الكاميرون: حراسة المساجد للنصارى والكنائس للمسلمين

دفعت هجمات “بوكو حرام” التي تستهدف قرى ومدن منطقة أقصى شمال الكاميرون، والتي أقضّت مضجع السكان، نحو ابتكار أسلوب جديد لحماية أنفسهم من المجموعة المسلّحة، خصوصاً في ظلّ التغيير المسجّل على مستوى أهداف هذا التنظيم، من خلال تركيزه، مؤخراً، على التفجيرات الانتحارية بالمساجد، ضمن هدف تكتيكي يسعى السكان إلى كسره وإحباطه.

باكاري ماندجياوا، حاكم المنطقة أوضح في تصريح لـ”الأناضول”، قائلاً: لقد ابتكرنا تقنية جديدة للتصديّ لـ”بوكو حرام”، فعندما يجتمع المسلمون لأداء صلواتهم يقوم المسيحيون بحراسة وتأمين المسجد، وحين يتوجّه المسيحيون، أيام الأحد، نحو أماكن العبادة الخاصة بهم، ينتشر المسلمون حول الكنائس تحسّباً لأيّ تحرّك مشتبه فيه.

أشكال جديدة تهدف لمواجهة تنامي الهجمات الانتحارية التي تستهدف المساجد والكنائس في المنطقة، و”خطّة العمل” هذه التي أعدّها بعض السكان من الطائفتين المسلمة والمسيحية، تجري تجربتها حالياً في بعض القرى، بحسب ماندجياوا، والذي لفت إلى أنّ هذا الإجراء يضاف إلى لجان “اليقظة” الشعبية المتألّفة من سكان القرى الحدودية مع نيجيريا، معقل المجموعة المسلّحة، من أجل مراقبة المنافذ والتعاون مع قوات الأمن الكاميرونية للقبض على المشتبه فيهم.

أفكار بسيطة تعكس وعياً بما يفرضه الوضع الراهن من تدابير من شأنها أن تدعم جهود قوات الأمن، وهذا ما حصل إبّان تشكّل اللجان الشعبية، والتي تمكّنت، رغم أنّ عتادها يقتصر على السهام والمديات، من القبض على العديد من الأشخاص المشتبه في انتمائهم للتنظيم المسلّح، لتحبط بذلك هجمات انتحارية كانت ستثقل حصيلة القتلى بالمنطقة.

وبنجاحها في مواجهة المدّ الإرهابي لـ”بوكو حرام” في منطقة أقصى الشمال، تشكّلت منذ نحو عام لجان “اليقظة” في مساجد العاصمة ياوندي، وبما أنّ الوجوه التي غالباً ما ترتاد كلّ مسجد تكون مألوفة، فإنّ أعضاء تلك اللجان تتمكّن بيسر من التعرّف على الأشخاص الجدد في المكان، والقيام في مرحلة موالية بمطالبتهم بإثبات هويتهم، وفي حال توافر ما يثير الريبة، فإنه يقع إبلاغ قوات الأمن بالأمر، بحسب إمام العاصمة الشيخ موسى إبراهيم.

لكن ومع تغيير التنظيم النيجيري لأهدافه، متحوّلاً من الأسواق نحو المساجد، أضحى من الضروري تكثيف التدابير الوقائية، ووفقاً لمصدر أمني كاميروني، فقد قتل، مؤخراً، 6 أشخاص على الأقلّ في هجوم انتحاري استهدف مسجداً بإحدى قرى الشمال الكاميروني من قبل “بوكو حرام”.

قبل ذلك، استهدف مسجد في بلدة “كويابي” بأقصى الشمال، بهجوم انتحاري مماثل، خلّف 13 قتيلاً وجريحاً، لترتفع بذلك حصيلة الهجمات التي استهدفت الكاميرون، منذ مطلع العام الجاري، من طرف “بوكو حرام إلى 15، بحسب وزارة الاتصالات في البلاد.

وإجمالاً؛ قتل نحو ألف و98 مدنياً و67 عسكرياً و3 من عناصر الشرطة، في هجمات وانتهاكات استهدفت منذ عام 2013م منطقة أقصى الشمال الكاميرونية من قبل “بوكو حرام”، كما شهدت هذه المنطقة المحاذية لنيجيريا منذ العام نفسه 315 هجوماً إرهابياً للمجموعة المسلحة، و13 حادثاً منجمياً، و32 تفجيراً انتحارياً، بحسب المصدر نفسه.

Exit mobile version