مسلمو الهند.. معاناة وهموم في ظل حكومة متطرفة

الهند من البلدان الجمهورية الديمقراطية، وهي تمتاز بالثقافات المتنوعة، وبمبادئ التعددية والتسامح والانسجام الطائفي، فيسكن في حجرها الأمم المختلفة من الهنود، والمسلمين، والنصارى، والسيخ، والبوذيين وغيرهم من الأقليات الأخرى، وتعد ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بعد الصين، وتعتبر سابع أكبر دولة من حيث المساحة في العالم، فبلغ عدد سكانها المسلمين 200 مليون نسمة، لتقديرات عام 2014م، وتحررت من الاستعمار الإنجليزي والبريطاني عام 1947م.

وهي تمر اليوم بأحوال من القلق والاضطراب، وتضارب الأفكار، والعنف والقسوة، وسفك دماء الأبرياء، ولم يزل القتال والترويع منتشراً بحق الأقليات، وتدمى قلوب المسلمين والمسيحيين في مختلف الأرجاء، لأن ما تسعى إليه الحكومة الحالية، هو اقتلاع الأمة الإسلامية والمسيحية وغيرهما من الأقليات من الهند، حتى تصبح الهند دولة هندوسية خالصة تماماً، والمنظمات الهندوسية المتطرفة، وأصحابها يقومون بمعاداة المسلمين والنصارى، وتشريدهم من الهند، ولا يقفون عند هذا الحد، بل يكرسون مجهوداتهم لإثارة الفتن الطائفية، وإعادة الاضطرابات العنصرية في أماكن أخرى من البلاد، وذلك على الرغم من أن عدد المسلمين في الهند يتجاوز 200 مليون نسمة، وهو عدد كبير لا يغض البصر عنه، ولهم تأثير كبير في الانتخابات القومية والمحلية، وفي الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد، وقد تعددت مظاهر العنصرية بحق المسلمين في الأيام الأخيرة، فقبل أيام قامت مجموعة هندوسية بضرب شاب مسلم بولاية أترابراديش، وقبل ذلك قتل أعضاء منظمة « آر. إس. إس»» الهندوسية المتطرفة شاباً مسلماً بمنطقة سهارنفور.

وهذه الفتن والاضطرابات تندلع بسبب الأيديولوجية الهندوسية المتعصبة التي تنادي بإقامة دولة واحدة لدين واحد، وتريد صبغ البلاد بصبغة ثقافة واحدة، وهي الثقافة البرهمية، رغم أن البلاد لجميع الطبقات والديانات والثقافات، ومنها الجذور الفكرية لأعضاء الحكومة الحالية تصل إلى منظمة « آر. إس. إس»» الهندوسية المتطرفة التي انبثقت منها هذه الحكومة وترعرعت في ظلها منذ عام 1941م.

وهذه الاضطرابات تشير إلى أن رئيس الوزراء لم يغير فكرته الهندوسية المتطرفة التي ينتمي إليها منذ حداثة سنه، ولا ننسى دور المنظمات المتطرفة المتعصبة في إشعال نار هذه الفتن، منها منظمة « آر. إس. إس»» التي تأسست عام 1925م، وتبنت أفكاراً هندوسية ذات طابع عسكري وقومي متطرف، والتي قتل أحد أعضائها الأب القومي الرسمي للبلاد مهاتما غاندي عام 1948م، و«حزب ويسوا بندو بريشد» (المنظمة الهندوسية العالمية)، وهو الجناح الخارجي المؤيد لأسرة سنغ، ويعمل على قدم وساق مع «آر. إس. إس»، ومؤسسة «بندو جاغرن منش» (منبر إلقاء الوعظ الهندوسي)، حزب «بارتيا جنتا» (حزب الشعب الهندي) الجناح السياسي لأسرة سنغ والحزب الحاكم في البرلمان الهندي حالياً، ومنظمة «آريا سماج» (المجتمع الآراي) أي: الحركة الهندوسية في ثوب جديد تمتاز بآرائها.

فنظراً إلى هذه الأوضاع السيئة في البلاد، قام الأدباء البارزون والشعراء والأطباء والفنانون وكبار علماء الطبيعة ضد موقف الحكومة، وشددوا الاستنكار على تقصيرها في مكافحة هذه الاضطرابات، وتكاسلها في أداء الواجب نحو البلاد، والشعب، فرفضوا جوائزهم القيمة، التي نالوها بمجهوداتهم الأدبية والفنية والرقابية، وطالبوها بإقرار الأمن كما وعدت الحكومة لدى أداء اليمين الدستورية.

وهذه الأوضاع تدعو الأمة الإسلامية أيضاً إلى القيام بأعمال التخطيط الدقيق لمستقبلها في البلاد، ولابد لنا أن نكوِّن مسلماً حقيقياً بمعنى الكلمة، وأن نبادر إلى تقويم ما اعوجَّ، وإصلاح ما فسد من أخلاقنا وعاداتنا، وألا نألو جهداً في بذل كل ما نستطيع من قوة فكرية وعملية أكرمنا الله بها في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل، ويجب على شباب هذه الأمة أن يقوموا بإثراء الحياة العلمية، والحركة الأدبية، ونشر الثقافة الإسلامية عن طريق العلم واختيار أحدث الوسائل والأجهزة، من الصحافة الإسلامية والإعلام النزيه البنَّاء المعاصر.

Exit mobile version