أبشر أخي المريض.. فأنت حبيب الله

لنتأمل عظيم بلاء أيوب:

لنتأمل عظيم بلاء أيوب:

فَقَدَ ماله كله وأهله.

مرض جسده كله حتى ما بقي إلا لسانه وقلبه.

رغم ذلك إلا أنه كان يمسي ويصبح وهو يحمد الله.

يمسي ويصبح وهو راضٍ عن الله.

آمن بأن الأمور كلها بيد الله.

فصبر صبراً حتى صارت حكمة “صبر أيوب” تملأ الكون كله.

نادى ربه بكلمات صادقة: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

فكشف الله ضره وأثنى عليه فقال: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ {44}) (ص).

نال التكريم والتشريف من ربه بشهادة “نعم العبد”.

وقد ورد في بعض الآثار.

يا ابن آدم:

البلاء يجمع بيني وبينك.

والعافية تجمع بينك وبين نفسك.

فسبحان من كانت رحمته بعباده أن جعل البلاء يربطه بهم.

ويجمع بينه وبينهم لينال المبتلى من الله تعالى شرف الجمع معه ورحمات القرب به.

جائزة ربانية

قال الله تعالى: (إ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {10}) (الزمر).

وقد جاء عن ابن جزي: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب؛ هذا يحتمل وجهين؛ أحدهما: أن الصابر يوفى أجره ولا يحاسب على أعماله، فهو من الذين يدخلون الجنة بغير حساب، الثاني: أن أجر الصابرين بغير حصر بل أكثر من أن يحصر بعدد، أو وزن، وهذا قول الجمهور.

رسالة أخيرة

وهذه رسالة إلى كل مُبتلى، وكل الناس مُبتلى ومُصاب:

اصبر.

هوّن على نفسك.

ارفع لله يدك.

استبشر.

بلاؤك فيه الخير.

لا تقلق منه ولا تجزع ولا تيأس.

فمهما كانت شدة البلاء سيأتي الفرج من الله لا محالة.

اصبر.

هوّن على نفسك.

متاع الدنيا قليل.

والآخرة خير وأبقى.

وأذكرك ونفسي أيها المبتلى بمرضك.

أن محمد بن شبرمة كان إذا نزل به بلاء، قال: “سحابة صيف ثم تنقشع”.

فكن كابن شرمة.

ردد دوماً وقل:

إنها السحابة إنها السحابة.

ستنقشع وربي ستنقشع.

درر مهمة

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول: “ما ابتلى الله عبداً ببلاء وهو على طريقة يكرهها، إلا جعل الله ذلك البلاء كفارة وطهوراً ما لم ينزل ما أصابه من البلاء بغير الله عزَّ وجلَّ أو يدعو غير الله في كشفه”.

البلاء يُبلغك المنازل العلا، برفقة النبي محمد، فالعبد تكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بعمل، فما يزال الله يبتليه بما يكره، حتى يبلغه إياها.. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: “إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها”.

مات عبدالله بن مطرف، فخرج مطرف على قومه في ثياب حسنة وقد ادهن، فغضبوا وقالوا: يموت عبدالله ثم تخرج في ثياب مثل هذه مدهناً؟!

قال: فأستكين لها وقد وعدني ربي تبارك عليها ثلاث خصال، كل خصلة منها أحب إليَّ من الدنيا كلها؟! قال الله عزَّ وجلَّ: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ {156} أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {157}) (البقرة)؛ فأستكين لها بعد هذا؟ (صفة الصفوة، 2:132).

أحسن في الله الظن، وثِق في حدوث الفرج منه، وكن مطمئناً لذلك تماماً.

وإذا رأيت أمراً لا تستطيع غيره؛ فاصبر وانتظر الفرج.. قال تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً {5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً {6}) (الشرح).

 

 

Exit mobile version