ولى العهد: الكويت تجاوزت رياح الفتنة بتماسك جبهتها الداخلية وصلابة شعبها

تحت رعاية حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وبحضور سمو نائب الأمير وولي العهد الشيخ نواف الأحمد، أقيم بقصر بيان ظهر اليوم حفل افتتاح المؤتمر الثامن لرؤساء البعثات الدبلوماسية الكويتية.

وألقى سموه كلمة بهذه المناسبة وفيما يلي نصها:

“بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أصحاب السمو والمعالي والسعادة..

أبنائي وبناتي رؤساء بعثاتنا الدبلوماسية..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يسعدني أن ألتقي بكم اليوم في بداية أعمال مؤتمركم الثامن، أن أنقل إليكم تحيات حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وتمنيات سموه لمؤتمركم التوفي والسداد.

أبنائي وبناتي..

تنعقد أعمال مؤتمركم بعد أن دخلت منطقتنا والعالم أجمع في ظل أوضاع سياسية وأمنية خطيرة هددت كياننا وقوضت أمننا وأشغلتنا عن جوهر قضايانا.

لقد وصف البعض تلك الأوضاع الخطيرة بأوصاف عدة، فكان من وصفها بـ”الربيع العربي”، إلا أنها في حقيقة الأمر قد أدت إلى إدخال منطقتنا في حسابات معقدة، وفتحت المجال لعدم الاستقرار، واليوم ندخل مرحلة جديدة نعدل فيها مساراتنا على ضوء تجارب الماضي نتعايش فيها المواجهة مع قوى تستهدف أمننا واستقرارنا والمساس بمصالحنا.

ونعمل على مجابهة تلك القوى منطلقين من أساس صلب في بعده الخليجي والعربي والدولي، لنؤكد للعالم أجمع أننا قادرون على التماسك وتوحيد كلمتنا والتحرك في إطار جماعي مؤثر وفاعل لتحقيق أهدافنا وتلبية طموحاتنا.

ولاشك أنكم تدركون أبعاد هذه المرحلة وما تفرضه من عمل جاد ومتواصل لنصبح قادرين على التفاعل معها.

كما أن بلادكم والتي هي جزء من هذا العالم بكل متغيراته وأحداثه تعرضت لرياح الفتنة، ولكن تماسك جبهتها الداخلية ووعي أبنائها وما سطروه من صور التلاحم بينهم استطاعت معها تجاوز ذلك لتؤكد صلابتها وأصالة معدن شعبها.

إنكم مدعوون بأن تنقلوا للعالم صورة بلادكم المضيئة التي تنعم بالديمقراطية وتعيش أجواء الحرية وتحرص في تحركها الدبلوماسي في إطار ثوابت الشرعية الدولية وترسيخ أسس السلام وإشاعة المحبة بين الشعوب ورفع رايات العمل الإنساني ليكون له الأهمية القصوى في ذلك التحرك.

كما أن بلادكم تولي قضايا حقوق الإنسان ما تستحقه من اهتمام ومتابعة، وتحرص على الدفاع عنها والتجاوب مع جهود المجتمع الدولي في الحفاظ عليها، فضلاً عن جهودها في تحقيق التنمية المستدامة للدول النامية.

كما أنكم مدعوون لتؤكدوا للعالم أيضاً بأن بلادكم ستبقى حريصة على الوفاء بهذه الالتزامات بكل عزم وإصرار.

أبنائي وبناتي، إن الأحداث التي يشهدها اليمن اليوم تهدد أمن واستقرار دولنا وتنذر بتداعيات خطيرة على منطقتنا، ولقد بذلت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية جهوداً كبيرة ومتواصلة حتى لا تصل الأمور إلى ما وصلت إليه، وتوجت هذه الجهود بإطلاق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية والتي وافق عليها كافة أطياف المجتمع اليمني، وتم تبنيها من مجلس الأمن الدولي، إلا أن تطبيق هذه المبادرة قد واجه صعوبات كبيرة؛ بسبب تعنت الحوثيين واستيلائهم على الشرعية وتطبيق سياسة الأمر الواقع عبر القوة العسكرية لتعصف بأمن واستقرار اليمن وتهدد أمن دول مجلس التعاون عبر الحشود والمناورات العسكرية والاعتداءات على المملكة العربية السعودية الشقيقة، وتجاهل كافة الجهود السلمية ليستمر الواقع الأليم والتهديد السافر لأمن دولنا، وإزاء كل ذلك وتطبيقاً لمعاهدة الدفاع الخليجي المشترك ومعاهدة الدفاع العربي المشترك و(المادة 51) من ميثاق الأمم المتحدة فقد استجابت دولة الكويت لنداء الواجب وشاركت مع أشقائها في دول المجلس وبقية دول التحالف في التصدي لهذا العدوان ومحاولة إعادة الشرعية إلى اليمن الشقيق.

إن موقف دولة الكويت في هذه الأحداث قد أملاه التزامها بالمواثيق والاتفاقيات الدولية والمبادئ التي تؤمن بها والقائمة على احترام الشرعية الدولية ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام خيارات الشعوب والحق في الدفاع عن الأمن بعيداً عن الطائفية البغيضة والفئوية الخطيرة.

لقد جاء اعتماد مجلس الأمن لقراره (رقم 2216) بتاريخ 14 أبريل 2015م ليؤكد صحة التوجه الخليجي وسلامة تحركه لاحتواء هذه الأزمة، كما جاء شاهداً على وقوف العالم إلى جانب التحرك الخليجي والدول المتحالفة معه في مواجهة قوى الحوثي والجماعات المناصرة له والتي تسعى لإبقاء الشعب اليمني الشقيق أسيراً لقوى الجهل والظلام.

أبنائي وبناتي..

إننا نسعى جميعاً إلى بذل الجهود لضمان العيش الكريم للمواطن الكويتي، نوفر له الرعاية والعناية التي يستحقها، وأنتم جزء من هذه الجهود في القيام بواجبكم على أكمل وجه في مواقع عملكم المختلفة لتوفير الرعاية له والوقوف على مشكلاته والسعي لحلها عبر التواصل معه وتسهيل وجوده في الدول المعتمدين لديها، إضافة إلى رعاية المصالح الكويتية في هذه الدول، إن هذا الواجب لا مجال فيه للتقاعس ويبقى هدفاً أصيلاً نسعى لتحقيقه للحفاظ على المكانة التي نتطلع أن يحتلها المواطن الكويتي والدرجة العالية من الرعاية والحفاظ على مصالح بلدنا الحبيب.

وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ وطننا ويديم عليه نعمة الأمن والاستقرار والازدهار في ظل قائد مسيرتنا وراعي نهضتنا حضرة صاحب السمو حفظه الله ورعاه وأن يبعد الأخطار عن دولنا الخليجية والعربية وأن يحقق مؤتمركم ولقائكم أهدافه المنشودة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

Exit mobile version