كاري” وأعطه للضيف، ولكن هل هذا صحيح؟

فأنا أريد ولدَيَّ – ابني وأخته ذات التسعة أعوام – أن يكونا أصدقاء، فضلاً عن كونهما مضيفين كريمين، ولكن كيف لي أن أعلمهما أن الأدب لا يعني عدم احترام الذات؟

تحدثنا إلى خبراء تربية الأطفال والآداب، واستفسرت منهم عن توقعات تربية الأبناء مقابل البنات، وكيفية تربية الطفل ليكون رؤوفاً، ولكنه واثق من نفسه، وأتجنب إرضاء هؤلاء الذين انطووا على أنفسهم.

الأدب لا يعني أنك ضعيف

وهناك تصور خاطئ بأنه لتكون مهذباً يعني ألا يكون لك رأي، كما يقول إيلين سوان، خبير آداب الحديث، ولكن محور التركيز ينبغي أن يكون على كيفية التواصل، صياغة الكلام، نبرة الصوت ولغة الجسد، وأضاف: يمكنك أن تقول أي شيء لأي شخص، ويرجع ذلك إلى نبرتك، وهو فارق بسيط صعب تعليمه لأطفال اليوم؛ لأنهم يتواصلون بكثرة في عالم التكنولوجيا الذي تنعدم فيه تعبيرات الوجه والنبرات.

وبطبيعة الحال، فرفع صوت الأطفال يجعل الأمور أكثر تحدياً لدى الآباء، ولكنها مهمتنا لتعليمهم كيفية التعبير عن رغباتهم في لهجة سمفونية كلاسيكية هادئة أكثر قليلاً من كونها صاخبة.

تحتاج الفتيات لمساعدة إضافية

وفي ثقافتنا، تكافأ البنات عادة لممارسة السلوكيات الحسنة والعناية بالآخرين، في حين أن الأبناء يُكافَؤُون لشجاعتهم أو الخوض في مخاطرة، كما قالت سيمون مارين، المشارك والمدير التنفيذي لـ”قيادة الفتيات”، وهي منظمة مقرها في أوكلاند بكاليفورنيا، والتي تعلم الفتيات الدعوة الذاتية والتعبير عن الذات.

على الرغم من أنه من الممكن للأبناء اكتساب سلوكيات سارة بإفراط، فعادة ما تشعر الفتيات بالضغط الزائد حتى يكن مهذبات، وغالباً ما يصعب عليهن مواصلة تفضيلاتهن، كما ترى مارين.

تبدأ فتيات المرحلة الوسطى خاصة بالشعور بالخجل تجاه التعبير عن رغباتهن لتكون ملائمة، غالباً ما تحتاج الفتيات إلى مساعدة ليسلمن بأن تأكيد الذات ليس بالشيء الفظ أو العدواني، كثيراً ما يكن بحاجة إلى توجيهات صريحة بشأن كيفية التحدث عن أنفسهن، وكيفية المطالبة بقوتهن، وكيفية قبول مجاملة.

ولكن كيف نعلمهن ذلك؟

يبدأ ذلك بوضع تصرفاتنا في الاعتبار، وتقول مارين: إنها تعمل مع أناس في مختلف فئات العمر، وبخاصة النساء اللواتي لا يعرفن كيفية طلب ما هن بحاجة إليه، فهي ترى لهن وضع ملاحظات مكتوبة على هواتفهن المحمولة بكلمة “لا”، كتذكير مهذب للرفض دائماً.

افحص سلوكك أولاً

ما نخططه لأولادنا أكثر أهمية عما نأمرهم بأدائه، فالأمر حقاً أكثر تحدياً، فهو يعني أن ننظر إلى أنفسنا قبل النظر إلى أطفالنا، كما ترى ماريان.

أولاً: من المهم أن تضع لهم نموذجاً يحتذى به في التواصل، هل تبتهج فرحاً عندما ترى أحد معارفك، ثم تنظر إليه بلهفة ولكنك تمضي بعيداً لأنك على خلاف معه؟ وعلى الوالدين تعليم الأطفال كيفية الاختلاف مع الآخرين ولكن بأدب، والتعبير عن المشاعر بصدق، وكيفية طلب المساعدة، علِّم أطفالك أن الخلاف لا يعني الانفصال، حاول أن تقول لهم مثلاً: “جميل أنك تحب الجبال، ولكنني مغرم بالبحار”،

أو تقول مثلاً لشريكك: “هل لك أن تساعدني في المطبخ الآن؟”، بدلاً من انتظار المساعدة حتى تتفجر رأسك، فلا الأطفال ولا الكبار يعرفون ما نحتاج إليه إلا إذا طلبنا منهم.

ونقطة رئيسة أخرى:

لاحظ تصرفاتك عندما يقع أطفالك في صراع مع أصدقائهم، يوصي الخبراء بالسماح لهم بالتصرف حتى إذا كان ذلك يؤذي مشاعرهم، فأنت تعلم أن طفلك لا يستطيع التصرف بدونك، وليكتسبوا تلك المهارات دعهم يمارسوها فقط.

ساعد أطفالك على تطوير الوعي الذاتي

تأتى اللباقة الحقيقية من الوعي الذاتي، ويستطيع الوالدان تطوير تلك المهارة.

أولاً: أوقف استخدام التكنولوجيا وامضِ الوقت في الطبيعة حتى تعرف بالضبط مشاعرك؛ ومن ثم يعرف أولادك.

تذكر أيضاً أهمية تناول الطعام معاً، وتعلم آداب المائدة؛ “غلق هاتفك أثناء تناول الطعام”، وهو أنسب وقت لطرح الأسئلة والتفريق بين الأدب المصطنع والأدب الحقيقي، هكذا يقول ستيفن هينشاو، الرئيس المشارك لمجلس البحوث العلمية في معهد الطفل.

ويقول هينشاو: إن الفتيات المراهقات أكثر عرضة للخطر أكثر من ذي قبل لتطوير سلوكيات التدمير الذاتي مثل القطع، والإفراط في تناول الطعام وحتى الانتحار، فلا بد من توفير نظام صحي لهذه الفئة العمرية.

ويشير أيضاً إلى ضرورة وجود تواصل بين الآباء والأولاد، فيدل ذلك على أنك مهتم بمعرفة وجهه نظر أولادك، اطلب منهم حل مشكلة شيء من حياتك لتعزيز مهاراتهم الفكرية كمثال: “شريكتي في العمل لم تؤدِّ عملها على أكمل وجه، وأنا أشعر بالإحباط وبحاجة لإخبارها بذلك بطريقة مهذبة.. ماذا أقول لها؟”.

اللعب والممارسة

وعن طريق تكرار اللعب مع الأطفال فيمكن تعليمهم الخطأ والصواب وكلمة “آسف” وكيفية الاعتذار، وتدريبهم على قول “لا” بألف طريقة مختلفة، ولكن بأدب، يجب أن نكون على يقين تام بأن الأطفال على وعي بما يريدون وما لا يريدون، ويعرفون جيداً كيف يقولون ذلك.

الموضوع الأصلي:

http://goo.gl/ngYChs

Exit mobile version