الصين: البطيخ لإجبار الأويجور على الإفطار في رمضان

تتعرض الأقلية المسلمة في إقليم “شينغيانغ” الصيني في شهر رمضان من كل عام، لضغوطات كبيرة يمارسها كوادر الحزب الشيوعي الحاكم، وتتمثل هذه الضغوطات في منع موظفي القطاع العام والطلبة والقاصرين من الصوم بشتى الوسائل، إضافة إلى منعهم من دخول المساجد.

وتأتي هذه الممارسات رغم المزاعم التي يرددها دائماً قادة الحزب الشيوعي في الإقليم حول احترامهم لشرائع الإسلام، وكان آخرها في تقرير أعدته الحكومة حول الحرية الدينية في البلاد.

فمع بداية رمضان هذا العام، تجددت معاناة المسلمين، إذ نشرت عدة دوائر حكومية تعميمات على مواقعها الإلكترونية تمنع الصوم خلال رمضان، وحذرتهم من ارتياد أماكن المناسبات الدينية.

أوامر بفتح المطاعم

وجاء في بلاغ نشر الخميس الماضي على الموقع الرسمي لمدينة كورلا في وسط شينجيانغ أن أعضاء الحزب والمسؤولين وموظفي القطاع العام والطلبة والقاصرين يجب ألا يصوموا خلال رمضان، وألا يشاركوا في مناسبات دينية، وأضافت: خلال شهر رمضان يجب ألا تغلق مؤسسات الطعام والشرب أبوابها.

وقال مسؤول من الأويجور في مدينة تيكيكي يدعى أحمد جان توحتي أمام تجمع الإثنين الماضي: إن المسؤولين يجب أن يمنعوا أعضاء الحزب وموظفي المؤسسات الرسمية والطلبة والقاصرين من دخول مساجد لأداء الصلوات.

كما نشر موقع إلكتروني يديره مكتب الثقافة في منطقة شويموغو في العاصمة الإقليمية أورومتشي تعميماً الإثنين الماضي يدعو إلى منع الطلبة والمعلمين من كل المدارس من دخول المساجد خلال رمضان.

وفي مدينة التاي شمالاً، وافق مسؤولون على تكثيف التواصل مع الأهالي لمنع الصوم خلال رمضان بحسب ما نشر على موقع رسمي صيني.

وتحتضن منطقة شينغيانغ 10 ملايين مسلم من أقلية الأيجور، يمثلون 55% من إجمالي عدد المسلمين في الإقليم البالغ 18 مليوناً.

ويؤكد الكثير من الحقوقيين تعرض هذه الأقلية منذ سنوات عدة إلى انتهاكات كثيرة تمارسها السلطات الصينية، أهمها نهب ثروات الإقليم، إضافة إلى تهميشهم في الوظائف، وإجبارهم على بيع محاصيلهم بأسعار متدنية، وفي السنة الماضية أجبر السكان الذين يحملون جوازات سفر على أن يعيدوا جوازاتهم قبل 15 مايو 2015م إلى مراكز الشرطة، وأصبح استخدامه تحت الطلب، وإذا استخدم أحدهم جوازه ولم يعده خلال المدة المحددة فستبطل صلاحيتهن بحسب تعميم إداري للحزب الشيوعي.

وتتهم منظمات دولية الحكومة الصينية بإجراء أكثر من 40 تجربة نووية شمال الإقليم؛ مما أدى إلى إصابة العديد من سكانه بالإشعاعات النووية وانتشار الأمراض وتلوث التربة والهواء.

ويوجد في الصين عدة أقليات تدين بالإسلام هي: صالا، دونجزيانغ، باوانو، الأيجور، الكازاك، القرغيز، الأوزبك، التتار، والطاجيك.

وفي رمضان، لمسلمي الصين عادات وتقاليد خاصة، إذ يفطر الصائمون على القليل من التمر والحلوى، ويشربون الشاي بالسكر، وعقب ذلك يتوجهون إلى المساجد القريبة لصلاة المغرب، وبعد الانتهاء يتناولون الفطور مع أفراد العائلة.

