أحكام فقهية متعلقة بصيام الستة من شوال

 

الإجابة للدكتور

يوسف القرضاوي

حكم صيام الأيام الستة

ما حكم صيام الأيام الستة من شهر شوال؟ وهل يشترط التتابع في صومها؟

حث النبي على اتباع صيام رمضان بست من شوال، فقد روى عنه أبو أيوب الأنصاري: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر كله» (رواه مسلم في الصيام).

والمراد بالدهر هنا: السَّنَة، أي كأنما صام السنة كلها، فإذا حافظ على صيام ذلك طوال السنين، فكأنما صام الدهر.

وقد جاء تفسير ذلك في حديث آخر يقول: «صيام شهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بشهرين، فذلك صيام العام» .

وهل المطلوب في هذه الأيام إلحاقها برمضان مباشرة، بحيث يبدأ صومها من اليوم التالي للعيد، كما يدل عليه لفظ «أتبعه»، أم يكفي أن تكون في شوال، وشوال كله تابع لرمضان؟

هذا ما اختلف فيه الفقهاء، ولكني أميل إلى الرأي الثاني، كما أنه ليس من اللازم أن يصومها متتابعة، فلو فرقها فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى.

وانفرد الإمام مالك رضي الله عنه، بالقول بكراهة صيام هذه الأيام الستة خشية أن يعتقد الناس أنها جزء من رمضان، ويلزموا بها أنفسهم، وينكروا على من تركها، فكرهها من باب سد الذرائع.

ولكن إذا صح الحديث بصومها فلا مجال للرأي هنا، وخصوصاً إذا رجحنا عدم إلصاقها برمضان مباشرة ولعل السر في استحباب صيام هذه الأيام من شوال أن يظل المسلم موصول الحبال بطاعة ربه، فلا تفتر عزيمته بعد رمضان.>


الإجابة لمركز الفتوى بموقع «إسلام ويب»

صيام الست قبل القضاء

ما حكم البدء بصيام الست من شوال قبل قضاء ما فات صيامه من رمضان؟

اختلف أهل العلم في جواز التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان، فذهب الكثير منهم إلى جواز ذلك بلا كراهة، وذهب المالكية والشافعية إلى جوازه مع الكراهة، وذهب الحنابلة إلى الحرمة وعدم صحة التطوع حينئذ ولو اتسع الوقت، واستدلوا بقول النبي: «من صام تطوعاً وعليه من رمضان شيء لم يقضه فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه» (رواه أحمد وفيه ضعف).

والراجح ما ذهب إليه الأولون، لقوله الله تعالى: (وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (البقرة:185)، ولم يقيد الله تعالى القضاء بالاتصال برمضان ولا بالتتابع، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان».

لكن من أهل العلم من رأى خروج مسألة صوم الست من شوال عن هذا النزاع؛ لأن قوله: «من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر»، ففيه تعليق الأجر المذكور على صوم رمضان كاملاً وإتباعه بست من شوال، فمن ابتغى هذا الأجر لزمه أن يقضي ما فاته ليتحقق له صيام رمضان ثم يصوم الست من شوال، والحديث أخرجه مسلم في صحيحه.

الجمع بينها وبين القضاء

ما حكم الجمع بين نية صيام الأيام الستة من شوال وقضاء ما فات من رمضان؟

هذه المسألة تعرف عند أهل العلم بمسألة التشريك (الجمع بين عبادتين بنية واحدة)، وحكمه أنه إذا كان في الوسائل أو مما يتداخل صح، وحصل المطلوب من العبادتين، كما لو اغتسل الجنب يوم الجمعة للجمعة ولرفع الجنابة، فإن جنابته ترتفع ويحصل له ثواب غسل الجمعة.

أما الجمع بين عبادتين مقصودتين بذاتهما كالظهر وراتبته، أو كصيام فرض أداءً أو قضاء كفارة كان أو نذراً، مع صيام مستحب كست من شوال فلا يصح التشريك، لأن كل عبادة مستقلة عن الأخرى مقصودة بذاتها لا تندرج تحت العبادة الأخرى.

فصيام شهر رمضان، ومثله قضاؤه مقصود لذاته، وصيام ست من شوال مقصود لذاته لأنهما معاً كصيام الدهر، كما صح في الحديث، فلا يصح التداخل والجمع بينهما بنية واحدة، فإن صام بنية القضاء عن شهر رمضان وبنية الست من شوال فهل يقع قضاء أم نفلاً؟ أم لا يقع عن واحد منها؟

فقيل: يصح قضاء، وقيل: نفلاً، وقيل: لا يقع عن واحد منها.

وأما إن صام في شوال بنية القضاء فقط ووافق ستاً من شوال فأكثر، فهل يحصل له ثواب صيام الستة من شوال أم لا؟

الأقرب أنه يرجى له أن يحصل له ثواب دون ثواب من أفرد الست بالصوم تطوعاً، لاحتمال أن يندرج النفل تحت الفرض

Exit mobile version