وتحيط المطاعم الإسلامية بالمساجد، لتقديم المأكولات الرمضانية التي تشتهر بها الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى أكلات وحلويات المطبخ الصيني الذي يخلو من الكولسترول، لأنهم لا يستعملون الدهون في الأكل.

وندد ديلات راجيت، الناطق باسم المؤتمر العالمي للأويجور في ألمانيا بالقيود المفروضة على المسلمين قائلاً: الصين تعتقد أن الدين الإسلامي للأويجور يهدد حكم قيادة بكين.

وتراقب الصين عن كثب المجموعات الدينية رغم تأكيدها عدة مرات أن مواطنيها يحظون بحرية المعتقد.

إجبار على أكل البطيخ في النهار

وفي كل سنة ومع حلول شهر رمضان الكريم، تبتدع السلطات الصينية العديد من الطرق، وتضاعف من التدابير الرامية إلى دفع المسلمين الأويجور إلى إفطار رمضان، فقد نظمت السنة الماضية عملية توزيع للبطيخ في عز النهار في كلية الطب في أورومكي في شينجيانغ، وهي منطقة يعيش فيها عدد كبير من المسلمين الأويجور، والذين يرفضون يهددون بسحب شهاداتهم، وهذا انتهاك للدستور الصيني ودليل على أن حرية ممارسة الشعائر الدينية منتهكة أو غير موجودة.

الإسلام ليس ممنوعاً في الصين، ولكن السلطات في هذه المنطقة الحساسة تحد من وجوده أكثر فأكثر، وتوزيع البطيخ الذي حصل ليس المثال الوحيد للضغوط التي تمارس على الأويجور أثناء رمضان، في العام الماضي ظهرت صورة تبين عمليات توزيع المياه في جامعة كاشغار وانتشرت كثيراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي الصينية.

تقول إحدى السيدات: إنها قضت 15 يوماً في السجن لأنها ارتدت الحجاب في العلن، ويقول شيخ آخر: نحن معرضون للسجن إذا أطلقنا اللحى، ثم يضيف: هذا واقع لا يعرفه الكثير من الناس، وإذا لم نناضل من أجل حرياتنا فكيف سيكون مستقبل أطفالنا في شينجيانغ؟

أساليب مراقبة كلاسيكية

وتؤكد إحدى الطالبات أن رمضان اليوم مسموح به وليس هناك مراقبة في بقية مناطق الصين، لكنه في شينجيانغ محاط بتدابير تزداد صرامة، وتضيف قائلة: أمي تخاف كثيراً لدرجة أنها لم تتجرأ على الاحتفاظ بنسخة من القرآن في البيت.

وتضيف هذه الطالبة التي ترفض الكشف عن هويتها، أن أساليب المراقبة هذه كلاسيكية، فقد وضعت حكومة شينجيانغ جواسيس في كل مكان، الجيران وزملاء العمل والدراسة وممثلو الأقسام، السلطات لديها أشخاص تثق بهم في كل شارع، والمساجد تحت المراقبة وتجد عند مداخلها وفي داخلها عدة كاميرات.

في شهر رمضان يتم تفعيل أول مستوى من الاستنفار عند الشرطة من أجل المراقبة في شينجيانغ، حيث تنتشر أفراد الشرطة بمدرعاتهم في كل مكان، ما يجعل سكان المنطقة يشعرون فعلياً بأنهم سيعيشون شهراً عصيباً، ويبدو أن هذه الإجراءات بدأت تشتد منذ أعمال الشغب التي اندلعت في شينجيانغ في أورومكي يوم 5 يوليو 2009م وتلتها هجمات على قومية هانس الصينية سقط خلالها 200 قتيل، حسب مصادر حكومية صينية.

Exit mobile version